الاشارة حمراء دائما: فرض الحصار على "الشيخ سعد" خلافا لقرار محكمة العدل العليا

آفي يسخروف وعاموس هرئيل: هآرتس

يمنع جهاز الأمن سكان القرية الفلسطينية الشيخ سعد من الخروج من القرية بالسيارات. وقرابة نصف سكان القرية، التي تقع شرقي القدس، ممنوعون أيضا من الخروج من القرية سيرا على الأقدام في الطريق المرتبة، كونهم لا يحملون بطاقات هوية إسرائيلية. الحظران ينطبقان في كل ساعات اليوم وبشكل دائم – خلافا لقرار محكمة العدل العليا. ولشدة السخافة، فإن اشارة ضوئية يشتعل فيها الضوء الاحمر فقط نصبت على مدخل القرية.

اضافة اعلان

الشيخ سعد محاصرة بجدار الفصل من الجانب الغربي وبواد عميق من كل باقي جوانبها – هو جدول كدرون. ونحو 3 آلاف من سكان القرية منقطعون عمليا عن المحيط الخارجي، بعد تحديد مسار جدار الفصل الذي فصلهم عن قرية جبل المكبر، التي توجد في النطاق البلدي للقدس. وبينما لا يستطيع نحو 1800 من السكان ممن يعتبرون من سكان القدس ويحملون بطاقات هوية زرقاء الخروج بسياراتهم إلى العاصمة. فإن نحو 1200 من السكان الذين يحملون بطاقات هوية فلسطينية، لا يستطيعون الخروج من الحاجز حتى سيرا على الأقدام. وعليهم أن يسيروا في الوادي العميق وأن يتسلقوا الجبل، مسافة كيلومترات حتى القرية المجاورة، وذلك شريطة ألا تكون مياه الجدول تتدفق في الوادي.

في شهر آذار (مارس) من هذا العام قضت محكمة العدل العليا بأن تبقى القرية في الجانب الشرقي من الجدار، خلافا لطلب السكان. ومع ذلك، قضى القضاة بأن على السلطات الإسرائيلية أن تسمح لعبور مفتوح لكل سكان القرية باتجاه القدس، 24 ساعة في اليوم.

إضافة إلى ذلك تقرر أن يسمح بعبور السيارات باتجاه السواحل الشرقية. وكان الجسر الذي يربط بين القريتين تعرض للتفجير في العام 2001، ولم يرمم.

يشغل جهاز الأمن حاجزا واحدا فقط عند مدخل الشيخ سعد، من ناحية جبل المكبر، ولكنه يترك فيه ممرا للمشاة فقط. وفي المكان نصبت إشارة ضوئية وإلى جانبها يافطة تقول بأن "السفر مسموح فقط في الضوء الأخضر". السخافة هي أن الضوء الأحمر لا يتغير على مدى ساعات اليوم، ومجرد وجود الاشارة الضوئية سخيف، في ضوء حقيقة أن الحاجز مأهول بشرطة حرس الحدود.

كيف يخدعون محكمة العدل العليا؟

ي. أحد سكان القرية وعمره 40 سنة يبتسم عندما يسأل عن الاشارة الضوئية ويقول "حياتنا في الضوء الأحمر منذ ثلاث سنوات". وحسب أقواله لم تدخل ولم تخرج أي سيارة إلى "متسادا الفلسطينية".

جدار الفصل جعل الشيخ سعد قرية معزولة، منقطعة عن المكان الذي وفر لها على مدى السنين الخدمات البلدية – جبل المكبر. عمليا، لا دخول إلى الشيخ سعد لسيارات الإسعاف، أو لسيارات الإطفاء، أو لسيارات أي خدمات أخرى. ومن أجل السماح بدخولها يجب تنسيق وصولها مسبقا مع رجال الإدارة المدنية.

كما أنه محظور بشكل حاسم دخول سيارات توفر البضائع لسكان القرية. وترى الإدارة المدنية أنه يمكن جر كل شيء بالأيدي. وهناك مرضى، ومقعدون، ومقيدون آخرون مطالبون بالخروج سيرا على الأقدام عبر حاجز الإشارة الضوئية، ومن هناك يمكنهم أن يستقلوا السيارات. كما أن سكانا آخرين من القرية يوقفون سياراتهم في جبل المكبر، ويقطعون الحاجز سيرا على الأقدام لدى عودتهم إلى القرية.

جثة أحد سكان القرية كان توفي قبل بضعة أشهر جيء بها حتى حاجز الإشارة الضوئية، ومن هناك – ربما كون الضوء كان أحمر – نقلت بالأيدي إلى سيارة انتظرت في الجانب الآخر من الحاجز، في جبل المكبر.

