"الله يبعتلك عريس يكملك".. هل "تنتقص" بعض العبارات من شأن المرأة؟

مجد جابر

عمان - شو ناقصك لحتى لهلا ما تزوجتِ".. "الله يكملها معك بابن حلال يتزوجك"، "الله يستر عليك".. "وين عيون الشباب عنك".. "الله يبعتلك عريس يكمل حياتك".."معقول لهلا ما تزوجتِ"، تلك بعض من العبارات التي تثير استغراب ودهشة الفتاة حينما تستمع لها، خصوصا عند وصولها إلى مرحلة عمرية معينة تحتم، بنظر المجتمع، أن تتزوج وتبني حياة جديدة.

اضافة اعلان


تلك العبارات وغيرها التي يطلقها المحيطون، تشعر الفتاة أن حياتها لن تكتمل في مسارها الطبيعي ولن يكون لأي نجاح تحققه، أي أهمية، بما أنها لم ترتبط حتى الآن.


هذه الكلمات التي تسمعها الفتاة بشكل مستمر، ترافقها نظرات الحزن والاستغراب من الآخرين، وكأنها تعاني من خلل ما لن يصلحه الا الزواج، وهو ما يجعل الغاية لدى كثير من الفتيات هي الارتباط، بغض النظر إن كان اختيارهن صحيحا أو خاطئا، فقط من أجل تبديد النظرة التي يكرسها المجتمع حولها.


تلك النظرة، تبدأ منذ الصغر ومع التنشئة الاجتماعية في المنزل المرتبطة دائما بعبارات تشعر الفتاة بأن الإنجاز الوحيد لها هو أن تكبر وتصبح عروسا، إذ يقاس أي فعل أو حدث إيجابي فقط بزواجها.

كل ذلك وأكثر، يزرع في ذهن الفتاة منذ الصغر أن هدفها الوحيد وطموحها ينبغي أن يدورا فقط حول مشروع الزواج.


ويرى الاختصاصي الأسري ورئيس جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان، أن الزواج حاجة فطرية واجتماعية أساسية للفرد والمجتمع، وينبغي أن يقوم على أسس سليمة فهو يحقق المودة والسكينة والرحمة للزوجين.


وتأخر الزواج، وفق سرحان، له أسباب عديدة منها اقتصادية واجتماعية، ومنها ما يتعلق بالشباب والفتيات، والنظرة إلى الزواج ومؤسسة الأسرة، والشروط الواجب توافرها في الطرف الآخر وأحياناً النظرة المثالية للزوج.


وقد ينظر الكثيرون للفتاة غير المتزوجة نظرة سلبية، وينعكس ذلك على كلماتهم وتعبيراتهم سواء بالحديث المباشر معها من قبل الصديقات والقريبات، أو أمام الآخرين داخل الأسرة أو أماكن العمل.

ويشير سرحان الى أن الدافع في ذلك، من وجهة نظر المتحدثة، يكون نابعا أحيانا من المحبة والحرص وتمني الخير لها أو بسبب الإعجاب بأخلاقها وشخصيتها وجمالها ونجاحها في عملها>

والاعتقاد بأنها ستكون زوجة ناجحة وبأن هذا الزواج سيضيف لها سعادة كبرى، بالنظر إلى تجربة المتحدثة وقناعتها بأهمية الارتباط وبناء الأسرة، وأن ذلك لا يتعارض بالضرورة مع العمل والنجاح.


وأيضا، قد يكون الكلام للتحفيز على الموازنة بين العمل وبين الاحتياجات الشخصية التي ربما يصعب تعويضها بعد سنوات، وخصوصاً بعد وفاة الوالدين وزواج الإخوة والأخوات والتقدم بالعمر.


وقد يكون دافع الكلام الاستغراب لعدم زواج الفتاة لعلمهم بأنها رفضت أكثر من شخص تقدم لخطبتها، ولحثها على عدم الاستمرار بالتردد والمضي قدما لاتخاذ القرار.

ووفق سرحان، هنالك من يتحدثون بعبارات تسبب الإحراج للفتيات والتقليل من شأنهن وإن كان ذلك من غير قصد.

