نكتة يوم الصحافة العالمي في الأردن

هناك يوم عالمي للصحافة يحتفل فيه الصحفيون.


ما هو شكل الاحتفال عند الصحفيين في الأردن والعالم العربي؟


بعيدا عن الصياغات المبتكرة على وسائل التواصل الاجتماعي والصياغات المنسوخة والمكررة، هناك ما يجب قوله في مناسبة مثل تلك، وما يجب قوله غيض من فيض يتجاوز الاحتفاليات المكررة.

اضافة اعلان


في الأردن، الصحافة ليست سلطة رابعة، بل طبقة وظيفية مضطهدة وأداة من أدوات التشويه بتواطؤ نخب السلطة نفسها، وهذا الذي نراه من فوضى في الإعلام الأردني والجسم الصحفي ليس إلا نتيجة طبيعية لاستهداف ممنهج انتهى إلى تمييع المهنة من خلال تلميع "من لا مهنة له" وطمس المهنيين حد تغييبهم.


الصحافة في الأردن صارت سلما طبقيا للانتهازيين لغايات تحقيق المنافع، وليست مهنة لها أصولها ومعارفها وأدواتها الاحترافية التي أساسها تقديم الخدمة للمتلقي.


في فترة ما قبل "عودة الديمقراطية" كان هناك صحافة اللون الواحد، لكن الصحفيين كانوا مهنيين محترفين يحاولون البحث عن أي مدى "خارج النص الرسمي" ليكتبوا عليه ولو بأظافرهم. كانت المهنة واضحة ومحددة وفيها طارئون بلا شك، مزروعون كمخبرين لكن القدرة على التمييز كانت واضحة.


عادت الديمقراطية مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وانفجر جيل جديد من الصحفيين الشباب "وقتها" يبحث عن مهنته ورزقه وعيشه فكانت ولادة الصحافة الأسبوعية الجديدة والملونة والخارجة عن نص الصحف اليومية الرصينة.


كان ربيعا عابرا للصحافة، فتم وضع خطة ممنهجة للقضاء على جدية التجربة بمسخرتها عبر توليد صحف كثيرة، كثيرة جدا أكثر من حاجة السوق بالتزامن مع وضع تشريعات وقوانين "ناظمة" في بنودها كان التقييد المالي للصحف، إما برفع نسبة رأس المال بدرجة عالية، أو عبر سياسة العصا والجزرة بسوق الإعلانات المحدود أصلا وهو الغطاء الشرعي للرشوة الرسمية.


الأساليب تعددت امام ضيق نوافذ العيش للصحفيين المحترفين مما وسع من استراتيجيات تقديم "الجزر" لتطويع الصحافة والأخطر من ذلك كان تفريغها من المهنيين، إما بالهجرة الاغترابية في مؤسسات خارج الأردن، أو بتقديم الوظائف "بلا معنى حقيقي" مثل وظيفة "مستشار إعلامي" ولا أزكي نفسي شخصيا من الوقوع في إغراءات "الجزر" في مرحلة ما من حياتي في الأردن.


الحاصل أن المهنة ومع عوامل التجوية والتعرية تلك، وهي ممنهجة مثل عمليات الاستمطار الصناعي، هطل على المهنة من لا يجدون المهنة من لاعبي الأكروبات والفهلوية وتجار الشنطة وامتلأ المشهد الإعلامي بهم حد انتشار صحف أسبوعية مطبوعة بعملية تفريخ غير منطقية، فضاعت المهنة وتميعت الاحترافية، ولأن السوق غالب، فإن عمليات الإزاحة أزاحت الصحف المهنية الجادة في عملها وأبقت على الغث في سوق ممسوخ الوعي.


دخلنا عصر الانترنت، بقواعد جديدة ومدهشة لا يمكن السيطرة عليها او ضبطها، فظهرت المواقع الإلكترونية تباعا وبشكل يعيد إنتاج الحالة بشكل مهني، لكن القواعد التي مسخت الصحافة المطبوعة وجدت طريقها في عصر الانترنت وبتوسع أكبر، ومع ظهور وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي وصلنا إلى حالة من الفوضى الموجعة التي لم يعد عند المتلقي فيها فرق بين إدراج يضعه جاهل لديه القدرة الكاملة على تسمية نفسه بصحفي أو إعلامي وصحافة حقيقية تشتغل الخبر والتقرير والمقال المحترف لكنها مضطرة أن تنشره "مرة ثانية" على وسائل التواصل الاجتماعي لتنحدر في منافسة مع الجاهل المذكور أعلاه.


هذا غيض من فيض رؤية شخصية وتجربة مهنية في الأردن..على خلفية يوم الصحافة العالمي، فكل عام والكلمة المسؤولة "لا الحرة بانفلات" بخير.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا