نبذة عن قوانين الانتخاب لدينا

إن الدولة الحديثة تُبنى على أساس مشاركة كافة مواطنيها في عملية صنع القرار والتي تكون بطرق وأشكال مختلفة وفق نظامها السياسي، وهذا ما يسمونه “الديمقراطية”؛ فالمشاركة بالتمثيل تعطي الدول قوة وتحصيناً لجبهتها الداخلية، وأساس هذه المشاركة “الانتخاب”، وفي هذه المقالة سنسلط الضوء على النظام الانتخابي المتبع في كل قانون مر على عمر دولتنا، وكذلك بعض التغيرات التي طرأت عليها في كل قانون.

اضافة اعلان


الدولة الأردنية ومنذ تأسيسها، وضعت دستور الإمارة الذي يبين النظام السياسي فيها وطريقة المشاركة في عملية صنع القرار، فكان ذلك من خلال القانون الأساسي (الدستور) في عام 1928 الذي نص على القواعد والمبادئ العامة للانتخاب، فقام المشرع الدستوري بترك تنظيمها لقانون الانتخاب، فصدر أول قانون للانتخاب في العام 1928، وهنا سأتطرق للنظام الانتخابي الذي كان متبعاً في كل قانون انتخاب مر على عمر دولتنا، ولا شك منها ما سجل له أنه متقدم ويعطي فسحة لآلية الاختيار والتمثيل الديمقراطي المتقدم، ومنها ما سجل عليه تأخرنا في المجال الديمقراطي والتقدم السياسي المأمؤل.


إن النظام الانتخابي المتبع في قانون عام 1928 كان يقوم عبر الاقتراع غير المباشر لأعضاء السلطة التشريعية، أما الاقتراع المباشر فيكون من خلال اختيار الناخب للمرشح بطريقة مباشرة كما هو معمول به الآن، أما غير المباشر فيكون باختيار الناخب للمندوبين أو ما يسمّى الناخبون الثانويون الذين يقومون بالتصويت لانتخاب أعضاء مجلس النواب.


ومن ثم جاء قانون رقم (9) لسنة 1947 والذي بموجبه أصبح الانتخاب مباشراً لكافة الدوائر الانتخابية ما عدا دوائر بدو الشمال والجنوب، ومن ثم بالقانون المعدل رقم (79) لسنة 1951 بحيث أصبح انتخاب دوائر البدو بالاقتراع المباشر كما هو معمول به في كافة الدوائر الانتخابية.


في عام 1958 جاء قانون الانتخاب المعدل رقم (3) لسنة 1958 الذي تم فيه زيادة عدد أعضاء مجلس النواب إلى الخمسين، بإضافة الدوائر الانتخابية للقدس والخليل ونابلس، وفي القانون المؤقت رقم (24) لسنة 1960 حدث تغير كبير على عدد الدوائر بحيث أضيفت دوائر الضفة الغربية وأصبح عدد مقاعد أعضاء مجلس النواب (60) مقعداً مقسمة مناصفة ما بين الضفة الشرقية والغربية فيما الاقتراع أصبح مباشراً سرياً.


أما في العام 1974 دخل تعديل جوهري ومتقدم على قانون الانتخاب المعدل رقم (8) لسنة 1974، بحيث سمح للمرأة ولأول مرة أن يكون لها دور في النظام الانتخابي والمشاركة في عملية صنع القرار من حيث المشاركة بالانتخاب والترشح، أما القانون رقم (22) لسنة 1986 فقد عدل بعمر الناخب بحيث أصبح يدلي بصوته لمن أكمل تسع عشرة سنة شمسية في تموز من كل سنة حسب هذا القانون.


وبعد توقف الحياة الانتخابية والسياسية في الأردن لمدة زمنية ليست بالبسيطة عادت من خلال القانون المعدل رقم (23) لسنة 1989، والذي أُلغيت بموجبه المقاعد المخصصة للضفة الغربية بعد قرار فك الارتباط، وكان النظام الانتخابي المعمول به وفق هذا القانون هو القائمة المفتوحة، فكان لهذا القانون حظوة بالإجماع على أفضليته من خلال الاختيار الأفضل، وفيه إجماع حقيقي على اختيار الممثلين بطريقة ذات ضمانة للناخب باختيار الأكثر كفاءة، إلا أن العمل بهذا القانون لم يستمر طويلاً، حيث تم التحول إلى نظام الصوت الواحد وفق قانون الانتخاب المعدل رقم (15) لسنة 1993.


استمر العمل بنظام الصوت الواحد وفق قوانين الانتخاب أرقام (24) لسنة 1997 و (34) لسنة 2001 والمعدل رقم (11) لسنة 2003 ورقم (9) لسنة 2010، إلا أن قانون رقم (11) لسنة 2003 قد أحدث نقلة جديدة من حيث إدخال الكوتا النسائية للنظام الانتخابي، بحيث خصص للمرأة (6) مقاعد من عدد أعضاء مجلس النواب، وازداد عدد هذه المقاعد بموجب قانون عام 2010 بحيث أصبح (12) مقعداً مخصصاً للمرأة.


في عام 2012 صدر قانون الانتخاب رقم (25) لسنة 2012 الذي تم زيادة عدد المقاعد المخصصة للمرأة الى 15 خمسة عشر مقعدا وبموجبه تم العمل بالنظام الانتخابي وفق دوائر محلية مخصص لها عدد من المقاعد ودائرة عامة واحدة لكافة محافظات المملكة وفق القائمة النسبية المغلقة.


عدل العمل بالنظام الانتخابي بموجب قانون الانتخاب رقم (6) لسنة 2016 بحيث أصبح العمل بنظام القائمة النسبية، وترك نظام الصوت الواحد.


إن الإصلاح والتجويد لا يحصل بالدول مرة واحدة، لهذا قررت الدولة الأردنية إدخال تحديثات على المشاركة السياسية وتعزيزها بحيث أجريت تعديلات على الدستور والقوانين الناظمة للعمل السياسي منها قانون الانتخاب والأحزاب وقانون الهيئة المستقلة للانتخاب، وصدر في العام 2022 قانون الانتخاب رقم (4) لسنة 2022 والذي يعمل بنظام انتخابي للدوائر المحلية، بالإضافة للدائرة العامة الانتخابية لجميع محافظات المملكة والمخصصة مقاعدها للأحزاب وفق القوائم النسبية المغلقة، وقد نص القانون على نسبة الحسم ما يسمى بالعتبة للدائرة المحلية والعامة.


ختاماً، فإن عدم الاستقرار في قوانين الانتخاب يُعدّ أمراً يؤثر على مسيرة الدول ، ويؤثر فيها على شكل الدولة ونظامها السياسي والطريقة المثلى في المشاركة في عملية صنع القرار؛ فالتغير المستمر والتعديل على هذا القانون له مساوئ عديدة تؤخر من تقدم الدول في مجالات المشاركة وتعزيز الحريات والديمقراطية الحقيقة، وفي المستقبل القريب سوف تجرى انتخابات في مملكتنا وفق نظام انتخابي يُعدّ تقدمياً، ونتمنى أن ينعكس بالإيجاب على دولتنا الأردنية وبكافة الصعد.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا