نسبة الاقتراع: بين التهويل والتقليل!

حظيت نسبة الاقتراع التي سجلتها الانتخابات النيابية باهتمام واسع؛ سواء فيما يتعلق بالنسبة التي سجلت على مستوى المملكة أو التفاوت في النسب بين المدن والأرياف والبوادي والمخيمات.

اضافة اعلان

النتائج أشارت الى أن النسبة العامة، التي بلغت 53 %، جاءت ضمن معدلاتها التاريخية، حيث تساوت مع نسبة الاقتراع في عام 1989، وتجاوزت نسبة الاقتراع في 1997 بحوالي ثماني نقاط مئوية، وكانت أقل من النسبة التي سجلتها انتخابات 2007 بأربع نقاط مئوية. علماَ بأن انتخابات هذا العام قد ترافقت مع موسم الحج ولم تشهد تمديد فترة الاقتراع كما حدث في انتخابات العام 2007، حيث أدت عملية التمديد الى رفع نسبة الاقتراع بشكل ملحوظ في عدد من الدوائر! ولولا هذان العاملان لكانت نسبة هذا العام مقاربة، وربما متجاوزة، لنسبة العام 2007.

وفي الوقت الذي قبلت فيه الحكومة بالنسبة التي أفرزتها الصناديق وأبدت الارتياح تجاهها، فإن البعض كان حكومياً أكثر من الحكومة وحاول المزاودة عليها مدعياً بأن النسبة الحقيقية تجاوزت 60 % بحجة أنه كان يجب استثناء المواطنين المغتربين من المعادلة!

الجهات التي لم تشارك في الانتخابات لجأت هي الأخرى إلى لعبة الأرقام، ولكن في الاتجاه المعاكس، حيث ادعت أن نسبة الاقتراع كانت بحدود 37 %! وقد وصلت إلى هذه النتيجة من خلال احتساب نسبة عدد المقترعين إلى عدد المواطنين الذين بلغوا السن القانوني للانتخاب، سواء كانوا سجلوا في الجداول أو لم يفعلوا!

ولكن المنطق العلمي يقول إن الحكومة قد اصابت فيما أخطـأ الآخرون! وتفسير ذلك في غاية البساطة، حيث درجت الحكومة على استخدام ذات المنهجية، وهو أمر يسهّل المقارنة من خلال بناء سلاسل زمنية متناسقة. أما اذا أردنا تعديل النسبة بعد استثناء المواطنين المغتربين أو إضافة المواطنين الذين بلغوا السن القانوني ولم يسجلوا في مختلف الدوائر فعلينا إعادة احتساب نسب الاقتراع للسنوات السابقة بعد أخذ هذه العوامل بعين الاعتبار!

من جانب آخر فقد أشار البعض الى التفاوت بين نسب الاقتراع في عمان والزرقاء وبقية مناطق المملكة مثل دوائر البادية ومعان والمفرق، وحاولوا ايجاد تفسيرات مختلفة كالأصول والمنابت والعشائرية! وفي الوقت الذي لا ننكر فيه العامل الأخير على اعتبار العشائر من مؤسسات المجتمع المدني وأن الأردنيين، من مختلف منابتهم وأصولهم، هم في النهاية أبناء عشائر، فإننا نرى أن عاملاً مهماً قد تم إسقاطه، سهواً أو عمداً، في تفسير هذا التباين، ألا وهو العامل الاقتصادي.

حيث تشير البيانات الى أن نسبة الفقر في البادية الشمالية والمفرق ومعان قد بلغت 34 % و32 % و24 %، على الترتيب، في حين كان معدل الفقر في محافطتي العاصمة والزرقاء 8.3 % و11.2 % فقط. وما يؤكد قوة هذا التفسير وضعف التفسيرات الأخرى نجاح مخيمات حطين و"عزمي المفتي" والبقعة في إيصال مرشحين من أبنائها الى قبة البرلمان. وغني عن القول أن معدلات الفقر في المخيمات مرتفعة أيضا!

ونستطيع الزعم أن الواقع الاقتصادي وتراجع مستوى البنية التحتية في مثل هذه المناطق يدفع المواطنين إلى تعليق آمال كثيرة على النواب لإيصال صوتهم الى المؤسسات ذات العلاقة والمطالبة بتحسين أوضاعهم. أما في المدن، وخصوصاً العاصمة، فإن كثيراً من المواطنين لا ينظرون إلى النائب بهذه الطريقة، فالخدمات متاحة ونوعيتها مناسبة!

[email protected]