"#فزعة-مسامح".. تكافل مجتمعي يعيد الأمل للمتعثرين

صورة تعبيرية  عن مبادرة فزعة
صورة تعبيرية عن مبادرة فزعة

منى أبوحمور

عمان- تداول ناشطون عبر موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر"، مؤخرا، حملة لإعفاء المتعثرين من ديون تراكمت عليهم تحت عنوان "# فزعة_مسامح"، والتي لاقت رواجا من قبل مواطنين. تحولت "#فزعةمسامح" إلى حملة، تجاوب معها عدد من التجار ورجال الأعمال وأصحاب الديون، الذين بادروا بالتنازل عن قضايا مالية مترتبة على المعسرين، قالوا إنهم رفعوها في المحاكم.اضافة اعلان
وجاءت هذه الحملة في الوقت الذي يعاني فيه المواطن الأردني من أزمات اقتصادية متتالية، خلفت تعثر الكثير من المواطنين الذين لم تعد لديهم القدرة على الالتزام في دفع الديون المستحقة.
وكان قد أعلن عدد من التجار الأردنيين منذ نهاية الأسبوع الماضي، عفوهم عن متعثرين ماليا، من خلال صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين بمنشوراتهم تنازلهم عن حقوقهم المالية المترتبة على المدينين وإسقاط القضايا المالية المطلوبة بحقهم. في حين ناشد تجار آخرون المدينين بأسمائهم، ممن يعانون من ضائقة مالية وتعسرت عليهم الحياة بالحضور لأخذ الكمبيالات والشيكات الموقعة ضدهم، رغبة من التجار بمسامحتهم، وتأكيدا على اللحمة الاجتماعية والتكافل والتراحم بين الناس.
تجاوب مئات المواطنين الأردنيين منذ الخميس الماضي مع "#فزعة-مسامح"، كما بدأ بعض أصحاب السوبرماركت والصيدليات ومحلات الخضار والفواكه المسامحة بشطب ديون المتعثرين، والإعلان عن ذلك رسميا. وتفاوتت المبالغ التي سامح بها التجار والمواطنون، الأمر الذي أوجد حالة من التكافل الاجتماعي والشعور بالآخرين، ومراعاة ظروفهم، وهو ما أكده رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين أشادوا بهذه الحملة، وأسهموا بمشاركتها عبر صفحاتهم الخاصة.
وأعلن العديد من المواطنين عبر "تويتر" مسامحتهم عن ديون لهم، وأبدوا استعدادهم بإرجاع الشيكات والكمبيالات لأصحابها. وتمكنت "الغد" من التواصل مع بعض المواطنين المتعثرين الذين رفضوا ذكر اسمهم، أكدوا خلال اتصال هاتفي استفادتهم من حملة "#فزعة_مسامح"؛ حيث تمكنوا من التخلص من الديون التي تراكمت عليهم منذ سنوات، ولم يتسن لهم تسديدها، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة.
وعلمت "الغد" من قبل متعثرين بأن الحملة انتشرت بقوة، واستفاد عدد كبير من المواطنين الذين كانت "الفزعة" سببا في فرج همهم.
ومن جهته، عبر المواطن أحمد سليم بمبادرة مسامحة المتعثرين ماليا التي أظهرت الجانب الإنساني وفزعة النشامى والتسامح والتصالح بين الناس.
وقال "المواطن يصل لهذه المرحلة ويصبح مديونا، وبالنهاية إما يصبح ملاحقا قضائيا أو يسافر خارج البلد، ببساطة ليس لديه قدرة على سد ديونه".
ووجه أحمد، من خلال منشوره، النداء للحكومة والمسؤولين، مطالبا بمتابعة موضوع المتعثرين ماليا.
