المزيد من ذات الشيء

معاريف

يوسي ميلمان

"داوس اكس مكينا" هو تعبير لاتيني يعود الى المسرح اليوناني ومعناه "الى داخل الآلة". وهو تعبير يصف وضعا في الدراما يدخل فيه الكاتب الى الحبكة عنصرا اضافيا لا ينبع من تسلسل  الاحداث، كي يحل مشاكل في الحبكة. وهذا بالضبط ما يحتاجه الطرفان مسيس الحاجة من أجل منع حرب استنزاف في غزة، لا يحمد عقباها.اضافة اعلان
المحادثات على وقف نار/هدنة/ترتيب/اتفاق نحيف/اتفاق بعيد المدى – ليس مهما كيف تسميه – انهارت أمس. قبل ثماني ساعات من انتهاء الهدنة الثامنة (من يعد على الاطلاق)، اطلق ثلاثة صواريخ جراد نحو إسرائيل. من أطلقها – وهذا ليس مهما اذا كانت حماس أم لجان المقاومة الشعبية بالهام من حماس – عرف ما يفعله وما سيحققه.
كان هذا استفزازا مكشوفا، يستهدف جر إسرائيل الى الرد. وبالفعل ردت إسرائيل كما كان متوقعا – هجمات من الجو. الاهداف التي هوجمت لم تكن، على الاقل في الساعات الأولى، "نوعية". ويسمي المحللون الساخرون هذه بانها "هجمات عقارية". بمعنى هجمات غايتها الحاق ضرر بالاملاك، ولكن ليس بكثير من المصابين. وذلك من أجل نقل رسالة الى الطرف الاخر، دون اغضابه أكثر مما ينبغي. وان كان من غير المستبعد ان تشدد إسرائيل الهجمات وعندها لن يكون مفر أمام حماس غير اطلاق الصواريخ الى ما بعد 40كم ايضا. وبالفعل، قبل الساعة 23:00 حصل هذا. صاروخ أو اثنان اطلقا نحو غوش دان.
فأي بديل بقي للحكومة الآن؟ مرة اخرى تجنيد الاحتياط؟ مرة اخرى دخول بري الى غزة؟ ومرة اخرى معضلة، هل السير حتى النهاية، اسقاط حكم حماس واحتلال القطاع الذي لا أحد في العالم يريد أن يكون مسؤولا عنه.
كما أن السؤال لماذا حصل هذا، ليس مهما جدا. هذا حصل لان الطرفين يتمترسان في مواقفهما ويرفضان المساومة، كي لا يسمحا للطرف الاخر بالخروج من المعركة بينما نصف ما يطلبه في يده.
رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع موشيه بوغي يعلون سارعا، كما كان متوقعا الى اعادة الوفد من المحادثات في القاهرة. فقد أوضحت اسرائيل بانها لن تجري مفاوضات تحت النار. كما أن الوفد الفلسطيني هو الاخر سيغادر اليوم. اما السياسيون، كما كان متوقعا، فسارعوا هم أيضا الى الرد. في استديوهات التلفزيون.
حرب غزة المستمرة يمكن منذ الان تقسيمها الى أربع معارك فرعية. واحدة عسكرية؛ الثانية اقتصادية – الاقتصاد آخذ في الضرر؛ الثالثة هي الضربة في الجبهة الداخلية – اساسا من حيث الحياة الطبيعية للمواطنين والتأثير النفسي عليهم؛ وتوجد معركة اخرى – حزبية في جوهرها.
لم يسبق أن كانت حرب يكون فيها السياسيون الحزبيون (ليس الجميع بالطبع) – والاخطر، وزراء في المجلس الوزاري، اولئك الذين يفترض أن يأخذوا القرارات – يخوضون بانتهازية حملة انتخابات على ظهر الجنود الذين يقاتلون في الجبهة، على حساب الموتى، على حساب الجمهور المشوش بشكل عام وسكان الجنوب اليائسين، وعن حق، بشكل خاص. على رأس الوزراء تسير تسيبي لفني، نفتالي بينيت، افيغدور ليبرمان وجلعاد أردان.
هذا ما كان لنا حتى الان. والان السؤال، ماذا سيكون؟.
أحد لا يعرف. على ما يبدو المزيد من ذات الشيء. ليس حرب استنزاف تماما، بل حرب استنزاف صغرى، يحاول الطرفان فيها اظهار بعض ضبط النفس. وبالتأكيد الخطر هو ان يخرج الامر من سيطرتهم. كم من الوقت يمكن لهذا أن يستمر؟ ليس كثيرا. بعد اسبوعين ستبدأ السنة الدراسية. وحتى ذلك الحين سيبقى الاقتصاد يعرج والحكومة تتمنى ان يظهر كيفما اتفق الرب المخلص لينقذ الطرفين من مصيرهما.