تدخل الآباء باختيارات الأبناء.. "حرص" يهدد سعادتهم

Untitled-1
Untitled-1

مجد جابر

عمان- في الوقت الذي تعرف فيه ابراهيم أحمد على الفتاة التي تمنى أن تكون شريكة حياته المستقبلية، وقرر أن إخبار عائلته من أجل البدء بخطوات رسمية؛ تفاجأ بردة فعل والدته التي ما أن علمت أنها تكبره بثلاث سنوات حتى تملكها الغضب ورفضت الموضوع تماما.اضافة اعلان
استغرب ابراهيم من والدته التي رفضت حتى التعاطي مع الموضوع، واتهمته أنه شخص غير مدرك ابدا لخياراته، مبينة له أن الأصل أن يأخذ فتاة تصغره بالعمر لكي تتمكن من الانجاب بعيدا عن احتمالات قد تمنعها من ذلك.
ولا ينفي ابراهيم أنه في البداية أخذ بكلام والدته وفكر فيه، وتردد بعض الشيء، غير أنه اقتنع أنه المسؤول عن خياراته وأنه ما يهمه أن تكون شريكته على توافق فكري معه ويعيشا حياة هانئة وسعيدة، لذلك لن "يفرط بها" على حسب تعبيره.
ولعل ما حدث مع ابراهيم يختبره العديد من الشباب، حينما تأتي لحظة التصادم مع الآباء عند اختيار شريكة العمر، وقد تكون مواصفاتها غير مرضية لهم ولا تتناسب مع توقعات الأهل، وهو ما يرفضه الابن الذي جاء اختياره عن قناعة شخصية، وتبدأ هنا الخلافات تكبر، بسبب تعنت كل طرف برأيه.
لا يدرك الأهل أحيانا أن من حق الشاب اختيار الفتاة التي يراها شريكة مناسبة له ومتوافقة معه فكريا، وإن كانت مواصفاتها "لا تتفق" مع شروطهم، وفق خبراء.
وواجه أنس عوض موقفا مشابها حينما أخبر والديه بأنه وجد شريكة حياته والفتاة التي تناسبه، غير أنهما حينما علما أن الفتاة "منفصلة"، اشتعل الغضب لدى العائلة، ولم يتم الالتفات أبدا إلى صفات الفتاة الايجابية، وأصبح التركيز على هذه النقطة تحديدا.
ويضيف أنه استمع لعائلته في اطار المعقول، الا أنه لم يتأثر بكلمة واحدة، إذ أخذ قراره ولن يتراجع عنه، متمنيا عليهم أن يتفهموه ويؤمنوا بخياراته. ويستغرب أنس من عقلية الآباء أحيانا التي تلقي أحكاما من بعيد، مبينا أن تعرض الفتاة لتجربة سابقة لا ينبغي أن يقلل منها على الإطلاق.
ويدرك ابراهيم حرص والديه وخوفهما عليه، لكنه في الوقت ذاته لم يعد صغيرا وبامكانه اختيار شريكة حياته، وهذا ليس دور عائلته، لذلك القرار في النهاية يعود له.
في ذلك، تذهب دكتورة الإرشاد التربوي والنفسي والمتخصصة في العلاقات الزوجية سلمى البيروتي، إلى أن الأهل عادة ما يبحثون على أفضل الخيارات لأبنائهم وفق معطيات محددة، مثل التوافق الاجتماعي والثقافي والمادي.
وهذا الشيء وليس بالأمر الخاطئ، الا أن المشكلة تبدأ اذا كانت الفتاة من اختيار الشاب ولم تعجب الأهل، خصوصا مع غياب التقبل لشخصها والرفض التام لها والبحث عن سلبياتها فقط!
وتشير البيروتي الى أن رأي الأهل مهم جدا، غير أن الاختيار يعود للشاب، فما يراه بالفتاة قد لا يتطابق مع ما تراه العائلة، مبينة أن الشباب اختلفت طريق تعارفهم وهو الأمر الذي قد لا يتقبله الأهل في الوقت الحالي.
وتعتبر أنه لا بد من فتح باب النقاش والحوار بين الابن والأهل قبل الزواج لمعرفة ما هي مخاوفهم والأمور التي تشعرهم بالقلق من هذا الزواج، ويتم النقاش بكل احترام ووضوح، بعدها إذا شعر الشاب أنه ما يزال متمسكا بالفتاة، أن يشرح أسبابه ويقنع والديه، وبذات الوقت يبين لهم الحب والاحترام لآرائهم.
وفي ذات الوقت لا بد أن يكون للشاب شخصيته المستقلة ووضوح في أسباب تمسكه في الفتاة، والتسلح بالمهارات والمعرفة العميقة، وأن يتمتع بالصراحة في التعامل والثقة، خاصة في ما يتعلق بحاجاته وعلاقاته النفسية المعنوية العاطفية وتوقعاته، إذ أن اختلاف التوقعات عادة ما تتسبب بالخلاف.
وتضيف البيروتي أن الأهل لا يكونون دائما على صواب بآرائهم، وإنما يرون الأمور بطريقة مختلفة، لافتة إلى أن كل شخص قادر اليوم على أخذ قراره وتحمل نتائجه، وعلى الأهل الإيمان بأبنائهم وترك الحرية لهم في اتخاذ القرار.
الخبير الأسري ومدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان يرى أن للزواج الناجح مقومات منها التوافق الفكري والاجتماعي والقدرة على الانسجام، وادراك نفسية الآخر والمستوى التعليمي والثقافي، وبقدر ما يكون الطرفان أكثر تقاربا من نواحي عديدة تكون الفرصة أكبر لنجاح الزواج.
ويشير سرحان إلى أنه غالبا ما يفضل الشاب الزواج من فتاة تصغره عمرا، وبمستوى اجتماعي قريب منه، كما أن البعض لا يجد حرجا بالزواج من فتاة أكبر سنا، وذلك لغلبة بعض المواصفات على جانب العمر، وقد يرى الأهل والأصدقاء في ذلك نوع من الغبن، حيث أن العرف الاجتماعي يفرض أن تكون الزوجة أصغر عمرا.
إلى ذلك، يقلق الآباء عادة من موضوع الانجاب، وقضية عمر المرأة، وكذلك الحال بالنسبة لزواج الشاب من امرأة منفصلة تكون فيها نظرة سلبية عادة، حيث يفضلون أن يتزوج ابنهم من فتاة لم يسبق لها الزواج.
ويرى سرحان أنه في كل الأحوال دور الأهل ينبغي أن يكون مكملا لقناعة الأبناء وليس رئيسيا وأن يبذل الابن مجهودا لاقناع أهله في حال رغبته بالزواج من فتاة يعترضون عليها، مبينا أننا بحاجة في مجتمعنا الى ابقاء التواصل. ويضيف أن ما يميز مجتمعنا هو الاهتمام بالأسرة الممتدة وهذا بحاجة الى نوع من التفاهم والرضى ولو بالحد الأدنى بما يمنع حصول القطيعة داخل العائلة.