"تعديلات الضمان".. آثار سلبية على الشباب

المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي - (أرشيفية)
المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي - (أرشيفية)

بعد إقرار مجلس الوزراء نظام خاص لتعديلات قانون الضمان الاجتماعي المتعلقة بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة للشباب، أوضح خبراء الآثار السلبية لحرمان فئة الشباب دون الـ30 من الحماية الاجتماعية بمبرر تقليل البطالة.

اضافة اعلان


وأوضح الخبراء، أن هنالك طرقا وحلولا أخرى لتخفيض البطالة وتشجيع المستثمرين وأصحاب العمل على التوظيف، دون المس بالضمان للشباب.


الناطق الإعلامي باسم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي محمود المعايطة، قال إن مجلس الوزراء قرر في جلسته الأربعاء الماضي، الموافقة على الأسباب الموجبة لمشروع نظام تخفيض الاشتراكات لتأمين الشيخوخة والوفاة للعاملين في منشآت القطاع الخاص لعام 2024، والأسباب الموجبة لمشروع نظام معدل لنظام الشمول بتأمينات المؤسسة العامة للضمان.


وبين المعايطة، أن مشروع النظام يأتي انسجاما مع التعديلات التي طرأت على قانون الضمان، بموجب القانون المعدل لسنة 2023 والشروط المتعلقة بالمستفيدين من النظام، وتسهيل الإجراءات، عبر تخفيض اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاء للعاملين في منشآت القطاع الخاص، مؤكدا أن النظام الخاص بتعديل القانون، جاء لتخفيض نسبة البطالة وتشجيع الاقتصاد.


بدوره، خبير التأمينات والحماية الاجتماعية موسى الصبيحي، قال إن 13 أثرا سلبيا، بعد موافقة مجلس الوزراء على الأسباب الموجبة للنظام الخاص بالشمول الجزئي بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة للشباب الأردنيين دون سن الـ30 (نظام تخفيض اشتراكات تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة للعاملين في منشآت القطاع الخاص لسنة 2024)، يعتبر بداية مرحلة مؤلمة في مسيرة الحماية الاجتماعية، ويشكل لطمة على وجهها.


وأضاف الصبيحي، تعديلات قانون الضمان العام الماضي لم تفصل تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة إلى تأمينين وهذا صحيح، لكنها جزأت الحماية الاجتماعية لهؤلاء الشباب وحرمتهم من جزء مهم من المنافع التأمينية، كما تعتبر هذه التعديلات انحيازا لأصحاب العمل وتخفيفا من التزاماتهم المالية المترتبة على إشراك المؤمن عليه الأردني الشاب بكامل التأمين.


فقد أتاحت التعديلات (المادة 59/ج/1) لمنشآت القطاع الخاص، تخفيض نسبة الاشتراكات المترتبة على المنشأة عن تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة التي تدفعها عن المؤمن عليهم الأردنيين العاملين لديها الذين لم يكملوا سن الثلاثين، ولم يتم شمولهم بالضمان سابقا على ألا تتجاوز نسبة التخفيض 50 % من الاشتراكات، ما يعني تخفيض الاشتراكات المترتبة على المنشأة عن هذا التأمين من 11 % إلى 5.5 % من أجر المؤمن عليه في هذه الحالة. وهو ما يعد من أكثر التعديلات انتهاكا لحقوق العمال الشباب وإضرارا بهم وبمستوى الحماية الاجتماعية.


وتابع: أما انعكاسات مثل هذا التعديل وآثاره على المؤمن عليهم ومختلف الأطراف، فيمكن إجمالها في أنه لن تحتسب مدة خدمة المؤمن عليه في هذه الحالة كاملة كفترة اشتراك لغايات تقاعد الشيخوخة والمبكر، وإنما ستحسب له 50 % من هذه الخدمة فقط، فإذا كان مشمولا بتأمين الشيخوخة الجزئي لمدة 10 سنوات مثلا، فإن ما يدخل منها ضمن اشتراكاته الخاضعة للتقاعد هو 5 سنوات فقط.


وبين الصبيحي، أنه ينطوي تحت هذا التعديل على حرمان واضح لحق الشباب دون سن الثلاثين بالشمول الكامل بتأمين الشيخوخة، وهو ما يؤدي إلى عزوفهم عن الاشتراك الضمان بشكل عام وليس تحفيزهم، ما يشجع على التهرب التأميني بالاتفاق ما بين العاملين ضمن هذه الفئة وأصحاب عملهم بسبب قناعة العامل بعدم جدوى اشتراكه وشعوره بالغبن والتمييز السلبي تجاهه.


وأشار إلى أنه يشكل هذا التعديل تمييزا سلبيا في الحقوق بين مجتمع المؤمن عليهم، فبينما تحظى فئات منهم بالحصول على حقها كاملا بالشمول الكلي بتأمين الشيخوخة، تحرم فئات أخرى من هذا الحق، مما يقودنا للقول بأن هذا التمييز يتنافى مع المبدأ الدستوري بأن الأردنيين أمام القانون سواء وأنهم متساوون في الحقوق والواجبات.


