الاحتلال يعطل مسارات التنمية الفلسطينية والإقليمية

على مدى أكثر من سبعة عقود، ألقى الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين بظلاله القاتمة الطويلة على مسارات التنمية، ليس في فلسطين المحتلة فقط، وإنما في البلدان المجاورة لها، وبخاصة الأردن.

اضافة اعلان


إن عواقب هذا الاحتلال، الذي طال أمده، عميقة الجذور وبعيدة المدى، وتؤثر على حياة الملايين من الفلسطينيين وتزرع بذور عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة والعالم.


وأحد أبرز أشكال الظلم الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي؛ حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة، وهو حق مُنح لجميع الشعوب في مختلف أنحاء العالم.


ومما يثير القلق بالقدر نفسه، الخسائر الفادحة في الأرواح والنزوح وسلب الأراضي والمنازل التي حدثت على مدى عقود وما تزال. لقد فقد عشرات الآلاف من الشباب الفلسطيني أرواحهم الى جانب عشرات الآلاف الآخرين من الأطفال والنساء وكبار السن، وشُرد الملايين، داخل وطنهم وخارجه، الى جانب اعتقال الملايين عبر سنوات الاحتلال الممتدة. إن الأضرار التي لحقت بالأسر والمجتمعات والنسيج العام للمجتمع الفلسطيني خطيرة جدا، وتشكل انتهاكات خطيرة ضد حقوق الشعب الفلسطيني.


وبينما يستمر الفلسطينيون في تحمل حياة تشوبها القيود ونقاط التفتيش والاحتلال والطرد والتصفية، فإن تطلعاتهم إلى دولة ذات سيادة وذات حدود محددة تظل بعيدة المنال. ويجب على المجتمع الدولي أن يتذكر أن الشعب الفلسطيني، مثله مثل أي شعب آخر، يستحق الفرصة لصوغ مصيره وبناء دولته المستقلة.


لقد أدت سيطرة دولة الاحتلال الاسرائيلي على الموارد الحيوية، مثل الأراضي والمياه وغيرها، إلى عرقلة إمكانات نمو الاقتصاد الفلسطيني ومختلف مسارات التنمية.

 

ويجد الفلسطينيون أنفسهم غير قادرين على استثمار مواردهم الطبيعية وتسخيرها لتعزيز اقتصادهم، الذي أصبح مقيداً بسبب هذا الحرمان من الموارد.
وأدت السيطرة على الموارد المائية في المنطقة إلى إعاقة تنمية القطاعات الحيوية، وبخاصة الزراعة؛ إذ تعد المياه موردا أساسيا للزراعة والتصنيع الزراعي، وعندما تُحرم البلدان المجاورة من الوصول إلى هذه الموارد، فإن ذلك يقوض بشدة استقرارها الاقتصادي. ويواجه الأردن، على وجه الخصوص، التحدي المتمثل في توفير المياه لمواطنيه والحفاظ على الإنتاجية الزراعية، ويرجع ذلك جزئيا إلى الندرة الناجمة عن السيطرة الإسرائيلية على موارد المياه المشتركة.


وتمتد التداعيات الاقتصادية إلى أبعد من ذلك؛ حيث تضطر الدول المجاورة إلى تخصيص أجزاء كبيرة من ميزانياتها للإنفاق العسكري بسبب التهديد المستمر الذي يشكله الاحتلال الإسرائيلي. وكان يمكن توجيه هذه الموارد نحو التنمية الاجتماعية والبنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية. إن العسكرة المستمرة تحوّل الأموال بعيدا عن القطاعات الحيوية التي يمكن أن تؤدي إلى مجتمعات أكثر استقرارا وازدهارا.


وفي ضوء هذه المظالم والتأثير الذي لا يمكن إنكاره على التنمية المستدامة لمختلف دول المنطقة وشعوبها، فمن الضروري أن تتوقف الدول الغربية الكبرى عن رؤيتها وموقفها الداعم لدولة الاحتلال، وعليها أن تعرف أن مواقفها هذه لا يمكن تفسيرها إلا باعتبارها رؤية مستندة إلى تاريخها الاستعماري الطويل للشعوب الأخرى.


فمن غير المقبول القبول بأي موقف داعم للاحتلال الإسرائيلي وجرائمه المستمرة المتعددة، من دول تصدَع رؤوسنا يوميا وتتشدق بقضايا التنمية وحقوق الإنسان.
على هذه الدول أن تمارس ضغوطاً كبيرة على دولة الاحتلال الإسرائيلي. ويجب على المجتمع الدولي ألا يغض الطرف عن الاحتلال المستمر والجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني. لقد حان الوقت لهذه البلدان للتخلي عن أي رؤية متحيزة ومتغطرسة والعمل على إنهاء الاحتلال ووقف جرائمه.


علاوة على ذلك، من الأهمية بمكان الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث إن هذا الحق منصوص عليه في القانون الدولي والشرعية العالمية لحقوق الإنسان. وعندما يتعلق تطبيق المعايير المزدوجة بالنضال الفلسطيني، فإنه ليس أمرا غير عادل فحسب، بل يؤدي أيضا إلى إدامة دائرة العنف والقمع وتوسعها.


من حق الفلسطينيين، مثل أي شعب يواجه الاحتلال، أن يقاوموا الاحتلال والاستيطان الإحلالي وتصفية حقوقهم بكل الوسائل المتاحة لهم.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا