مرضى القمح التحسسي بالعقبة.. صعوبة في التشخيص ومعاناة بتأمين الغذاء

1701101668395074800
حياتنا آمنة بلا قمح شعار ترفعه جمعية الحياة والتي ترعى مرضى التحسس القمحي بالعقبة-(الغد)

العقبة – بين صعوبة التشخيص ونقص أو ارتفاع أسعار المواد الغذائية الخاصة بمرضى القمح التحسسي وقلة المعرفة بالتعامل مع أي مضاعفات، يعاني قرابة 500 مصاب بالمرض، %90  منهم من الأطفال، بمدينة العقبة، لا يجدون في أحيان كثيرة الغذاء المناسب ليصبحوا عرضة للخطر ومضاعفات قد تكون مميتة على المدى البعيد.

اضافة اعلان


وتكشف سجلات جمعية الحياة لمرضى القمح التحسسي في العقبة الجهة الوحيدة بإقليم الجنوب التي تشخص المرض وتقدم الرعاية للمصابين، عن ارتفاع اعتبرته بـ"الخطير" بمعدلات الاصابة، إذ تسجل إصابة واحدة جديدة كل 3 أيام.
و"القمح التحسسي"، هو مرض مناعي يصيب الشخص لا سيما الاطفال وتعود أسبابه إلى عوامل وراثية، فضلاً عن الإفراط في استهلاك بروتينات القمح، وفق دراسات علمية منشورة حول هذا المرض.   


معاناة يومية يعيشها المرضى في العقبة للحصول على أبسط حقوقهم في الحياة وهو الغذاء في وقت يزداد فيه أعداد المصابين، بينما العلاج حالياً ينحصر باتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين وهو مرهق مادياً نظراً لتكلفته العالية خاصة لدى الأسر التي تعاني ظروف مالية صعبة. 


تقول رئيسة جمعية الحياة، فاطمة اليماني، إن الجمعية هي الجهة الوحيدة التي ترعى تلك الفئة المصابة من المجتمع، وتوفر لهم ما يحتاجونه من غذاء خاص بهم لكنها اليوم تقف عاجزة عن خدمتهم نتيجة ارتفاع أعداد المصابين، مؤكدة أن عدم التشخيص وقلة الخبرات في مناطق جنوب المملكة وخاصة في العقبة لمرضى حساسية القمح، هو تحد ثان، حيث تبدأ رحلة المعاناة للمرضى بالبحث عن النصح والارشاد وتوفير الغذاء.


مريض السيلياك أو القمح التحسسي الصامت وذووه أمام خيارين، إما أن يتحمل تكاليف الحمية الغذائية القاسية ومعاناة الحصول على الغذاء المناسب، أو التخلي عن الحمية ليصبح جسمه عرضة لأمراض أخرى قد تصل إلى سرطان الأمعاء لا قدر الله.


تشير اليماني إلى أن جمعية الحياة لمرضى التحسس القمحي الخيرية تأسست عام 2017 بجهود مجموعة من سيدات العقبة وحرصت على توعية المجتمع ودعم هذه الشريحة المهمشة والمصابة بمرض "حساسية القمح" وتسليط الضوء على حجم معاناتها الكبير، لتحصل على أبسط حقوقها وهو الغذاء الذي يمنحهم القدرة على الاستمرار بالحياة رغم ارتفاع تكلفته المادية.


وأكدت اليماني، أن الجهات الرسمية والحكومية في العقبة تتجاهل مرضى التحسس القمحي، مشددة أن الجهات الحكومية لا تشارك مرضى التحسس القمحي في معاناتهم، ولا تهتم بهم كما ينبغي، ولم تتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني التي تعمل على تقديم الدعم لهم للتخفيف من الأعباء المالية الكبيرة التي يواجهونها.


تقول أم عبد الله 40 سنة واحدى المصابات بالمرض، "معاناتي بدأت منذ أن كان عمري 25 سنة، كنت اعاني لفترة طويلة جدا ولم أعرف اني مريضة بحساسية القمح والشعير كان ينخفض مستوى وحدات الدم إلى 4 وحدات، اضافة إلى نقصان شديد بالوزن يصل احيانا إلى 35 كغم، ويتم ادخالي إلى العناية المركزة جراء نفص التغذية". 


وتتابع: "كنت اخرج من العناية بعد تحسن طفيف دون تشخيص للحالة التي اعاني منها، وبعد فترة طويلة اصطحبني أهلي إلى دكتور خاص استشاري جهاز هضمي وبعد فحوصات الدم والتنظير قمت بعمل خزعة من المعدة وتبين بعد معاناة أن لدي مرض حساسية القمح، وبدأت بعد ذلك مرحلة جديدة من المعاناة، من حيث عدم توفر الأغذية وعدم الخبرة والمعرفة الكافية بهذا المرض ولا يوجد شخص يرشدني حول المسموح والممنوع من الأغذية وأصبحت أمنع نفسي عن جميع الأكل حتى الخضار والفواكه".


وتشير ام عبد الله، إلى أنه وبعد معرفتها بوجود جمعية الحياة لمرضى القمح التحسسي أصبحت المعاناة أقل لكن نقص الأغذية المناسبة لحالتها وارتفاع أسعارها إن وجدت  المشكلة الكبرى التي يعاني منها جميع المصابين بمرض تحسس القمح.


