الكويت: "الحلّ في الحلّ"؟

قدمتْ الحكومة الكويتية في الثلاثين من الشهر الماضي استقالتها، على خلفية محاولة طرح الثقة التي كانت مقررة من قبل مجلس الأمة (البرلمان)، بوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله الصباح، وبتأييد 28 عضواً. أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، وجّه بعد لقائه رئيس الحكومة المستقيل الشيخ جابر المبارك، بتصريف الأعمال حتى تشكيل حكومة جديدة برئاسة الأخير، الذي تم تكليفه مجدداً بتشكيل الحكومة المقبلة. وليس بلا دلالة أنْ يَنقل، قبل أيام، رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم رسالة من أمير الكويت إلى أعضاء المجلس، تؤكد أهمية انتباههم إلى الوضع الإقليمي المشتعل وخطورة التوتر في المنطقة، ملمّحاً إلى أن حل البرلمان وارد. السؤال هنا: ماذا تعني هذه الرسالة؟اضافة اعلان
أولاً، قد يعني ذلك أن على أعضاء البرلمان (الذين استعجلوا تشكيل الحكومة الجديدة، والذين هددوا بأن الاستجوابات جاهزة لأي وزير جديد لا يتماشى معهم) التريث والتحلي بالواقعية والحكمة والتهدئة، ولعل هذا هو مغزى رسالة الغانم للنواب الكويتيين، التي أكّد فيها أنّ "الأمير طلب من النواب التحلي بسمات رجال الدولة، وأنه لن يتوانى عن اتخاذ أي قرار في حال اضطراره لذلك". كاشفاً عن لقاء مرتقب بين الأمير والنواب خلال الأيام المقبلة.
ثانياً، في الرسالة تحذير بأن عدم الاستقرار الحكومي، والعلاقة المتوترة بين البرلمان والحكومة لا تتماشى مع ترغيب أمير الكويت للنواب بـ "الحفاظ على الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية" وتحذيرهم في الآن ذاته من أيّ "اصطفافات طائفية أو قبلية أو فئوية"، أو من اتخاذ الأزمة القطرية مع دول الخليج مادة "للتجاذب" الداخلي، وهذا يتطلب، وفق الرسالة الأميرية، "وقف كل محاولات التراشق السياسي والإعلامي التي قد ينجرف إليها البعض في ما يتعلق بالأزمة الخليجية".
ثالثاً، ربما تنطوي الرسالة أيضاً على حثّ مخيلة البرلمانيين الكويتيين بأن تعديل قانون الانتخاب في الكويت في العام 2012 باتجاه "الصوت الواحد" لم يفضِ إلى إصلاح جذري للعلاقة المتوترة بين البرلمان والحكومة، وآخر دليل على ذلك استقالة الحكومة نهاية الشهر الماضي، تحت عنوان "تجنب استجواب الوزراء وإسقاط الثقة عنهم". وقد يكون مقتضى ذلك أن محدودية النتائج التي أفرزها تعديل القانون الانتخابي قد تقود القيادة الكويتية إلى إجراء تعديلات قانونية أخرى، وجراحات ضرورية، من نوع آخر،  بغرض تقييد مبدأ الاستجواب البرلماني في الكويت، بما يسحب منه قابليته لأن يكون أداة لفرض أو تصفية حسابات فئوية وجهوية، وربما مرتبطة بالخارج، تُدخل الكويت في دائرة مفرغة، بحسب المسؤولين الكويتيين، وهي دائرة أصبحت بحكم التجربة تعطل التنمية وتربك الاقتصاد وتهدر الوقت والجهد، وهو ما لم يعد مريحاً الاستمرار فيه في ظل تراجع الفوائض النفطية، مقارنة بما كان عليه الوضع سابقاً، وكذلك في ظل الحرائق التي تعيشها المنطقة، وقد تكون الساحة اللبنانية لمواجهة "دويلة حزب الله" آخر مستجداتها.
الأرجح أن رسالة أمير الكويت إذا لم تجد ما تستحقه من قبل البرلمانيين الكويتيين، فإن هذا سيجعل "الحل في الحل"، كما جرى التعبير الكويتي، أي بحل البرلمان، أو انتظار إجراء إصلاحات من قبل الأمير على أداة المساءلة البرلمانية، بما تعنيه من تقليص لصلاحيات السلطة التشريعية، وذلك بسبب طابع "الكيدية" الذي بات النواب يمارسونه في كثير من المواقف عند استخدام هذا الحق الدستوري.