مرة أخرى.. "كوب 28" يخفق بإلزام الدول الغنية بدفع تمويلات المناخ

قمة المُناخ كوب 28- COP28- في الأمارات
قمة المُناخ كوب 28- COP28 في الأمارات

أخفقت قمة المناخ "كوب 28" في تحقيق تقدم ملحوظ بشأن إلزامية تقديم تمويلات مُناخية للدول الفقيرة والأكثر تضررا من تغييرات المُناخ رغم قرار تفعيل صندوق الخسائر والأضرار، الذي أقر إنشاؤه في كوب 27.

اضافة اعلان


ورفضت الدول المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، جعل المساهمات إلزامية بالصندوق، لتدفع باتجاه أن تكون طوعية، الأمر الذي أثار تخوفات خبراء في الشأن المناخي والبيئي من أن "تفعيل الصندوق سيبقى حبرا على ورق مثل قرارات ماضية كان تقضي بدفع تمويلات للدول النامية لمجابهة أزمة المُناخ".


والقرار الأخير أعاد للأذهان ما جرى في عام 2009 في كوبنهاجن عندما التزمت الدول الغنية في كوبنهاغن بتقديم 100 مليار دولار سنويا كتمويل للتكيف للدول المنخفضة الدخل، لكن التقارير الرسمية للأمم المتحدة ما تزال تظهر أن هذا الهدف لم يتحقق. 


وما تزال آليات الشفافية والمراقبة والمحاسبة التي سيعتمدها عمل الصندوق، إلى جانب ما هية الضمانات المقدمة لتدفق التمويلات، ومن الدول المستفيدة من الصندوق، "غير واضحة المعالم بعد"، رغم قرار التفعيل.


ورغم أن دولا عدة من بينها الإمارات العربية المتحدة، وأميركا، وبريطانيا، واليابان، وألمانيا "قدمت مجتمعة مبلغ 400 مليون دولار"، لكنها في رأي الخبراء "إسهامات مالية ضعيفة، ولا يمكن ضمان استمراريتها". 


و"كان إنشاء صندوق الخسائر والإضرار بمثابة طموح كبير خاصة للدول الفقيرة والجزرية"، وفق خبير والمستشار في قضايا المُناخ والبيئة سعيد شكري.


ولكن، وعلى حد قوله فإن "المنهجية التي اعتمدت لتمويل وتدفق الأموال، لم تأت بشكل تشاركي بين الدول، ولا سيما تلك التي كانت تنادي بإنشاء الصندوق، حيث تم إقصاؤها عن مراحل بلورة وهيكلة ووضع تصور لآليات عمله".


ولفت، في تصريحات لـ"الغد"، على هامش قمة المُناخ المنعقدة حاليا في دبي، إلى أن "ثمة العديد من التساؤلات حول مدى فعاليته، والوقت الذي ستستغرقه عملية تدفق الأموال والتمويل".


وفي رأيه، فإن "القرار خلا من وجود بند يلزم الدول بدفع الأموال في الصندوق، في وقت كانت المساهمات المالية التي أعلنت عنها بعض الحكومات في القمة ضعيفة، من بينها أميركا التي ستضخ فقط مبلغ 17 مليون دولار، والذي يعد قليلا جداً".


ولعل "تولي البنك الدولي إدارة الصندوق كمرحلة انتقالية، تشير إلى إشكالية واضحة، وبأن القرار مفروض من قبل دول معينة لتحقيق مصالحها الخاصة"، بحسبه.


وأشار الى أن "الدول الفقيرة بحاجة لمليارات الدولارات من أجل تنفيذ مساهماتها المحددة وطنيا، في وقت لم تدفع فيه الدول التزاماتها المالية منذ أكثر من 15 عاما والبالغة 100 مليار سنويا".


وأبدى تخوفاته من "النهج الذي قد يعتمده القائمون على الصندوق، والذي لا يمكن تغييره مستقبلا ليفرض واقعا صعبا بشأن التمويل".


وشدد على أن "هنالك العديد من النقاط التي ما تزال غير واضحة المعالم في القمة، والتي تتطلب اتخاذ القرارات بشأنها، من بينها الهدف العام للتكيف، ومضاعفة التمويلات، والجرد العالمي وغيرها". 


وبحسب النص المعتمد لقرار تفعيل الصندوق، سيستضيف البنك الدولي الصندوق مؤقتا لمدة 4 سنوات، وفي البداية، كانت الدول النامية "تعارض ذلك بشدة، وانتقدت البنك لكونه في أيدي الدول الغربية معتبرةً أن ذلك لا يناسب احتياجاتها".


ذلك النص من وجهة نظر الخبير في الشأن البيئي والمُناخي فراس الرحاحلة "سيمنح البنك الدولي سيطرة أكبر على تدفق التمويل لكونه مرتبطا بتعويضات الخسائر بصورة مباشرة".


كما أن "البقاء على طوعية المساهمات لن يحقق الهدف من إنشاء صندوق الخسائر والأضرار بكفاية التمويل اللازم لتكيف الدول النامية مع تغيرات المُناخ".


وستبقى "مشكلة التمويل معضلة في وجه مجابهة آثار التغير المُناخي ما لم تكن ملزمة للدول التي ساهمت تاريخياً بظاهرة المُناخ، في وقت لا يتواءم حجم التمويلات المتحصلة حتى اليوم وحجم الخسائر المناخية"، بحسبه.


وشدد لـ"الغد" على أن "البلدان النامية تحتاج إلى 2.4 تريليون دولار سنويا بحلول العام 2030 من مجموعة من الحكومات والقطاع الخاص، ولكن الحصول عليها سيبقى رهن التوافقات بشأن إلزام الدول الغنية والصناعية بدفع تلك المبالغ".


وفي الوقت الذي شددت فيه المادة 9 من اتفاق باريس لعام 2015 الدعوة للدول المتقدمة لتزويد البلدان النامية بالمساعدة المالية من أجل التخفيف والتكيف، أظهر تقرير جديد أصدرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "OECD" في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أن "التمويل الإجمالي للتكيف انخفض بنسبة 14 % ليصل إلى 4 مليارات دولار".


وأعربت عضو مجلس إدارة شبكة العمل المناخي في العالم العربي حنين شاهين عن "أسفها من قرار تفعيل صندوق الخسائر بشكله الحالي، لأنه من المفترض أن تسهل أدواته عملية الوصول إلى التمويلات المُناخية من قبل الدول النامية وبسرعة أكبر".


وشددت على أن "تولي البنك الدولي إدارة الصندوق سيتسبب بالمزيد من الأعباء المالية والديون على الدول، وخاصة أن سياساته تعتمد الإقراض في المقام الأول".


وبينت لـ"الغد" أن "الهدف الرئيسي للصندوق والقاضي بنجدة الدول لدى وقوع الكوارث المُناخية والأضرار والخسائر الناجمة عنها عبر منح التمويلات اللازمة للتعامل معها لم يعد موجوداً، في ظل نص قرار التفعيل الحالي".


ودعت الدول الى "إعادة النظر في آلية عمل الصندوق لضمان ألا تبقى الدول النامية تدور في حلقة مفرغة بعدم الحصول على التمويل المُناخي كما هو الحال دائما، وأن تلتزم الدول الغنية والمتقدمة بالوفاء بتعهداتها المالية المتكررة".

 

اقرأ المزيد : 

"كوب 28": صراع دائر.. نقاشات تفاوضية بين الدول النامية والمتقدمة