خليل محمد 45 سنة، كان اكتشف انه مريض قبل نحو 7 سنوات بعد أن أجرى فحوصات كثيرة ودقيقة على حسابه الخاص ليخبره أطباء الباطني أنه مصاب بمرض القمح والشعير التحسسي، مؤكداً انه توسع لمعرفة هذا المرض عبر الشبكة العنكبوتية وادرك ما يجب القيام به من حمية غذائية، ونفس الاعراض التي صاحبته منذ بداية مرضه هي نفسها التي يشعر بها ابناؤه الثلاثة وجميعهم تحت سن 15 عاما، وتبين أنهم مصابون بحساسية القمح بعد فحوصات في القطاع الخاص.


ويشير محمد أن معاناة جميع مصابي مرض القمح التحسسي هو ارتفاع ثمن الأطعمة والأغذية الخالية من الجلاتين، إضافة إلى عدم توفرها في أحيان كثيرة.  


ويعرف الدكتور يزيد القرالة اختصاصي الجهاز الهضمي مرض القمح التحسسي، بأنه "مرض مناعي يستدعي عدم تناول الجلوتين في الطعام؛ لأنه يؤدي إلى تلف الأمعاء الدقيقة، والغلوتين هو بروتين موجود في القمح، والشعير"، فيما يشير إلى أن سببه غير معروف حتى الآن، وتكون أعراضه الإسهال، الرائحة الكريهة، انتفاخ البطن، الشعور بالتعب، صداع واعتلال الأعصاب المحيطية، بالاضافة إلى اكتئاب وقلق، وينبغي اختبار المريض قبل إعطائه نظامًا غذائيًّا خاليًا من الجلوتين، واختبار الأجسام المضادة، خصوصًا الأجسام المضادة الناقلة للجلوتين سواء فحص الالكترولايت وفحص الدم وفحص البراز.


وتشكل عوامل الخطورة بالاصابة بمرض حساسية القمح حسب القرالة النوع الأول من السكري ومتلازمة داون ومتلازمة تيرنر وأمراض الغدة الدرقية المناعية الذاتية والتهاب القولون المجهري والتهاب المفاصل الروماتودية، وممكن أن يؤدي إلى مضاعفات منها سوء التغذية و فقدان الكالسيوم وكثافة العظام والعقم والإجهاض وعدم تحمل اللاكتوز والسرطان وأمراض في الجهاز العصبي.


ويؤكد القرالة أن المرض لغاية الآن لا يوجد له علاج إلا بالغذاء الصحي الخالي من الجلوتين والحمية الغذائية التي قد تكون قاسية في بداية اكتشاف المرض، بالإضافة إلى الوقاية بتناول الفاكهة والخضراوات لمنع الإمساك والذهاب لخبراء التغذية لتحديد الطعام المناسب. 


ووفق ما تاكدت منه الـ"الغد" عبر عمليات بحث متكررة فلا يوجد على موقع وزارة الصحة الإلكتروني في أدلته الارشادية والصحية أي معلومات ونصائح للتعامل مع مرض القمح التحسسي.


وتبلغ نسبة الإصابة بمرض التحسس القمحي في الأردن حوالي 1.5 % إلى 2 % من إجمالي السكان، وهذا يعني وجود حوالي 160 ألف مواطن مصاب به، ومعظم الحالات تكون اعمارها بين 2 إلى 20 عامًا، واما عالميا فينتشر داء حساسية القمح بشكل كبير في شتى أنحاء العالم، فمثلاً بلغ بين الصينيين والأفارقة في جنوب الصحراء الكبرى نحو 5-10 %، أما في أوروبا الغربية فقد بلغ فيها نحو 5-20 %، و5 - 10 % في بريطانيا وتونس وإيران.


كما ينتشر بنسبة 5 %، بين الأوروبيين الشرقيين والأميركيين والآسيويين، وللأسف فإن انتشاره في العالم ما يزال في ازدياد.


من جهته، أكد رئيس اختصاص الجهاز الهضمي في وزارة الصحة الدكتور ماجد نصير أن مرضى القمح التحسسي في جميع أنحاء المملكة يشخصون بكافة مستشفيات والمراكز الصحية بمحافظات المملكة من خلال فحص الدم او المنظار وبعض الحالات تحتاج الى خزعة، مشيرا أن العقبة لا يوجد فيها مستشفى حكومي ونستطيع تسخيص الحالة من خلال المراكز الصحية بواسطة فحص الدم أو تحويل المرضى إلى أقرب مستشفى حكومي قريب أو مستشفى العسكري في المحافظة.


وبين نصير أن مرضى القمح التحسسي لا يوجد لديهم أي علاجات او بروتوكول، لأن المرض ليس فيروسا أو مرضا معديا، إنما حمية غذائية إرشادية يعرفها كل طبيب مختص ما هو مسموح وما هو ممنوع، مؤكدا أن وزارة الصحة تدعم مرضى القمح التحسسي بالكشف الحسي والمخبري والمتابعة لدى المستشفيات والمراكز الصحية، بالإضافة إلى التشبيك مع جمعيات خاصة برعاية المصابين بالمرضى ونقدم لهم النصح والارشاد.

 

اقرأ أيضا:

  أعراض حساسية القمح.. وعلاقتها بالداء البطني