الرسالة الملكية وارتباك القراءة الإعلامية

استندت جميع أطراف السجال العام على الرسالة الملكية للتأكيد على وجهات نظرها المختلفة، في وقت برز فيه تيار يريد أن يوظف الرسالة الملكية بشكل يرتبط بمصالحه الخاصة.

اضافة اعلان

بل وصل الأمر ببعض رموز السياسة الأردنية بالدعوة الى معاقبة الصحافيين والكتاب الذين "شككوا بالمسيرة". فقد حاولوا جعل رسالة الملك فرصة لتصفية قوى الإصلاح الديمقراطي. لكن لم يكن في رسالة الملك أي دعوة لمنع النقاش العام في جميع السياسات العامة. وذهب الملك أبعد من الجميع عندما أكد الحق في التعبير عن الاختلاف مع السياسات العامة.

رسالة الملك واضحة، لكنّ هناك قوى وكتابا مرتبطين بمدارات سياسية معينة، قدموا قراءة تعسفية للخطاب من أجل توجيهه لخدمة أجندات خاصة ولإسكات الصوت الإصلاحي الديمقراطي. ومن الواضح أنّ هذا يتصادم مع أهداف المقابلة، وقد أرسل الملك برسالة أخرى، عندما بعث بتعليق على الموقع الالكتروني لإحدى الصحف اليومية، للتأكيد على أن للمواطن الحق في التعبير، والتعليق بأسماء صريحة، من دون أن يكون ذلك مدعاة لملاحقته.

أسوأ ما في الأمر هو التعامل مع خطاب الملك وكأنه انتصار لجهة ضد جهة، في وقت تكشف قراءة ما بين السطور أن مقابلة الملك أبعد بكثير من محاولة بعض الكتاب اختزالها في تفسيرات لا تخلو من طابع التشفي ضد من كان له موقف اصلاحي يتعلق بنقد غياب الشفافية، أو حتى من كان ينتمي لمدرسة اقتصادية تختلف مع السياسات العامة في بيوعات أملاك الدولة.

هل يحق للبعض الاختلاف مع استراتيجية بيع ممتلكات الحكومة؟ نعم، لكن مسألة البيع حسمت في خطاب الملك مع تأكيد جلالته أنّ السجال الصحيح ينبغي أن يتجه إلى موضوع الشفافية وحق الجميع في السؤال عن العوائد من هذه العملية. وفي مجمل النقاش العام، كان هناك إجماع على أن غياب الشفافية كان البيئة الخصبة للشك، وهذا أمر مفهوم.

على الحكومة أن تدرك أن الشفافية هي المطلوبة. وهذا ما حدث عند تحرير أسعار المشتقات النفطية إذ تقبل الجميع ذلك. المطلوب انتهاج نفس الاستراتيجية وعدم التأخير في توفير المعلومات حتى تخضع للنقاش العام. فالشعب لا يقبل بمنطق الوصاية، ولا بمنطق أن هناك من هو أكثر ذكاء من الشعب، أو أن هناك فيروسا في الشعب اسمه "الحساسية من الأذكياء". 

الأمر بحاجة الى مراجعة من الجميع. ومن دون شك فإنّ تراجع أحد الكتاب الذي تبنى فكرة أن الخطاب هو "توبيخ مستحق لتيار معين"، وأن الرسالة انتصار لطرف ضد آخر، هو شيء يستحق التشجيع والتعميم عسى أن ينسحب على الجميع الذين ذهب أحدهم الى مستويات عرفية في النظرة إلى الإعلام والصحافة.

[email protected]