الأبوّة في لوحات.. ودودة، جافة وربما شائكة

الأب
الأبوّة في لوحات

تتنوع صور الأب، كغيره من البشر، في ذهن أبنائه. فتارة تنطبع بجودة نقية خالصة، تذكرنا تماماً بالعطاء الأبدي الممنوح والمتبادل بينهما، كتلك الحالة التي يشرحها المؤرخ الفرنسي جان فرانسوا بلاديه بمثال بسيط: عندما يُقدِّم الأب لابنه، يفرح الأب ويفرح الابن. وعندما يُقدِّم الابن لأبيه، يبكي الأب، ويبكي الابن أيضاً. 

اضافة اعلان


وتارة نرى تلك العلاقة كلوحة منقوصة بها ثقوب تغرس عميقاً في صدور الآباء، فهناك تعبير أوروبي قديم يُبرز جحود الابن بحق أبيه، نقتبس منه: "يرعى الأب أبناءه العشرة أكثر مما يرعى الأبناء العشرة أباهم الأوحد".


ولأن الأب بشر من لحم ودم، قد تطغى أنانيته على أبوّته فيدير ظهره بلا عودة أو التفاتة واحدة إلى الوراء، فلطالما تجرأ الأبناء المكلومون على كسر الهالة المزيفة الممنوحة لأبائهم، فاختاروا الفن متنفساً للتغلب على مرارة خسران الأب حياً. فكيف حاكى الرسامون تلك العلاقة الودودة، الجافة، والشائكة أيضاً؟ وماهي أبرز تلك اللوحات على مرّ العصور؟

الآباء والأبناء بعيون الرسامين

 


عودة الابن الضال- رامبرانت 1665

 


 

 

يعود الابن إلى المنزل حيث تعتريه حالة تعسة بعد أن هجر والده وهدر أمواله ووقع في فقر متقع. يركع أمام أبيه تائباً طامعاً في المغفرة، ليرحب الأب بابنه بأذرع مفتوحة فيسامحه على غيابه وجل ما ارتكب من أخطاء في الماضي.
نرى أيدي الأب بصورة مغايرة قد تبدو سريالية بعض الشيء، بحيث تُجسد الأمومة والأبوة في آن واحد؛ يده اليسرى الموضوعة على كتف الابن أضخم وأكثر ذكورية، في حين نرى اليد اليمنى وقد نعُم ملمسها وغدت أكثر ليونةً وأنثويةً، فها هي العائلة، بعنصريها "الأب والأم"، تحتضن ابنها من جديد وتستقبله بحب لا مشروط. في حين يقف الأخ الأكبر للابن الضال على يمين اللوحة، يعترض على المشهد ولسان حاله كما فُسِّر من قبل النُقّاد يقول: أقتلتَ عجلك السمين من أجله؟ ليجيبه الأب: مات أخيك، لكنه على قيد الحياة مرة أخرى. ضاع وعثر على نفسه من جديد. 

صورة ذاتية مع بريتا - كارل لارسون 1895

 


 

 

يستحضر هذا العمل حب الأب لابنته بعد طفولة معقدة وعلاقة متضاربة عاشها الرسام السويدي كارل لارسون رفقة أبيه، حيث وصف كارل والده بأنه "رجل بلا مشاعر يفتقر إلى ضبط النفس، يمضي حياته بحالة سكر وهذيان، وعند ذروة غضبه، يخاطبني قائلاً: ألعن يوم ولادتك". 
جسد لارسون في عمله الفني لحظات عذبة من حب الأسرة، حيث كان الرسام بأمس الحاجة إليها عندما كان طفلاً. وحينما أنجب لارسون ابنته بريتا وأشقاءها السبعة، اعتبرهم بمثابة تعويض إلهي عما لحق به في طفولته المجردة من الحب والسكينة.

الأب- بول سيزان 1866

 


 

 

رسم سيزان هذه اللوحة بعد أن تخلى عن دراسته  بمجال الحقوق ليكرس نفسه للفن، وبهذه الرسمة يقدم الفنان صورة اعتيادية مألوفة، لكنها تشع حميمية، لوالده الذي كان داعماً أولاً في حياته. 
ها هو والد الرسام سيزان، لويس أوغست، حيث كان في أوائل الستينيات من عمره عندما رسمه ابنه في هذه اللوحة، رجل كبير السن يجلس وساقاه متقاطعتان ورأسه منحنيا منهمكاً بقراءة الصحيفة التي يحملها بكلتا يديه.

الخطوات الأولى وفقاً لميليه- فان كوخ 1890

 


 

ابتكر الرسام الانطباعي الهولندي نسخة من الباستيل للوحة الفنان فرانسوا ميليه، لتمثيل أب يرحب بابنه بأذرع مفتوحة وهو يخطو خطواته الأولى. 
أحب كوخ هذا العمل بوصفه مشهداً دافئاً سيدغدغ، وباختلاف الأزمنة والأمكنة، مشاعر ملايين الآباء والأبناء.

التقوى الأبوية: هسيانغ ينقذ والده من النمر-  كاتسوشيكا هوكوساي 1923

 


 

 

لطالما لجأ الأطفال إلى آبائهم لحمايتهم من أي خطر وشيك، لكن في هذا المشهد الدرامي للرسام الياباني هوكوساي، ينقذ يانغ هسيانغ البالغ من العمر 14 عاماً والده من براثن النمر بكل جسارة.


استلهم الرسام حكاية هذه اللوحة من النصوص الكونفوشيوسية، وهي تعاليم أخلاقية وفلسفية صينية برزت في القرن الـ6 قبل الميلاد على يد رجل يدعى كونفوشيوس، تقوم على تقديس أرواح الآباء والأجداد وتكريس الروح دفاعاً عنهم وحماية لهم.

صورة ذاتية لوالدي- فريدة كاهلو 1941

 


 

توفي والد الفنانة المكسيكية فريدا كاهلو عام 1941، أي قبل قبل 10 أعوام من رسم صورته. 
كان كارل كاهلو مجرياً ألمانياً، ومصوراً وفناناً محترفاً، وصفته فريدا في أسفل هذه اللوحة "بالشخصية الكريمة والذكية الرائعة"، حيث كان "شجاعًا لأنه عانى من الصرع لمدة 60 عاماً، لكنه لم يتوقف عن العمل والقتال ضد هتلر". 

صنعُ قلعة- بلو لان شينجي 

 


 

 

تُظهر اللوحة الرسام التايواني المعاصر بلو لان وابنه وهما يلعبان في قلعة مصنوعة من الورق المقوى. 


يؤمن بلو بأن الزاوية في اللوحة هي الرسالة، لذلك يقضي الفنان التايواني جل وقته للعثور على الزاوية الصحيحة التي تتيح لمتذوقي الفن رؤية المشهد باتضاح.

الآباء والأبناء ينقشون ملامحهم على اللوحات الفنية عبر العصور

 

 


صورة رجل مع ثلاثة أبناء- بارثيل بروين الأكبر 1530


 




أبي قادم- وينسلو هومر 1873




الفقير الشاكر- هنري تانر 1894




ابني يسير دوماً على خطى الأب- تيودور كيتيلسن 1894




في روما، أب وابنته- جورينو جاردابسي 




أب وابنة- جون لاڤيري 1900




أعماق الجنوب- ويليام إتش جونسون 1942




أب وطفلته- أليرجيني 2009





حمل ثقيل- آرثر هاكر 2011





أب وابن- جان نويل روبيو- 2011





اقرأ أيضاً: 

الفن يبعث الروح فينا.. والعلم يؤكد

الأب في السينما.. من يمس روح رجلٍ سوى طفله؟