جمعة "مشمشية".. أبطالها الحكومة و"الضمان"

للوهلة الأولى، يُخيل للمتابع أو المراقب أو حتى المواطن، بأن هناك حركة اقتصادية وتجارية نشطة تشهدها مختلف أنحاء المملكة، يتوقع قلة بأنها ستدوم لفترة طويلة، وأن "الدنيا قمرة وربيع"، والحكومة ماضية في الضرب على هذا الوتر.اضافة اعلان
الطفرة التي حدثت في السوق الأردني، خلال الفترة الحالية، سببها يعود إلى "هجوم" أكثرية الشعب الأردني للحصول على أموال تأمين التعطل عن العمل، والذي هو بمثابة "تأمين إدخاري"، والذي يأتي جراء القانون المعدل لقانون الضمان الاجتماعي.
ما تم صرفه من أموال المواطنين في المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، تحت بند ذلك "التأمين"، بلغ خلال شهر واحد فقط 88 مليون دينار، والمؤسسة نفسها تتوقع أنه سيرتفع إلى حوالي 150 مليون دينار مع نهاية الشهر الحالي.
إن هذا المبلغ، كفيل بتحريك السوق، الذي بقي راكدًا فترة من الوقت ليست بقليلة، لكن ما يدعو إلى الخوف أن هذه الفترة، أي انتعاش السوق، لن تطول، وكما يقول المثل الشعبي الدارج "جمعة مشمشية".
121 ألف مواطن (مؤمّن)، أقدموا على سحب "مدخراتهم"، التي وجدت بالأصل لتكون عونًا لهم عند التقاعد أو ما يُسمى بـ"الشيخوخة"… وحجة "الضمان"، ومن قبله الحكومة، هو صرف 60 بالمائة من ذلك "التأمين"، لغايات التعليم والعلاج.
بعد انتهاء تلك "الجمعة المشمشية"، سيعود المواطن، إلى عهده السابق، يئن جراء ضيق اليد وغلاء المعيشة، والمستفيد الأول والأخير، هي الحكومة، التي ستعود عليها تلك المبالغ، أضعافًا مضاعفة، أكثر مما تم "ضخه" في السوق، من خلال الضرائب، فضلًا عن استفادة بعض المستشفيات الخاصة وتلك المؤسسات التعليمية الخاصة.
حتمًا، ستسجل الحكومة ذلك "النصر" لها، والتي هي بالأصح عجزت عن تأمين تعليم جيد لأبناء الوطن، وكذلك علاجات وأدوية، كفلهما الدستور لجميع المواطنين الأردنيين.
تأمين "التعطل"، معمول به في كل دول العالم، التي تحترم وتُقدر مواطنها، لكن ما يحدث عندنا هو عبارة عن "ذر للرماد في العيون".. وأتحدى أن تكشف مؤسسة الضمان عن حجم المبالغ، التي تتحصل عليها، جراء ذلك "التأمين"، وما هي آلية تشغيلها، وكم هي قيمة الأرباح أو الفوائد التي تجنيها؟
الأصل، أن يكون مبلغ التعطل عن العمل، هو إدخار للمتقاعد يحصل عليه عندما يصل سن الشيخوخة، مضاف إليه الأرباح، جراء تشغيل أو استثمار ذلك المبلغ.
النقطة الثانية فيما يتعلق بـ"الجمعة المشمشية"، هي الزيادات التي أقرتها الحكومة، مؤخرًا، على رواتب موظفي القطاع العام والعسكريين، عاملين ومتقاعدين، وتدخل حيز التنفيذ مطلع العام المقبل، أي بعد ما يقرب من العشرين يومًا، لن تكون بأفضل من النقطة السابقة.
فالمواطن، عاملا كان أو متقاعدا، سينعم بـ"عسل" الزيادة فترة وجيزة، وبعدها سيعود يشكو قلة المال، وعدم القدرة على تأمين الحاجات الأساسية لبيته وأسرته.
مسكين هو المواطن، المُجبر على التعامل أو القبول بألاعيب وحيل الحكومة، التي لسان حالها هو الضحك والكذب على المواطن، فتارة تغريه ببضعة دنانير، هي في الأصل من حر ماله، اقتطعتها مؤسسة الضمان من راتبه ومن صاحب العمل، وتارة أخرى تقر له زيادة، بالكاد تكفي ثمن صفيحتي كاز أو أسطوانتي غاز، وتوهمه بأنها كافية، وتحمّله "جميلة" بأنها أقرت زيادة في ظل عجز الموازنة، وارتفاع المديونية.
مؤسسة الضمان والحكومة، وجهان لعملة واحدة، فالأولى تُساعد، عن سبق إصرار وترصد، والثانية، من خلال أهداف، غير بريئة، تعمل على إنقاذ الحكومة "العاجزة" عن توفير التعليم والعلاج للمواطن… ولهذا تراها مرة تُعدل قانون الضمان، وتسمح للمواطن بالحصول على "التداخل"، في حال كان يعمل بوظيفتين، ومرة ثانية تجيز له الحصول على مدخراته من تأمين التعطل عن العمل، بحجة علاج أو تعليم.
أما الحكومة، السلطة التنفيذية، فتغض الطرف عن قرارات تتخذها مؤسسة الضمان، والتعديلات التي تجريها كل فترة على قانونها، وستكون نتائجها سلبية على المواطن، ناهيك عن إجبار أو إقناع "الضمان" بشراء أو المساهمة في مؤسسات، خاسرة أو على وشك الخسارة.
الحكومة، تدفع المواطن دفعًا لعدم الثقة بـ"الضمان"، الذي يُفترض أن يكون حامي أموال الشعب!!.