"البيانات الشخصية".. حماية للفرد أم قيود إضافية؟

حماية البيانات الشخصية
حماية البيانات الشخصية

فيما يؤيد خبراء مشروع قانون حماية البيانات الشخصية الذي أقره مجلس النواب، من السرقة والنقل أو التشهير وغير ذلك، يبدي آخرون تخوفهم من أن هذا القانون يزيد من حجم القيود التي تعرقل حق الحصول على المعلومات.

اضافة اعلان


ويسوغ المعارضون مخاوفهم بتزامن مشروع القانون مع "ظروف وتشريعات وحتى ممارسات"، يرون أنها "تقيد الحق في الحصول على المعلومات"، مشيرين إلى تخوف آخر أظهرته مناقشة مشروع قانون حماية البيانات، ألا هو "زحمة" التشريعات، التي تتناقض فكرتها مع الرؤى الديمقراطية في الدول المتقدمة".


وتعني حماية البيانات الشخصية، وفق ما ورد في مشروع القانون: "أي بيانات أو معلومات تتعلق بشخص طبيعي ومن شأنها التعريف به بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مهما كان مصدرها أو شكلها، بما في ذلك البيانات المتعلقة بشخصه أو وضعه العائلي أو أماكن تواجده".


وأما على جانب المؤيدين لمشروع القانون، فيشيد الوزير السابق والفقيه القانوني نوفان العجارمة به، معتبرا أنه "يحمي بيانات كل شخص من التعرض لنقل معلوماته وتسريبها دون إذن منه"، لافتا الى أن هناك بعض البرامج القانونية التي باتت تستغل سهولة تدفق المعلومات الشخصية وتقوم ببيعها.


ونفى العجارمة تقاطع مشروع القانون مع أي قانون أردني آخر. 


ورداً على سؤال موجه للعجارمة حول سبب عدم جعل مظلة هذا القانون هيئة مستقلة تتابع وتحمي بيانات الأشخاص بدلاً من وزارة الاتصالات، أجاب: "من الصعب من الناحية المادية إنشاء هيئة مستقلة تكون مظلة لقانون".


بدوره، أشار الخبير القانوني الدكتور يونس عرب إلى أن مشروع القانون جاء "حصيلة مشروع مقدم من قبل اللجنة الاجتماعية الاقتصادية لدول غرب آسيا (الإسكوا)، وتم سنه في أكثر من دولة".


ونوه عرب بأن التدابير والمعايير الواردة في مشروع القانون "تكاد تكون متطابقة مع كافة التشريعات ذات العلاقة في العالم، وتواكب الارشادات والتشريعات الدولية بجميع موادها، إلا في المادة المتعلقة بمفوض الخصوصية".


ويوضح بأن "مشروع القانون الأردني جاء خاليا من تحديد مفوض الخصوصية، ونذكر بأن قانون حق الحصول على المعلومة اشترط وجود مفوض للخصوصية لحماية المعلومات، وكذلك القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان أيضا اشترطت ذلك، وأيضا هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وبالتالي فإن (مفوض الخصوصية) هو نقطة الخلاف مع هذا التشريع".


ويتابع: "معايير مشروع القانون جيدة، لكن أداة الحماية ليست كذلك، بل لم يسبق لأي قانون حماية للبيانات الشخصية ان أغفل مفوض الخصوصية، واذكر هنا أن الرئيس الفرنسي تمت احالته للقضاء من قبل مفوض الخصوصية، حين اعتبر انه أخل بقواعد قانون حماية البيانات الشخصية".


من جهة أخرى، وبحسب عرب، فإن "هذا القانون بتكوينه، يشكل قيدا على المعلومات، تماما كقانون الأسماء التجارية، وهذه القوانين في تكوينها قيود تواجه الحق في الحصول على المعلومات، لأن الأصل بحسب الدستور وقانون حق الحصول على المعلومة حماية هذا الحق، الذي يتيح لنا المعلومات لنعرف ونصنع مجتمعا اقتصاديا واجتماعيا متينا، وهو حق أصيل من حقوق الإنسان".


بدوره، انتقد الفقيه الدستوري، وأستاذ القانون في جامعة العلوم الإسلامية الدكتور حمدي قبيلات ما اعتبره "زحمة" التشريعات التي باتت تظهر مؤخراً، وأشار إلى أنه ومن منطلق أكاديمي هناك مبدأ يعد دستورياً في بعض الدول وهو "الأمن القانوني"، الذي بات غائبا في البيئة التشريعية الأردنية التي ثبت مؤخراً أنها تمر بمرحلة "غياب الاستقرار التشريعي".


ودلل قبيلات على حديثه بالقول: "تمر الحالة التشريعية الأردنية مؤخرا، خصوصا من خلال مجلس النواب الحالي، بحالة أشبه بالتخبط والغموض، من خلال سرعة إقرار قوانين وتعديل أخرى، ومنها قوانين لم يمر على عمرها أكثر من ثلاثة أعوام، وكل ذلك له انعكاسات سلبية لا على المواطن فقط، بل أيضاً على بيئة الاستثمار".


وأوضح قبيلات أن مبدأ "الأمن القانوني" يعني استقرار البيئة التشريعية، الأمر الذي يزيد من ثقة المواطنين بقوانين بلدهم النافذة، فمن خلالها يتعرفون على حقوقهم، ويصبح لديهم وعي شامل بسائر مجالات الحياة، لكن ذبذبة التشريعات وكثرتها وسرعة تعديلها تحدث حالة إرباك تخلخل الأمن القانوني وبالتالي تزعزع ثقة المواطنين.


ويضيف: "ناهيك عن حالة الإرباك التي قد تهز ثقة المستثمرين، الذين باتوا يلمسون أن هناك غيابا في الاستقرار التشريعي في الأردن، وهم يرون أنه في كل فترة قصيرة يتم إقرار قانون، ويعدل بعد فترة وجيزة، فضلا عن زحمة القوانين التي تتداخل بعض موادها معا".


أما بحسب رأي الحقوقي محمد شمّا فإن الأردن "وفي السنوات الأخيرة تراجع خطوات نحو الخلف من ناحية القوانين والممارسات التي وضعت قيودا على الإعلام، وعلى حق الحصول على المعلومة، وبالرغم من إقرار قانون حق الحصول على المعلومة في العام 2007 لكن لغاية الآن لا يوجد احترام لهذا الحق".


وأضاف شما: " هذا الأمر سبب عجزا للصحفيين، فالعمل الصحفي مثلاً اصبح مثل الوظيفة الروتينية، لأن السياق أجهض روح عمل الصحفيين، وأثر على حقوق الناس"، موضحا أن "الضحايا ليسوا الصحفيين بل المواطنين، عبر تقييد حقهم في المعرفة والوصول للمعلومات".


وختم بالقول: أصبحت هناك جملة من القوانين التي تقيد حق الحصول على المعلومات، وهذا يعني رقابة مسبقة وهجرا لمواقع التواصل الاجتماعي، وفقدان ثقة بحق الفرد في المعرفة، وبالتالي فإن الخاسر الأكبر في هذه المعادلة هي الدولة".

 

اقرأ المزيد : 

تجويد مشروع قانون حماية البيانات الشخصية