ولفت الصبيحي إلى الإسهام بتركز البطالة بين الفئات العمرية الأخرى التي تزيد أعمارها على 30 سنة، حيث سيكون من مصلحة أصحاب العمل البحث عن عاملين جدد دون سن الثلاثين لتوفير نسبة كبيرة من كلف إشراكهم بالضمان.


وأكد أن هذا التعديل سيسهم بالضغط على وظائف القطاع العام بشقيه المدني والعسكري ذلك أن العاملين في هذا القطاع ومن كل الفئات العمرية مشمولون بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة بشكل كامل لا جزئي، وبالتالي فإن هذا التعديل يتعارض مع كل سياسات الدولة وإستراتيجياتها الاقتصادية المحفزة للأردنيين على العمل في كافة الفرص المتاحة في القطاع الخاص.


وقال الصبيحي أنه يفترض هذا التعديل أن الشاب دون سن الثلاثين سيبقى منخرطا في سوق العمل بالقطاع الخاص دون انقطاع إلى لحظة إكماله سن 60 للذكور و55 للإناث للحصول على راتب التقاعد، في حين أن الواقع يشير إلى مرور العاملين في القطاع الخاص بفترات تعطل وانقطاع وانتهاء عن الخدمة، ولذا فإن حرمان العامل دون سن الـ30 من نصف أو ربع مدة خدمته المحسوبة في التقاعد، يعني التأثير سلبا على مقدار تقاعده أولا ثم على استكماله للمدة المطلوبة بسبب تعطله اللاحق عن العمل لفترات متقطعة وربما تكون طويلة.


وبين أنه يشكل هذا التعديل تمييزا سلبيا ضد المؤمن عليهم الأردنيين، فبينما يتم شمول العامل غير الأردني بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة كاملا يتم شمول العامل الأردني بشكل جزئي. 


وأضاف، لن تحتسب كامل مدة خدمة العامل المؤمن عليه بالضمان، فينبغي الانتباه إلى أن ذلك يرتب له حقا في جزء من تعويض نهاية الخدمة الملزم بها صاحب العمل وفقا لأحكام قانون العمل، كون الإعفاء منها مشروط بالشمول بالضمان كفترة تقاعد..!


ورأى الصبيحي أنه سيكون هناك فوات لمبالغ مالية كبيرة من الإيرادات التأمينية من الاشتراكات على مؤسسة الضمان كنتيجة لهذا التخفيض، مما يؤدي إلى تقليل الفوائض التأمينية السنوية للمؤسسة، ويضعف تحويلاتها إلى صندوق استثمار أموال الضمان، ما يؤدي بالضرورة إلى تقليل العائد الاستثماري.


وسيؤدي الشمول الجزئي بهذا التأمين في بعض الحالات إلى حرمان المؤمن عليه وأسرته في حالة الوفاة الطبيعية أو العجز الطبيعي من الحق بالحصول على راتب تقاعد الوفاة أو العجز بسبب تخفيض المدة المحسوبة كاشتراك بالضمان مما يؤثر على المدة المطلوبة كحد أدنى لاستحقاق راتب تقاعد الوفاة الطبيعية أو راتب اعتلال العجز الطبيعي، إلا في حال تم الأخذ بما قدمناه سابقا من مقترح باعتبار التخفيض والاشتراك الجزئي بهذا  التأمين كأنْ لم يكن في حالتي وفاة المؤمن عليه أو عجزه.


وسيتم تحميل المؤمن عليه المشمول بالتأمين الجزئي عبئا ماليا إضافيا، في حال رغب بسد ثغرة الشمول الجزئي عبر الاشتراك الاختياري التكميلي، وفقا للصبيحي.


ولفت إلى احتمالية تعريض المؤمن عليه المشمول بالتأمين الجزئي لظلم آخر، حيث تخفيض الاشتراكات منصب على النسبة المترتبة على صاحب العمل (المنشأة) فقط، بينما النسبة المترتبة على المؤمن عليه نفسه، والتي يقتطعها صاحب العمل من أجره عن هذا التأمين والبالغة 6.5 % من الأجر، بقيت كما هي ولم يطلها أي تخفيض بالرغم من أن المؤمن عليه هو المتأثر بالتخفيض.


من جانبه، قال مدير مركز الفنيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض إن التعديلات الأخيرة، جاءت تكريسا للتعديلات التراجعية على منظومة الضمان التي جرت السنة الماضية على القانون، والتي تم عبرها حرمان الشباب دون سن الـ30 من بعض التأمينات الاجتماعية التي يشملها الضمان الاجتماعي.


ورأى أن تلك التعديلات جاءت للمزيد من المنافع وتعميق التفاوت الاجتماعي واللامساواة الاقتصادية في الأردن.

 

اقرأ المزيد : 

بعد عام من إقرارها.. تباين الآراء حول أثر تعديلات "الضمان" في الحماية الاجتماعية