جمع التبرعات في شوارع إربد.. تسول مستتر بالعمل الخيري

التسول-(تعبيرية)
التسول-(تعبيرية)

إربد - تحت ذريعة "العمل الخيري"، ينشط أشخاص خلال شهر رمضان بجمع التبرعات لجهات متعددة، يجوبون شوارع مدينة إربد، يرتادون الأسواق، يدخلون المحال التجارية ويستوقفون المارة، يكررون ذات العبارات الاستعطافية "تبرعوا لبناء مسجد"، "تبرعوا لدار تحفيظ القرآن"، ""تبرعوا للايتام".  

اضافة اعلان


ويحمل هؤلاء الأشخاص أوراقا، كدليل على صدقيتهم، ولمنح من يريد التبرع مزيدا من الاطمئنان، بأنهم ينتمون إلى جهة موثوقة، بينما ما يحملونه من أوراق لا أحد يعرف مدى صحتها ورسميتها، وما إذا كانت تثبت فعلا أنهم ينتمون إلى لجان جمع التبرعات.    
في زاوية أخرى، يزاحم جامعي التبرعات أشخاص يطلبون المساعدة تحت ذرائع عدة، أغلبها قاهرة من أجل اقناع المواطنين بالتبرع لهم، فمنهم من يحمل أوراقًا علاجية كحاجتهم لشراء الأدوية، أو إجراء العمليات الجراحية.


بين جامعي تبرعات لا يعرف مصدرهم وطالبي مساعدات تحت ذرائع قاهرة، يبقى العدد الأكبر ممن يمكن تسميتهم بـ"متسولون بالفطرة"، ليكتمل المشهد في شوارع واسواق ومجمعات مدينة اربد التي بات التسول فيها مهنة، في وقت تكثف الجهات المعنية جهودها لمنعها ووقف نشاطها. 


محافظ إربد، رضوان العتوم، في اجتماع أخير للجنة متابعة عمل فرق مكافحة التسول، أكد ضرورة تكثيف حملات مكافحة التسول في محافظة إربد، لما تسببه هذه الظاهرة من إزعاج للمواطنين، وبخاصة في شهر رمضان المبارك.


وشدد العتوم على ضرورة تكثيف عمل فرق التسول الميدانية خلال شهر رمضان؛ نظرًا لانتشار هذه الظاهرة وما تشكله من إزعاج للمواطنين نتيجة انتشار المتسولين عند إشارات المرور وأمام المساجد والمجمعات التجارية، الأمر الذي يُعيق حركة المرور ويعكس صورة غير حضارية عن مدينة إربد.


وقال العتوم إن ظاهرة التسول دخيلة على المجتمع الأردني، وإن زيادة تلك الظاهرة في شهر رمضان المبارك يدفعنا لتكثيف حملات فرق مكافحة التسول الميدانية في محافظة إربد، على مدار الساعة. 


المحافظ العتوم ليس وحده من يشعر بالانزعاج إزاء ظاهرة التسول، بل إن المواطنين باحتكاكهم المباشر مع هذه الفئات عبر تواجدهم بالأسواق يبدو الأكثر قلقا وامتعاضا من الظاهرة. 


يشير المواطن احمد ملكاوي من سكان اربد، أن أشخاص يعرفون على أنفسهم على أنهم من لجان إعمار المساجد يدخلون الى المحال التجارية مرددين عبارة تبرعوا لبناء مسجد او لأسرة محتاجه، لافتا إلى أن هناك استجابة من قبل المواطنين للتبرع لهؤلاء الاشخاص ويقومون بإعطائهم المال دون التأكد من هوياتهم.


ولفت إلى أن هؤلاء الاشخاص عادة ما يلبسون "الزي الاسلامي" ليضفوا المصداقية على عملية الجمع، وآخرون يلبسون الزي الرسمي لمزيد من الثقة، مشيرا إلى أن هؤلاء الأشخاص عادة ما يحملون أوراقا في ايديهم يبرزونها في حال تم الطلب منهم، اضافة الى حقيبة لجمع النقود.


وقال صاحب محل محمد هياجنة إن هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بجمع التبرعات ينشطون في شهر رمضان، مع وجودهم بأعداد قلية في الأشهر الأخرى، مؤكدا أن المواطنين يتبرعون بهذا الشهر طلبا للأجر والثواب، إلا أن الأموال التي يتم جمعها بحجة بناء المساجد أو للجان الزكاة لا يعرف أين تذهب.


ودعا الهياجنة المواطنين إلى عدم التبرع للأشخاص الذين يقومون بالتجول بالشوارع حتى يضمنوا أين تذهب الأموال. 


الهياجة يرى بان ضبط عمليات جمع التبرعات المشكوك فيها، مسؤولية مجتمعية مشتركة ولكن على الجهات المعنية تكثيف حملات المراقبة والتفتيش على المتسولين ومن يدعون بجمع التبرعات لأهداف خيرية ويتواجدون على جنبات الطرق وامام المساجد والمحال التجارية.