في حين عبرت هناء صادق عبر حسابها على "تويتر": "فعلا الناس للناس.. وشعبنا رغم الظروف التي يمر بها.. يثبت أنه شعب جبار وواعي.. ربنا يحفظ البلد وأهلها".
وبدوره، يشير أخصائي علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي إلى الإشارات الإنسانية والاجتماعية التي تحملها حملة "فزعة" في ثناياها، والتي تؤكد التواصل واللحمة بين أبناء المجتمع، وتقوي أواصر المحبة والإخاء بين الناس.
كما يسهم هذا النوع من الحملات الوطنية، كما وصفها الخزاعي، بحل المشاكل والنزاعات بين المدين والدائن، وتجنب المتعثر العزلة عن الناس، خاصة الأصدقاء والأقارب والتجار، لاسيما وأن معظم المستدينين يعرفون الدائنين أو تربطهم بهم صلة قرابة.
ويضيف "هناك دائنون ومدينون أقرباء، وللأسف تنشب قطيعة بينهم بسبب عدم السداد"، موضحا أن حملة "فزعة" من شأنها إعادة بناء العلاقة والأواصر الاجتماعية وتنهي الخلافات والقضايا العالقة بين أبناء المجتمع.
ويلفت "كما وتعطي درسا للمدينين بعدم العودة مرة أخرى الى ارتكاب مثل هذا السلوك، خاصة وأن هذه المبادرة قد تكون موعظة ودرسا جيدا في حياتهم".
وتوجه هذه الحملة، بحسب الخزاعي، رسالة إلى الأغنياء وأصحاب الثروات أن يدعموا أصحاب هذه الفئة، وإسقاط الحق عنهم، وألا يبقوا متعثرين ومعوزين، فالأصل أن يسهم الكل في عميلة إعادة دمج هؤلاء المواطنين في المجتمع من جديد. ويقول الخزاعي "حملة فزعة هي رسالة نابعة من معدن الأردنيين وأصلهم الطيب، فهم في المواقف الصعبة دائما يد واحدة".
ويتوجه الخزاعي برسالة لأصحاب البنوك بأن يقتدوا ويعطوا فترة سماح وتخفيض الفائدة على المواطنين، مخاطبا الحكومة بضرورة أخذ إجراءات لحل مشكلة المتعسرين في الوقت الذي قام الشعب بها وحده.
ومن جهته، يشير أخصائي علم النفس التربوي الدكتور موسى مطارنة إلى أن التكافل الاجتماعي صيغة اجتماعية جميلة تعطي إحساسا بالدفء والطمأنينة، وتسهم في بناء مجتمع سليم ودافئ، وتعطي حالة من الأمان والطمأنينة والإحساس بالتكافل والوحدة والتعاضد الروحي والحب الذي حثت عليه كل الديانات. ويجد مطارنة أن هذه الحملة نتاج تكافل اجتماعي يقوم به الأردنيون أمام أي طارئ تواجهه أي فئة بالمجتمع، لافتا إلى أن هذه الهبة من أجمل الأشياء التي من الممكن أن تحدث، شريطة أن توجه على الجهات المتعثرة الحقيقية التي وقعت تحت ضغط الضائقة المالية، وبالتالي اذا تم توجيهها بالطريقة الصحيحة، وتكافلت كل الجهود سيبقى المجتمع متماسكا.
ولحملة "فزعة"، بحسب مطارنة، أبعاد اجتماعية تخفف من نسبة الجريمة والضغط النفسي والاحتقان الذي قد يولد اكتئابا لدى المتعثرين، الذين قد يدفعهم للانتحار والغضب الاجتماعي، كما تمد المجتمع بحالة من الراحة النفسية والأمل والتفاؤل وتخفف من حالات الانتحار والاكتئاب.
مثل هذه الحملات الوطنية، وفق مطارنة، تشعر المجتمع بقوته ومكانته وصلابته، لافتا إلى أن النداء شامل للجميع، وتسهم هذه الحملة بمساعدة الأشخاص الذين تعسرت عليهم الحياة، وتعطي أمثلة للأجيال بأننا مجتمع متماسك وقوي، رغم كل الظروف والصعاب، إلا أننا نستطيع أن ننهض بأنفسنا ومجتمعنا.