لذا ينبغي أن يفكر الإنسان قبل أن يتكلم، خصوصاً عندما يكون الكلام على مسمع مجموعة من الأشخاص، وأن يدرك أثر كلامه على الآخر ونفسيته وكيف يُفهم هذا الكلام، وهل يسبب له الضيق والحرج، وهل يكون أثره إيجابياً أم سلبياً.


الى ذلك، أن يدرك الشخص ظروف الآخر وقناعاته ونظرته إلى بعض جوانب الحياة، وهي ليست بالضرورة أن تكون متطابقة مع رأي المتحدث وقناعاته، حتى فيما يعتقد أنه من المسلمات والبديهيات.

ويذهب سرحان الى أن توجيه كلام يسبب الإزعاج أو الإحراج يزيد الفجوة مع الآخرين، ويسبب النفور وقد يؤدي إلى فقدان الأصدقاء.

والأسلوب الأمثل هو الحوار والحديث الثنائي، الذي يخدم قناعات الطرف الآخر ويقدر ظروفه.


وفي كل الأحوال، وبغض النظر عن الأسباب، فقد يتأخر الزواج أو لا يتم، وهذا لا ينقص من قدر الفتاة ما دامت ملتزمة بالقيم الفاضلة، وقد لا تكون دائماً هي صاحبة القرار ومن تتحمل المسؤولية الكاملة.

وتبقى العبارات والكلمات من أقوى الأسلحة المؤثرة التي يمتلكها الجميع، ومن المهم كيف يتم استخدامها، بحسب سرحان.


ويذهب الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة، الى أن الثقافة المجتمعية ترسخ فكرة الزواج للفتاة منذ نعومة أظفارها، وتكون العبارات الموجهة لها "صرتي عروس"، "يلا بدنا نزوجك"، ويتم زراعة هذه المفاهيم في ذهنها وبأن الزواج هو المستقبل والطموح فقط، ومن دونه سينقصها الكثير.


ويبين مطارنة أن هذا التقليد مبني على ثقافة قديمة، وما تزال موجودة حتى الآن، لذلك لابد أن ننظر الى التنشئة الاجتماعية الصحيحة في الأسرة بأن الفتاة لابد أن يكون لديها هدف وطموح ومكانة اجتماعية في المجتمع بعيداً عن الحديث طوال الوقت حول مشروع الزواج، والذي ينبغي أن يكون مبنيا على أسس سليمة.

ويرى أن عدم زواج الفتاة لا ينتقص منها على الإطلاق، فكثير من النساء رفضن الزواج لعدم وجود شخص مناسب أو لأن اهتماماتهن كانت في مجالات بعيدة عن موضوع الارتباط وحققن أنفسهن في مجالات أخرى.


وينوه مطارنة إلى أن الرباط الأسري إما أن يكون في المستوى المطلوب أو لا يكون، لافتا الى أن الفتاة يجب أن يكون لديها القوة للرد على هذه الكلمات أو العبارات التي تراها غير مناسبة، فهي ليست سلعة وليس الرجل من يكملها أو يشكلها فهي شخصية معتدة بذاتها، لافتا الى ضرورة تغيير تلك الثقافة المجتمعة، والمعتقدات الخاطئة.


والزواج قضية ترتبط بالكفاءة الزوجية والانسجام العاطفي وأمور عدة، إذ ينبغي أن تبنى الحياة على مفاهيم عدة مثل الطموح والاستقلال الاقتصادي حتى يصبح لدى الفتاة حرية الاختيار في الزواج ولا ترتبط بأي شخص تقدم لها، إن كان غير مناسب.

وبحسب مطارنة، لا بد من الابتعاد عن المصطلحات التي تنتقص من المرأة بأحيان كثيرة، وأن يكون الرد جاهزا من قبل الفتيات إن كانت هنالك جمل تقال لها بطريقة تسيء لها، عل هذه المعتقدات تتوقف من قبل أفراد المجتمع، وتصبح المفاهيم أكثر نضجا وتفهما.