يقول أحمد وهو صاحب محل ملابس إن أعداد المتسولين في تزايد، وأصبحوا مصدر تنفير للزبائن، وخصوصا وأن محله يقع بالقرب من أحد المساجد، لافتا إلى أن أعداد المتسولين تتضاعف في رمضان وان وجودهم يشوه  المنظر العام ناهيك عن الازعاج الذي يصدروه.


وأضاف أن هؤلاء المتسولين ينشطون في شهر رمضان نظرا لقيام المواطنين بالتبرع لهم دون التأكد من انهم بحاجة أم لا، والتأكد من الوثائق التي يحملونها ما إذا كانت صحيحة وصادرة عن جهات رسمية. 


ويعتقد المواطن علي الشريف، أن هناك بعض المتسولين امتهنوا التسول، وهم ليسوا بحاجة إلى المال، مشيرا إلى أن التبرع لهؤلاء المتسولين والتعاطف معهم يشجعهم على الاستمرار في ظل ما يحققونه يوميا من عائد مالي كبير.


وقال إن تواجد المحتاجين للتسول أمام المساجد منظر غير حضاري والاجدى بهؤلاء البحث عن أي فرصة عمل، فيما تتولى الجمعيات والحكومة صرف معونة في حال كانوا بحاجة وغير قادرين عن العمل بسبب مرض أو إعاقة. 


وأشار إلى أن ظاهرة التسول أصبحت مهنة من لا عمل له تمارس امام المساجد وفي الشوارع والمحال التجارية وتحت ذرائع واهية لاستعطاف الناس للحصول على الأموال بطرق غير مشروعة.


وكان ديوان التشريع والرأي، نشر مسودة قانون التنمية الاجتماعية لسنة 2023، والذي يعاقب فيه كل من يمارس مهنة العمل الاجتماعي دون ترخيص بغرامة لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد على ألفي دينار.


والقانون، يعاقب أيضا كل شخص اعتباري يشغّل أي شخص غير مرخص في مجال العمل الاجتماعي بغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على 5 آلاف دينار وفي حال التكرار بالحد الأعلى من الغرامة.


كما يعاقب كل من يجمع تبرعات أو يعلن عن حملات جمع تبرعات بدون ترخيص من وزارة التنمية الاجتماعية بغرامة لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد على ألفي دينار وفي حال التكرار بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنتين وبالحد الأعلى من الغرامة.


ويعاقب كل شخص اعتباري يجمع تبرعات أو يعلن عن حملات جمع تبرعات بدون ترخيص من الوزارة بغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار وفي حال التكرار بالحد الأعلى من الغرامة.


وحددت تعليمات لوزارة الاوقاف في مسألة جمع التبرعات أمام المساجد، أن أي افراد أو جهة تريد جمع تبرعات وفق الأنظمة والقانون البدء بأخذ موافقة الوزارة والالتزام بتعليماتها.


وحدد التعليمات الجهات التي يحق لها جمع التبرعات بثلاث جهات، هي لجان إعمار المساجد، ولجان رعاية المساجد، ولجان الزكاة.


ويؤكد مدير أوقاف اربد عمر الحموري وجود تعليمات واضحة حددتها الوزارة في مسألة جمع التبرعات أمام المساجد، وأن أي أفراد أو جهة يريدون جمع تبرعات وفق الأنظمة والقانون عليهم أخذ موافقة الوزارة والالتزام بتعليماتها.


وأشار إلى أنه تم رصد العديد من المخالفات وخصوصا قيام اشخاص يجيبون الشوارع يحملون أوراقا لجمع التبرعات لبناء المساجد وتم مخاطبة الحاكم الاداري لاتخاذ الاجراءات الادارية بحقهم مع الجهات المختصة، مثل الجمع بغير المكان المخصص أو جمع التبرعات بدون إذن قانوني أو جمع تبرعات من غير الفئات المصرح لها.


ودعا الحموري المصلين الى عدم التعاطف مع الذين يطلبون المال سواء لبناء المساجد او لأي جهة كانت وبإمكان المواطن التبرع بزكاة أمواله من خلال لجان الزكان حتى تذهب بالاتجاه الصحيح، وأن المديرية على استعداد  لتلقي أي تساؤلات وألا يتردد المتبرع بطلب ايصال مالي بالمبلغ الذي دفعه.


وتابع الحموري، أن جمع التبرعات عبر التجوال في الشوارع أمر مخالف للقانون، لافتا إلى أن لجان التبرع لرعاية المساجد، تكون في المساجد. 


وأوضح أن جمع التبرعات في المساجد أصبح يخضع لمتابعة دقيقة وفاعلة من كوادر المديرية المتخصصة في هذا المجال، مؤكدا أن هناك دائرة في المديرية تجتمع مع لجان التبرعات كل 3 أشهر للتدقيق في الوصل المالي وآلية جمع التبرعات.

 

اقرأ أيضا:

  "مديرية مكافحة التسول" تزيد مسارات نطاق حملات الضبط في رمضان