موازنة 2022: بين المشاريع الرأسمالية وموازنة التمويل (3)

رعد التل

تشكل النفقات الرأسمالية ما يقارب 17 % من الإنفاق العام والمقدر بحوالي 12.18 مليار دينار، حسب أرقام الموازنة المركزية وموازنات الوحدات المستقلة؛ حيث تم تخصيص ما يقارب 1.551 مليار دينار من الموازنة المركزية وما يقارب 504 ملايين دينار من موازنة الوحدات المستقلة للإنفاق الرأسمالي، بالنسبة للنفقات الرأسمالية المقدرة للمحافظات للعام 2022، تظهر الأرقام أن محافظة العاصمة، تليها إربد ثم الزرقاء هي الأعلى إنفاقاً بين محافظات المملكة، بينما محافظات الطفيلة، مادبا والكرك هي الأقل إنفاقاً تحت هذا البند.

اضافة اعلان


لسنا بحاجة للإشارة مجدداً لأهمية الإنفاق الرأسمالي كمحرك أساسي للاقتصاد، فهو الإنفاق الذي يخلق القيمة الإنتاجية المضافة من خلال زيادة الإنتاج والتوسع بالمشاريع وخلق فرص العمل، فكلما قل الإنفاق الرأسمالي قل النمو الاقتصادي. وإذا ربطنا مقدار الإنفاق الرأسمالي ومعدلات البطالة في كل محافظة، سنجد أن أعلى معدل بطالة في المحافظات للربع الأول من هذا العام كان في محافظة مادبا (بنسبة 28.3 %)، وهي من بين المحافظات الثلاث التي يكون بها الإنفاق الرأسمالي بأقل مستوياته.


فيما يتعلق بموازنة التمويل التي تشير الى حجم الأموال التي ستقترضها الحكومة من مصادر عدة لغايات استخدامها في تسديد الالتزامات المطلوبة من قروض داخلية وخارجية، فإن أرقامها للعام المقبل تشير الى أن مقدار الاستخدامات المقدرة فيها يقارب 9.30 مليار دينار؛ حيث من المقدر أن تقترض الحكومة داخليا حوالي 4.668 مليار دينار، وتقترض 1.197 مليار دينار من مؤسسات دولية، وتقترض مبلغ 1.659 مليون دينار عن طريق إصدار سندات اليورو وسندات محلية بالدولار، وأيضا تقترض ما قيمته 44 مليون دينار من الخارج لتمويل المشاريع الرأسمالية.


تشير هذه الأرقام لمقدار الالتزامات والأعباء المالية التي تستنزف الموازنة من عجز وارتفاع متزايد بأرقام الدين العام، فالفوائد المدفوعة على الدين العام (1.428 مليار) تعادل تقريبا حجم الإنفاق الرأسمالي الكلي في الموازنة، كما أن نسبة الاقتراض الداخلي الى مصادر التمويل تقارب 62 % في الموازنة المركزية، وهذا رقم كبير يشير الى مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص، ما يحد من قدرته على توفير السيولة المالية لتغطية احتياجاتهم التمويلية.


فيما يتعلق بالإنفاق الرأسمالي وتنمية المحافظات، لابد من ربط نسب الإنفاق الرأسمالي بمعدلات البطالة في المحافظات نفسها، هذا الربط سيخفف بشكل أو بآخر من معدلات البطالة هناك وسينعكس إيجاباً على مستويات الإنتاج المحلية. أما فيما يتعلق بموازنة التمويل، فإننا نطرح تساؤلاً عاماً حول برامج الإصلاح الاقتصادي، التي كان أحد أهم محاورها إصلاح المالية العامة، ولماذا لم تنجح كل تلك البرامج بتخفيض العجز أو زيادة الإيرادات في الموازنة العامة أو تقليل أرقام الدين العام. هذا التساؤل يفتح الباب على مصراعيه لصناع القرار الاقتصادي في الدولة لوضع إطار علمي منهجي دقيق للمالية العامة، نرسم من خلاله للسنوات الخمس المقبلة شكل الموازنة العامة بصورة واضحة وبأدوات قياس علمية.

 

المقال السابق للكاتب:

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا