زواج وسياسة

هنالك تشابه بين سلوكيات اجتماعية في المجتمعات الإنسانية وسلوكيات السياسيين، بصرف النظر عن المكان والزمان، لأنها طبائع بشر أيا كانت هُوياتهم الزمانية والمكانية.

اضافة اعلان

ومن هذا تشابه كبير بين سلوكيات رجل صاحب مواصفات متواضعة من حيث الشكل والمال والجاه يكون محظوظا نظريا إذا قبلت بالزواج به فتاة جميلة او ثرية او صاحبة جاه. فالناس تنظر اليه باعتباره رجلا محظوظا وأنه يملك ما لا يملكه آخرون.

هذا الزوج يعيش في داخله حالة عذاب، لأنه كلما نظر أحد إليه وإلى زوجته تخيل أن من ينظر يمارس مقارنة بين الزوج والزوجة نتيجتها أن الزوج لا يستحق، ولهذا يبقى الزوج المحظوظ مكتظا بعُقد النقص.

ولعله كلما خرجت زوجته الى السوق يفترض ان كل رجل ينظر إليها يتمنى أن يكون هو الزوج، ولهذا فالزوج يتمنى لو كان بيده إعدام كل الرجال في وطنه بمن فيهم الرجال الذين يظهرون على شاشات الفضائيات، وحتى لو استطاع إعدام الرجال فإن عقده ستمتد إلى النساء لأن كل واحدة تنظر اليه ستعتبره زوج الست، اي موظف برتبة وصلاحيات زوج.

وفي عالم السياسة والمال العام هناك اشخاص تحملهم ظروف غير سوية او تحالفات او معادلات تريد استبعاد الاقوياء الى مواقع لم يكونوا يحلمون بها، لكن المشكلة تكون فيهم وتسكُنُهم العُقد بأن اي شخص لديه مؤهلات او حتى تتحدث اوساط عن احتمال ان يصعد نجمه.

هذه العقد تجعلهم يفتحون حروبا وجبهات، بكل المستويات والأدوات حتى غير المحترمة، وأحيانا يعطون هذه الحروب أوصافا لا علاقة لها بالواقع. والمحرك الأساسي هو الخوف والرعب من الرحيل من الموقع, خوف من كل شيء حتى من غير المنافسين لكنهم محترمون لم يسلموا لمن قفز في العتمة والظرف الخاطئ الى مكان لا يستحقه.

لهذا ففي عالم الإدارة والسياسة، كلما كثرت من صاحب أي موقع التصفيات واغتيال الشخصيات او إبعاد أصحاب الكفاءة من كل مكان فإن هذا دليل على خوف حقيقي، وعدم ثقة بالنفس وشعور أن كل من حوله يهدد وجوده حتى وإن كانوا ليسوا كذلك. وكلما زادت المدة زاد الخوف حتى تجد أمامك أحيانا في ساحات معينة "حروبا قذرة".

فعندما يكثر الصخب وتكثر الشتائم وعمليات الاستهداف في مرحلة ما، فهذا دليل على ان فيها شخصا خائفا، لا يثق بنفسه، ويعلم أن وجوده مهما طال مهدد من اي شخص. وهذا لا نجده فقط في الدول المحكومة بانقلابات عسكرية تقوم بالقتل والاعتقال بل في مواقع من كل المستويات وفي كل الساحات. والقاسم المشترك الخوف والعقد الناتجة من معرفته الصادقة بأنه لا يستحق البقاء، ولهذا فهو يخاف من كل شيء، ويستخدم كل ما منحه له الموقع من أدوات ترغيب وترهيب وقدرة على الإبعاد أو تقريب لصغار القدرات وضعاف الشخصية لأنه يشعر أن الأمان في العلاقة مع من هم أقل منه في كل شيء حتى بمواصفاته الأخلاقية.

أينما ذهبنا في هذا العالم سنجد هذه النماذج التي تشبه الزوج المحظوظ، نظريا، لكنه في حالة قلق دائمة يكره كل الناس لأنهم يذكرونه بضعفه.

المواصفات النفسية والأخلاقية لأي صاحب موقع، ابتداءً من عريف صف مدرسي وحتى رئيس اميركا، لا تقل في اهميتها عن المواصفات الفنية. أما الصغار في تركيبتهم النفسية والأخلاقية فهم مشكلة، حتى لو كانوا اصحاب كفاءة، فكيف لو كانوا متواضعين في المجالين معاً؟

[email protected]