عن الجامعات وانتخابات المجالس فيها

أكثر ما يقلق هو حجم الوعي عند فئة الشباب "الأغلبية الحقيقية" لمعنى ومفهوم الديمقراطية وتداول السلطة والمواطنة.


تتجلى نسبة هذا الوعي دوما "وعلى مدار عقود طويلة مضت" في انتخابات مجالس اتحادات الطلبة في الجامعات الأردنية.

اضافة اعلان


الأسئلة المشروعة التي يجب طرحها:

ما دور تلك المجالس تحديدا؟ هل يدرك الطلبة أن مجالسهم، بممثليهم فيها، موجودة أصلا لحماية مصالح الطلاب والتعبير عنها؟


هل تلك المجالس مجرد تمرين تعبوي للعمل الديمقراطي؟ أم أنها اختبار قوة سياسي على مستوى "شبابي" بين السلطة في الدولة وتيارات إسلامية تحاول أن تعلن وجودها في كل مكان؟


المفترض "في الأصل" أن تلك المجالس والاتحادات قائمة وحاضرة لتحسين ظروف الطلبة والدفاع عن مصالحهم كطلاب "فقط" في بيئتهم التعليمية، لا أكثر ولا أقل.


وأيضا، فإن تلك المجالس والاتحادات ليست خصما لإدارات الجامعة، ولا يجب أن تكون كذلك. وتغذيتها التراكمية، عبر سنوات، أنها ند لإدارات الجامعة وتشويه للعملية التعليمية التي هي أساس وجود الجامعات والكليات.


ما يحدث فعليا "وعلى مدار سنوات بلا توقف"، أن الانتخابات، بحد ذاتها، صارت ميدان استعراض قوة، بانتهائها تنتهي العملية كلها، والمظاهر العبثية التي تظهر أثناء تلك الانتخابات وبعدها تصبح حدثا إخباريا يعكس حجم التشوه في كل المفاهيم.


هناك حاجة ماسة لإعادة تقييم العمل "الطلابي" وتأطيره في مساراته الصحيحة، وما دمنا على أعتاب مرحلة جديدة في الحياة الحزبية، فلا بد من التوضيح أن العمل السياسي ونشاطه مكانه الصحيح في الأحزاب، وتفريغ الجامعات من المعارك السياسية الشرسة.


هذا لا يعني ألا يكون هناك نشاط سياسي للطلاب، أو نشاطات تظاهرية هي من حقهم في التعبير عن رأي فئة منهم، لكنها يجب أن تكون مضبوطة على إيقاع صحي وسليم قائم على فهم دور الجامعة الأكاديمي.


ما نراه -كل مرة- في النشاطات السياسية للطلاب، لا يتجاوز مناكفات بلا معنى تعبر عن احتقانات لا قيمة مضافة حقيقية فيها ولا تولد إلا العدائية والمشاعر السلبية التي غالبا ما تنتهي إلى أحداث مؤسفة قد تصل إلى الشجار والعنف.


وهذا أبعد ما يكون عن الحالة الصحية السليمة التي سيكون كل هؤلاء أبطال المرحلة المقبلة فيها.


لا بد من مشاريع حقيقية في التوعية السياسية تركز على معنى العمل الطلابي، ووضع الأمور في نصابها الصحيح لدى الطلبة في التعليم العالي.


الجامعات مؤسسات أكاديمية في الأصل، والنشاطات الطلابية -حتى السياسية منها- مطلوبة وحيوية، لكنها يجب أن تكون مضبوطة على الإيقاع الفكري الصحيح للمفاهيم، وتلك المؤسسات التعليمية بحاجة إلى كسر الحلقة المفرغة منذ سنوات في موضوع "الانتخابات وتداعياتها المتكررة" عبر تكثيف برامج توعية ولو بمساعدة مؤسسات المجتمع المدني عبر ورش عمل وتدريب وندوات مكانها الطبيعي دوما هو تلك المؤسسات.


نعم، يمكن لتلك الانتخابات أن تكون تمرينا تعبويا للشباب، لكن ضمن إطارها السليم في توضيح المفاهيم وإزالة الالتباسات التي ترسخت فصنعت كل هذا التشويه.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا