المرحلة الثالثة في حرب غزة.. القادم أصعب

مع انطلاق المرحلة الثالثة من الحرب على غزة، بدا واضحا أن الأمور تزداد سوءا بشكل لافت، وبأكثر مما كانت عليه في المرحلتين الأولى والثانية.

 

اضافة اعلان

فبينما يعترف رئيس حكومة الحرب ضمنيا بالهزيمة، وصعوبة تحقيق الأهداف التي رفعها وما يزال يتمسك بها بدعوى أن الاعتراف بتلك الحقيقة يعني الهزيمة، والمساس بهيبة "الدولة"، وإبعادها عن مشاريعها التوراتية التوسعية. وبالتالي فإنه يواصل البقاء فوق الشجرة" معتصما هذه المرة"، محاولا توسيع نطاق الحرب وجر الولايات المتحدة ـ عسكريا ـ إلى خندقه بشكل كامل، وإيجاد تبرير لرفض أي حلول توافقية.

 

فقد نجح في شحن أجواء البحر الأحمر لتكون جزءا من المعركة، وواصل التحرش بلبنان لجر حزب الله إلى المواجهة العسكرية المباشرة، وشن غارات على سورية، وتحرش بإيران واليمن. وغازل اليمين المتطرف من خلال رفض حل الدولتين.

 

وفي الوقت نفسه رفض مطالب الشارع بوقف الحرب وإبرام اتفاق يعيد الرهائن.

 

عملياتيا، فإن انسحاب العديد من الوحدات العسكرية الإسرائيلية، وإعادة توزيع المتبقية ترافق مع إجراءات تنكيل مماثلة من حيث الحجم مع سابقاتها، لكنها أكثر إيلاما بالنسبة للمدنيين الغزيين الذين أنهكتهم عمليات القتل والتدمير والتجويع على مدى أكثر من 110 أيام، حيث واصل جيش الاحتلال كل أعمال التنكيل بهم وسط توقعات بأن تتفاقم حدة المشكلة إلى درجة أكثر من قاتلة خلال الأيام المقبلة ومع بدايات شهر شباط المقبل.

 

فتقارير الحالة الجوية، تؤكد انقلابا منتظرا في حالة الطقس، ورسالة الرئيس التنفيذي لـ" طقس العرب" محمد الشاكر تؤكد أن القادم أسوأ، وأن القطاع كجزء من المنطقة ستتعرض إلى موجة برد قارس، وإلى أمطار غزيرة وطويلة الأمد وحالات انجماد غير مسبوقة، بينما يعيش أكثر من مليون غزي بمن فيهم الأطفال في العراء ودون أي مأوى حتى ولو كان ذلك من الخيام، وبدون أي مواد غذائية أو طبية أو كسائية أو أي مواقع يمكن استخدامها كمأوى يساعد في الاحتماء من الأمطار والجليد والعواصف المنتظرة ومن القصف الذي تنفذه القوات المحتلة. 
اللافت هنا أن إسرائيل التي تخضع إلى محاكمة دولية بالإبادة الجماعية تستغل مثل تلك الظروف ضد الغزيين، ولا ترى في هذه الحالة المنتظرة، ما يستدعي اتخاذ إجراءات إنسانية، كما أن المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان لم تفلح في إدراجها ضمن ما يمكن إلزام حكومة التطرف بمراعاتها والتعامل معها بما تستحق.في الحديث عن المرحلة الثالثة من الحرب على غزة، تبدو الحالة أكثر قربا من حالة اعتصام عبثي ينفذه نتنياهو وبعض أركان التطرف في حكومته فوق الشجرة، بدلا من المصطلح الدارج الذي يصف الحالة بأنها صعود إلى الشجرة أو عدم القدرة على النزول من فوقها. 


فقد تطورت الحالة التي يعبر عنها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى رفض لكل مقترح من شأنه أن يمهد الطريق لحل ينطلق من الواقع ويتماشى مع تفاصيله حتى ولو كان مصدره الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أبدى انحيازه للكيان المحتل، ووفر لحكومة التطرف كل ما تطلبه من دعم مالي وعسكري ولوجستي ومكنها من تنفيذ وحشيتها بمثل هذا المستوى.. وما يزال منحازا لها وحريصا على إخراجها من مأزقها بقدر مقبول من الخسائر، وضمن إطار مصلحي.                                                                                                  فالحلول المقترحة والتي تتماشى مع الواقع وتلتقي مع الموقف الأردني الوازن الذي عبر عنه جلالة الملك عبدالله وكرره وتميز في عرضه على العالم وزير الخارجية أيمن الصفدي والمتمثل بحل الدولتين تأخذ في الاعتبار الشرعية الدولية وما وصلت إليه الحرب، والقراءات التي تؤكد استحالة نجاح إسرائيل في تحقيق أهدافها المعلنة التي حولتها إلى شروط ترفض التنازل عنها. فالولايات المتحدة التي ما زالت متمسكة بمساندة إسرائيل في رفض وقف الحرب ترى أنه لا بد من اتفاق على تبادل الرهائن، والعودة إلى حل الدولتين. غير أن نتنياهو يرفض ذلك المقترح ويتمسك بإدارة إسرائيلية" لكل ما هو غرب نهر الأردن وقطاع غزة". 

 


كما يتمسك بأهدافه المعلنة منذ بدايات الحرب وهي القضاء على حركة حماس وقياداتها وتفكيك الحركة وإجبارها على الإفراج عن الرهائن بالقوة وتحت الضغط العسكري. وهي العناوين التي ترى الولايات المتحدة وغالبية دول العالم أن تحقيقها مستحيل.   


وفي المجمل فإن المرحلة التي صنفتها إسرائيل وبعض حلفائها من الغرب" ثالثا" لا تختلف ـ إسرائيليا ـ عن سابقاتها، حيث تتواصل عمليات تدمير المنازل والمستشفيات ومراكز الإيواء، ونبش المقابر والقتل ولكن بأساليب فيها قدر من الاختلاف الشكلي عن سابقاتها. لكنها تكشف عن قدرة المقاومة على إدارة المواجهة مع الجيش المحتل، وبمستوى مرتفع من الضربات الموجعة والخسائر.


ومن الدلائل على تلك الحقيقة ما أكده موقع واللا الإسرائيلي نقلا عن مصادر عسكرية، بأن يوم الاثنين الفائت كان الأكثر صعوبة على الجيش الإسرائيلي منذ بدء الحرب.  


ويبقى الرهان قائما على مستوى الرفض الداخلي لسياسات وإجراءات حكومة نتنياهو من جهة وما يمكن أن تمارسه الولايات المتحدة من ضغوطات لإنزاله عن الشجرة" حيا أو ميتا". 

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا