ما الذي يمكن أن يتوقعه الشرق الأوسط من قمة ترامب-بوتين؟

جون دالي* - (ذا أراب ويكلي) 8/7/2018

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

ما هي الآثار المحتملة التي يمكن أن تخلفها على الشرق الأوسط القمة التي تنعقد في 16 تموز (يوليو) بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين؟اضافة اعلان
تتباين السياسات الأميركية والروسية بحدة تجاه القضايا الإقليمية، وبشكل خاص حول سورية وإيران. ويزيد من تعقيد الوضع الشخصيات المختلفة جذرياً ومقاربات السياسة الخارجية للرئيسين. ففي حين يبدو بوتين هادئاً وعقلانياً، يبدو ترامب زئبقياً وبعيداً عن الموضوعية.
ولكن، وعلى الرغم من غياب اليقين، ثمة ثيمات معينة من التي يمكن أن تُبحث في القمة تبدو آخذة في الظهور. وعلى سبيل المثال، يبدو أن جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومي، قد عدل خطابه من "الأسد يجب أي يذهب" إلى "إيران يجب أن تغادر سورية". ويأتي هذا التحول على الرغم من سجل بولتون المعروف كواحد من صقور الحرب.
كان بولتون قد دعم غزو العراق في العام 2003 ودافع عن قصف كوريا الشمالية وإيران وسورية. ومع ذلك، وخلال مقابله أجرتها معه محطة "سي. بي. أس. نيوز" ضمن برنامج "واجه الصحافة"، والتي دارت حول العناوين المحتملة للبحث في قمة ترامب-بوتين، قال بولتون: "لا أعتقد بأن (الرئيس السوري بشار) الأسد هو القضية الاستراتيجية. أعتقد أن إيران هي القضية الاستراتيجية".
في حين تبقى إيران هاجساً قوياً بالنسبة لبولتون، تنفي كل من إيران وسورية كل المزاعم عن وجود قوات إيرانية في سورية. وتصر طهران ودمشق على أن إيران موجودة فقط في شكل قدرة "استشارية" لمساعدة سورية على القتال ضد التطرف. وتدعم روسيا هذا التفسير.
في اجتماع القمة المقبل، ربما يردد بوتين فكرة أن الجيش الروسي موجود في سورية بناء على دعوة من حكومة الأسد، في حين كأن نحو 2.200 من الجنود الأميركيين يتواجدون في البلد بشكل غير قانوني، حتى مع تقلص مهمتهم المعلنة ضد "داعش".
يمكن العثور على استبصار حول موقف روسيا المحتمل في القمة في ملاحظات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف. وقال لافروف بعد المناقشات التي أجراها مؤخراً مع وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إنه سيكون من "غير الواقعي تماماً" توقع أن تنسحب إيران من سورية، مضيفاً أن القوى الإقليمية يجب أن تناقش مواطن الشكوى المتبادلة، وأن تتفاوض على تسوية.
وفيما يتعلق بالمغادرة الأميركية المحتملة لسورية، قالت وسائل الإعلام الأميركية، إن ترامب بدا راغباً في التفاوض على ترتيب مع بوتين حول منطقة خفض التصعيد. ويمكن أن يسمح ذلك بانسحاب فوري للقوات الأميركية من سورية، حتى بينما ما تزال إدارة ترامب منقسمة بعمق حول كيفية توفير ثقل موازن معقول في مقابل إيران.
على عكس نصحية كل من المجتمع الدولي والعديد من أعضاء إدارته نفسها، قام ترامب بسحب الدعم الأميركي لخطة العمل الشاملة المشتركة التي أبرمت في العام 2015، أو "الاتفاق النووي الإيراني". وهو يستعد الآن لإعادة فرض العقوبات من جانب واحد من أجل عزل القيادة الإيرانية وإضعافها.
وفي تناقض كامل مع الولايات المتحدة، تبقى الحكومة الروسية ملتزمة بكل من خطة العمل الشاملة المشتركة، وبعلاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية الكثيفة مع إيران أيضاً. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، خلال زيارة إلى طهران، وصف بوتين العلاقات الروسية-الإيرانية بأنها "مثمرة للغاية".
بعد انسحاب ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة، قال وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف: "إن مواقف إيران وروسيا حول القضايا الإقليمية متقاربة للغاية". وأعاد رئيس هيئة أركان الجيش الإيراني، محمد باقري، التأكيد مؤخراً على العلاقات العسكرية الوثيقة بين إيران وروسيا، وهو ما سيكون هاجساً مقلقاً للولايات المتحدة وحليفتها في المنطقة، إسرائيل. وسوف تتعمق هذه الاختلافات السياسية فقط عندما تدخل الجولة الأولى من العقوبات الأميركية المعاد فرضها على إيران حيز التنفيذ في آب (أغسطس) المقبل.
في حين أن بالإمكان تصنيف سورية وإيران على أنهما حليفتان وثيقتان لروسيا، فإن التوترات تتصاعد في علاقات الولايات المتحدة مع حليفتها في حلف الناتو، تركيا.
وقد طلبت أنقرة شراء نظام الصواريخ الروسية المتطور المضاد للطائرات، "أس-400"، مفضلة إياه على نظام "باتريوت" الأميركي. ووضع ذلك مبيعات طائرات الشبح "ف-35" الأميركية إلى تركيا تحت الخطر، بينما هددت أنقرة بالرد في حال أنها لم تحصل على طائراتها من هذا الطراز. كما عبرت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل عن قلقهما من هذه التطورات، والتي تنطوي على إمكانية تغيير الديناميات التكتيكية للعمليات في سماء الشرق الأوسط.
كما تتفارق السياسات الأميركية والروسية أيضاً فيما بتعلق بإسرائيل. فقد وُلد نحو 20 في المائة من سكان إسرائيل في الاتحاد السوفياتي السابق. ومن الملاحظ أن روسيا لم تقم بنقل سفارتها إلى القدس، وأن علاقة نتنياهو ببوتين هي أقل حميمية من علاقته مع ترامب.
على الرغم من دفء ترامب المستمر والمدهش تجاه بوتين، فإن الاختلافات حول القضية الفلسطينية تظل غير قابلة للتوفيق. وتعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حماس، التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2006، منظمة إرهابية.
ومع ذلك، واصلت حماس الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع روسيا. وزار قادتها موسكو بانتظام منذ العام 2015. وفي 25 حزيران (يونيو)، قام وفد يقوده عضو المكتب السياسي لحماس، موسى أبو مرزوق، بزيارة لموسكو واجتمعوا مع ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي ومبعوث الرئيس الخاص إلى الشرق الأوسط. وتراوحت عناوين المناقشات التي تلت ذلك بين خطة السلام الأميركية المتوقعة للشرق الأوسط، ومساعدة روسيا المحتملة في التوسط في عملية المصالحة الفلسطينية.
من الواضح أن الاختلافات الجوهرية في التصورات تعني أن القمة ستنتج القليل مما يستحق الانتباه في الشرق الأوسط.

*متخصص في شأن روسيا ومرحلة ما بعد الاتحاد السوفياتي، مقيم في واشنطن.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: What the Middle East can expect from the Trump-Putin summit