البلد في انكماش؟!

لا أدري ما سر موضة الانكماش التي سرت هذه الأيام في بلدنا.. فعندما كنت تذهب الى محل حلويات لشراء جوز الهند وتاكل منه حبة او حبتين لمدة ثلاثة ايام لا تتغذى من حجمها ودسامتها.. اليوم تبلع قبل ان تخرج من المحل عشرين حبة دون ان تشعر فقد أصبح حجم الحبة بحجم حبة دواء الاسبرين!اضافة اعلان
حتى المولود حين كان يأتي الى هذه الدنيا كان رأسه اكبر من رأس المحافظ، مواليد اليوم ليس لهم هذه الصفات فأكبر راس مولود لا يتجاوز حجم حبة البرتقال!
وايضاً كانت البطيخة قديما تعشي قبيلة، بينما اليوم اذا طلعلك حز بطيخ واحد على العشاء فقد تصنف على أنك من اسعد عشرة أشخاص في العالم.
برنامج يسعد صباحك استضاف سيدة يوم الجمعة الماضية ولأنني كنت على عجل ما فهمته انا انها حولت رز المنسف الى كبة او ما شابه وكان موضوعا في الصحن وربما يحمل ذلك إشارات الى المستقبل الاقتصادي الآمن الذي ننتظر فمن دحبر وشرب قد ينتهي فينا المطاف الى ازرط!
اعرف منسفا واحدا من كمية اللحوم التي كانت عليه.. جاء برئيس وزراء، وعين أربعة وزراء وأمين عام ومفوضان ومستشار وسفير!
معقول المنسف الذي لم يتأثر بالحروب العالمية إطلاقا، ولا بسنوات المحل وحتى الجراد، وصمد كل تلك العقود محافظا على هيبته ووقاره ان يتأثر هو الآخر بالانكماش الاقتصادي!
هل من الممكن ان نشاهد منسفا على لحمة مفرومة مثلا ام قطع راس عصفور او شعيرية.. بعد ان كنّا نفتح القصدير وكان راس الخاروف وحده يحتل نصف مساحة السدر مرحبا بك كما لو انك مبعوث دولي!
هل سيكون بمرافقة كفكير الشراب مجهر حتى نستطيع مشاهدة اللحمة ونأكلها وإذا ما أردت أن أكرم اللي بجانبي بقطعة لحم هل ابعث له صور ذرات اللحم على الواتس اب كونه من الصعب الحصول عليها في المنسف كنوع من التكريم!
أسمع عن الانكماش الاقتصادي والتجاري والصناعي ولكن، لم أتوقع يوما ان ينكمش المنسف ويصبح كبة.. وبدل ان كان يعين المنسف حكومات باعتقادي لن يعين في المستقبل مأمور مقسم!
نعم الكل منكمش.. حتى جماعة من هالشوارب وعلي بالطلاق وجيرة الله غداكو غير عندي منذ سنتين وأكثر قد اختفوا عن الساحة!
اذا كان المنسف الذي صمد بوجه كل المؤامرات والظروف والتحديات الاقتصادية الصعبة لم ينكمش في حياته قد يتحول بفكر خبراء الطبيخ الى حبة كبة.. ان كان هذا حال الزعيم فلربما المقلوبة والفاصولياء والبامياء فعليا قد تصبح معرضة للانقراض!
الاقتصاد من الضرائب منكمش، والمسؤول خوفا من البوستات منكمش، والاستثمار خوفا من تكلفة الطاقة وتبدل القوانين باستمرار منكمش، والتصدير منكمش، والحراك منكمش، وحتى السائح الذي يأتي الى الاردن منكمش وعادة ما يقول: راعينا فيها!
الحكومة التي لم تستطع المحافظة على مجرد حبة جوز الهند من الانكماش.. فهل تستطيع ولو بالاحلام ان تخرج اقتصاد دولة من الانكماش وكل ما نعرفه هو القروض والمنح؟