كورونا تطور الثقافات الاجتماعية والإنسانية

اجتهدت كل مؤسسات العالم الحكومية وغير الحكومية والمجتمع المدني والمراجع الطبية المختصة في جميع انحاء العالم كبيرها وصغيرها في الدفاع عن الكائن البشري بعد تعرضه لهجمات فيروس كورونا، الذي فاق رعبه رعب الأسلحة التقليدية وغير التقليدية بمدى خطورته وتهديده لحياة البشر دون تمييز بين إنسان وآخر لدينه او عرقه او لونه او انتمائه السياسي، واصبح كل إنسان يعيش على وجه الارض يعتبر نفسه هدفا محتملا للهجوم من قبل كورونا، الذي مكنه الله تعالى من تحدي قدرات البشر حتى الآن.اضافة اعلان
لقد توحدت الجهود البشرية في سابقة قلما حدثت بالتاريخ الإنساني لمواجهة المرض، وهي ظاهرة إنسانية تؤكد ان اهتمامات البشر متقاربة وحضاراتها الانسانية تراكمية ومتداخلة، وثقافاتهم عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن حياة البشر تعمل بنفس الاتجاه والوتيرة.
من تداعيات كورونا الايجابية ان جميع علماء الطب والأدوية والمختبرات في الشرق والغرب تعمل الآن ليل نهار على قدم وساق، وتتسابق للتوصل الى مضاد قاتل للفيروس يقي الكائن البشري من شر الموت شبه المحقق من هذا العدو.
لقد برزت مظاهر لبعض الثقافات الانسانية على سلوكيات وقائية واحدة يتم الالتزام بها طواعية من قبل الافراد والمجتمعات البشرية، وان جميع الجهات المسؤولة عن الوقاية الصحية تعمل بنفس الاتجاه وبتعاون منقطع النظير بين هذه الجهات.
في الأردن عمل الفيروس على تغيير سلوكيات وعادات اجتماعية مترسخة بالثقافة الاردنية كان يصعب تغييرها مهما كانت المبررات، إلا ان كورونا خلال أسبوعين خلق لدى مجتمعنا الأردني سلوكيات وعادات اكثر حضارية من ذي قبل، تعمل على حماية ووقاية الانسان الاردني وعدم تعرضه للمرض، ومن ذلك إلغاء عادات التقبيل والمعانقة والمصافحة وشرب القهوة مع الغير بنفس الفنجان واستعمال أدوات الغير والاهتمام بالنظافة" بالرغم من شح المياه في الأردن" والتعقيم الصحي لكل الأشياء، والالتزام بالإقامة والتقليل من التنقل غير المبرر والابتعاد عن الاكتظاظ وعدم نقل عدوى مرضية لأفراد الأسرة او للغير، وعدم التجمع في زيارات المرضى في المستشفيات، وغيرها من تطوير عادات حميدة اخرى.
كما حرك كورونا الاجتهادات الفكرية والعقلية للابتكار والابداع في مواجهة الأزمات العامة وإدارتها وإيجاد البدائل والخيارات لأي تحد مستقبلا يهدد المرافق الحيوية للإنسان في الدولة.
قامت الحكومة الاردنية بجهود مقبولة ورضى لدى الرأي العام الأردني بنسبة 71 ٪ من الأردنيين عن إجراءات الحكومة لمواجهة كورونا وذلك حسب نتائج استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية قبل يومين الذي يقيس نبض الشارع الأردني حول قضاياه واهتماماته وأولوياته.
إلى جانب ذلك بدأت الحكومة تفكر في تطبيقات محتملة في تكنولوجيا التعليم عن بعد وإنهاء المعاملات الحكومية إلكترونيا والتشخيص الصحي لبعض الحالات المرضية للمواطن وهو في منزله.
كل ذلك وأكثر يحدث الآن في الصين موطن انطلاق حرب الفيروس على الانسان، ولكن هل ستستمر استدامة هذه التغيرات الايجابية في الاردن والثقافات والمجتمعات البشرية الاخرى.
حمى الله كل ابناء الوطن وخلقه أجمعين.