دولة الرئيس: لا تفكر فيه

ردّ رئيس الوزراء على اقتراح بعض النواب بقيام الحكومة باقتراض مبلغ (50) مليون دينار لدفعها للمواطنين المتضررين من قضية شركات الاحتيال والبورصات الوهمية، بأنه "سيفكر بالاقتراح".

اضافة اعلان

وقد سبق أن أوضحنا موقفا مهنيا في مقالاتنا في 8/10/ 2008، 31/1/2011، حول هذه القضية الاحتيالية ومسؤولية الحكومات التي عالجتها حتى الآن، عندما تهاونت ومؤسساتها الرقابية ممثلة بمراقبة الشركات وهيئة الأوراق المالية والبنك المركزي الأردني، في القيام بواجباتها الرقابية التي تنص عليها قوانينها، وبقيت تتقاذف مسؤولية القضية فيما بينها، حتى خرجت منها من دون أن تفتح ملفا أو ترسل موظفا ليحقق أو حتى يوجه لوما لها، وألقتها في حضن الحكومة آنذاك التي، ولسوء حظها وحظ البلد والمتضررين من القضية، تخيلت الحلّ في تأسيس مجلس جديد أسمته "مجلس تنظيم التعامل بالبورصات الأجنبية"، الذي عينت مديره وكادره وانشغلت بإعداد مشروع قانونه، لتكتشف بعد سنوات عاشها المجلس العتيد بلا عمل، أن لا لزوم له لأن البنوك تقوم بالعمل منذ سنوات طويلة وتحت رقابة البنك المركزي.

لكن الفاس كان قد وقع برأس المتضررين، بجشعهم وطمعهم وجهلهم، لتأتي محكمة أمن الدولة التي صرح نائبها العام منذ أسابيع، أن المحكمة تملك حوالي (19) مليون دينار لن توزعها على المتضررين، أسوة بالمبالغ السابقة التي جمعتها "كونها لا تشكل سوى 8 % في بعض القضايا، ما يتعذر معه التوزيع". ويأتي الآن تصريح رئيس الوزراء أنه سيفكر باقتراض الحكومة (50) مليون دينار يوزعها على المتضررين، لتكون القشة التي تقصم الظهر، وتعبيرا عن سوء فهم المشكلة وكيفية التعامل معها.

الأردن يا دولة الرئيس لا يعيش بحبوحة الكويت الشقيقة، أدامها الله عليها، عندما قامت في القرن الماضي بتعويض مواطنيها عن خسائرهم فيما عرف آنذاك "بأزمة المناخ" التي انفجرت نتيجة ممارسات خاطئة في بورصتها، ما ألحق بمن قاموا بتلك الممارسات خسائر فادحة.

وأظن دولتكم تعلمون أن وضع الخزينة العامة لا يتحمل تنفيذ الاقتراح الذي تفكرون به، ويعلم مجلس النواب أن حجم الدين العام وصل مستويات الخطر وأنتم تنوون اقتراض (300) مليون دينار جديدة، وأنكم لستم بحاجة لتحمل وزر هذا الاقتراح وتحميل المواطن مسؤولية تخاذل المؤسسات الرقابية وجهل البعض وطمعهم، إذ يكفي كل مواطن وهو يتحمل أكثر من (1624) دينارا حصته من الدين العام، وما يتحمله من شظف العيش والبرد وجنون الأسعار التي تعضّ على حياته اليومية في بنزين سيارته ومواصلاته ومأكله ومشربه وفاتورة كهربائه وتدفئة أطفاله.

دولة الرئيس، أرجوك ألا تفكر بالاقتراح، وفكر بتفعيل إجراءات محكمة أمن الدولة وأولها قيامها بتوزيع مبلغ الـ(19) مليون دينار التي لديها على أصحابها، وبتقوية جهاز الحكومة الاقتصادي والمالي من حولك.

[email protected]