مثل كل الخدمات البلدية للقرية، فإن الخدمات الصحية والتعليمية لسكان الشيخ سعد توجد في الجانب الغربي من الحاجز، في جبل المكبر. ورغم ذلك، فإن السكان لا يمكنهم الخروج في سياراتهم إلى صندوق المرضى مثلا. وإذا ما كسر أحد السكان رجله فإنه سيكون مطالبا بأن يشق طريقه إلى المستوصف في جبل المكبر بعد أن يقطع حاجز الاشارة الضوئية سيرا على الأقدام. ويلقي السكان القمامة في أطراف القرية، حيث يحرقونها.

السخافة لا تنتهي هنا. بعض المنازل مبنية داخل النطاق البلدي للقدس، ولهذا فإن أصحابها ملزمون بدفع الأرنونا ( ضريبة المسقفات). ورغم ذلك، فهم غير مخولين بالطبع للخروج في سياراتهم نحو القدس. لماذا؟ من الصعب الشرح.

حيم ارليخ من جمعية "عير عميم"، يرافق السكان على المستوى القانوني منذ العام 2005، ويقول إن السكان فرحوا في وقت مبكر جدا. ويضيف "عندما قررت لجنة الاستئناف لشؤون الأراضي في محكمة الصلح في بداية العام 2005 بوجوب إدراج القرية داخل نطاق القدس، واحتفلوا بالنصر، لكن السلطات قامت على الفور بتركيب الاشارة الضوئية عند مدخل القرية".

فضل، وهو أحد سكان الشيخ سعد، يقول بأنه قبل نحو شهرين عانى أحد السكان من نوبة قلبية. "استدعينا سيارة إسعاف، ولكنها تأخرت في حاجز الإشارة الضوئية. الشرطي في المكان لم يكن مستعدا لأن يدخلها بأي حال من الأحوال، وعندها طلب سائق سيارة الإسعاف الدخول سيرا على الأقدام. وحتى هذا رفضه الشرطي. وتجادل معه وأبلغه بأنه يدخل على مسؤوليته فقط، ولكن إلى أن وصل كان المريض قد توفي".

العقيد احتياط شاؤول ارئيلي من مجلس السلام والأمن يقول إنه في هذه الحالة أيضا يلغي جهاز الأمن عمليا قرار محكمة العدل العليا. وحسب ارئيلي فان الجهاز يدفع فقط مزيدا من الفلسطينيين إلى الهجرة في داخل نطاق القدس، ويمس بالمصلحة الإسرائيلية على المستوى الديموغرافي.

وعقبت مصادر أمنية بالقول إن البوابة بالفعل مفتوحة 24 ساعة في اليوم، ولكنهم لم يوضحوا لماذا يسمح فقط لنصف السكان بعبورها. الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي وجهنا لتلقي رد الفعل من الشرطة. وقال مسؤولون في شرطة لواء القدس إن "الشرطة تعمل حسب قرار محكمة العدل العليا الذي قررت فيه القاضية بينش بأن المعبر (في حاجز الإشارة الضوئية) سيواصل العمل في نفس الصيغة كما في الماضي، بمعنى، للمشاة فقط. ومع ذلك، بدأت عملية شق طريق التفافي يسمح بخروج السيارات من القرية باتجاه السواحل الشرقية".

وتجدر الإشارة إلى أن قرار محكمة العدل العليا بالفعل سمح لجهاز الأمن بعدم السماح بحركة السيارات في الحاجز، ولكنه أوضح بأنه يجب السماح لسكان القرية بالعبور في السيارات باتجاه السواحل الشرقية في طريق بديل. فضلا عن ذلك، قضى قرار المحكمة بأن إبقاء الجدار في المسار الحالي مشروط بأن تبقى بوابة الحاجز مفتوحة 24 ساعة في اليوم "لكل السكان".

كما أسلفنا، لا توجد طريق للوصول إلى السواحل الشرقية مثلما أمرت محكمة العدل العليا كون الجسر على وادي كدرون فجر قبل تسع سنوات. وفي المنطقة التي هدم فيها الجسر يمكن العبور فقط بسيارات جيب من ذوات الدفع الرباعي.

الناطق بلسان حرس الحدود، المقدم شرطة موشيه بنتشي أفاد معقبا بأنه "حسب سياسة جهاز الأمن فإن العبور في الحاجز هو للمشاة فقط. وذلك باستثناء حالات الطوارئ وحالات انسانية. كما أن ممر المشاة مسموح فقط لأصحاب الهوية الزرقاء وبالطبع لرجال المنظمات الدولية.