"العم موسى" يصل بالطلاب إلى رصيف الأمان منذ نحو ثلاثين عاما (فيديو)

ديمة محبوبة

عمان- بابتسامة لا تغادر وجهه، يقف متأهبا، يرفع الشارة للسائقين، فتتوقف السيارات على الفور، يمسك الأطفال، يقطع بهم الشارع، يوصلهم للمدرسة، يطمئن عليهم، تنتهي مهمته مؤقتا ليعود عند انتهاء الدوام المدرسي بالمهمة ذاتها.
موسى الزويري، أو "العم موسى"، صديق طلبة مدارس منذ نحو 30 عاما، أفنى حياته من أجل أطفال بحاجة لمن يمسك بايديهم نحو بر الأمان، ويحميهم من حوادث مرورية لا ترحم الصغير ولا الكبير ..
لم تقف الأحوال الجوية الصعبة في طريق عمله اليومي، بل عاند كل الظروف واستمر بعمله التطوعي لكي يؤمن على أطفال قد يكونون ضحية لتهور سائق أو طريق محفوف بالمخاطر.
وهو الذي شهد حادث دهس لطالب يبلغ من العمر 7 سنوات، قضى على أثره أمام زملائه وأصحابه.
العم موسى في ذلك الوقت تصرف بردة فعل تلقائية، محاولا تهدئة الطلبة وطمأنتهم، ومن ثم إدخالهم إلى المدرسة بعد الموقف المروع الذي شهدوه بوفاة زميل لهم على مرأى من أعينهم.
منذ لحظة وقوع الحادث، قرر موسى الزويري، معاونة الطلبة وتأمين دخولهم إلى مدارسهم، إذ يبدأ مبادرته منذ ساعات الصباح الأولى عند توجه التلاميذ إلى مدارسهم.
ويستهدف الزويري مدارس لا تهدأ فيها حركة السيارات، حيث يجمع التلاميذ على الرصيف، وبعدها يرفع شارة السير لإيقاف السائقين، ليعبر بمجموعة منهم إلى المدرسة، قبل العودة إلى أخرى، حتى يتأكد من دخول جميع الطلاب، أيا كان عددهم، إلى المدرسة بسلام.

العم موسى يساعد الأطفال في عبور الشارع - (تصوير: محمد مغايضة)
اضافة اعلان


"العم موسى" المعروف لدى الطلاب وأهالي المنطقة، أصبح وجها مألوفا ووجها يبعث على الراحة والأمان، وهو لم يبحث عن الشهرة في مبادرته التطوعية، بل كان هدفه هو طمأنة الأطفال، ومن نتائج هذه المبادرة، أن أمانة عمان تحركت وأنشأت جسرا للمشاة عند بعض المدارس، لينتقل بعدها إلى مدرسة أخرى حتى يحمي الأطفال الذين يدرسون بها، وهكذا عمل خلال العقود الثلاثة الماضية.
ولا ينكر "العم موسى" بعض الصعوبات التي تواجهه خلال القيام بهذا العمل اليومي خصوصا الظروف الجوية سواء الحارة أو الباردة والماطرة، إضافة إلى تعليقات السائقين والمارة، التي قد تكون جارحة في بعض الأحيان، لكن في الوقت ذاته هناك تقدير من كثير من السائقين والأهالي والطلاب.
وتلقى العم موسى دعما من وزارة التربية، خصوصا حين شكل ودرب عددا من فرق الإرشاد المروري من طلبة وطالبات المدارس الأكبر سنا لمساعدة زملائهم على العبور الآمن، وأصبح بذلك صديق الأطفال حتى أنهم يبعثون له رسائل شكر أو رسومات مهداة إليه.
ويعمل الزويري على توعية طلاب وطالبات المدارس إلى أهمية الانتباه عند استخدام الطريق، وضرورة الحذر عند قطع الشارع وأثناء السير، فيما ساهم عمله بتغيير طريقة تعامل العاملين بالمدارس التي عمل معها نحو هذه القضية، إذ أصبح المعلمون وكذلك الطلبة أكثر وعياً وأصبحوا نواة اللجان المرورية في المدارس التي تعمل على الحماية والتوعية.
وساهم عمله أيضا في تشكيل لجان هدفها التوعية في المدارس المختلفة، كما أن الحوادث المرورية باتت موجودة في المدارس التي تُطبق فيها مساهمته.
ويشير "العم موسى" إلى أهمية عمله التطوعي، في ظل ارتفاع عدد الحوادث المرورية، وآثارها من إصابات ووفيات، إذ أصبحت الحوادث المرورية من التحديات التي يواجهها الأردن.
ويسعى الزويري إلى تشكيل لجان مرورية من طلاب كل مدرسة لتساهم في توعية ومساندة الطلاب على عبور الشارع، وكذلك زيادة مستويات الوعي العام بالأمور المرورية والحفاظ على أرواح الطلاب من الخطر، مشيرا إلى أهمية أن يصبح السائقون أكثر حذرا أمام المدارس، ويكون عقابهم شديدا في حالة الخطأ، وأن يكون الأردن أحد أقل الدول من حيث معدل حوادث السيارات.

;feature=youtu.be