الأمن السيبراني وإدارة مخاطره في مجال الأعمال

غسان الطالب*

موعدنا بعد أيام في المؤتمر الدولي الثامن والذي يرعاه البنك المركزي الأردني تحت عنوان: "الأمن السيبراني وإدارة مخاطره في مجال الأعمال"، والذي ستلتئم أعماله في العاصمة عمان وبتنظيم من مركز تمكين للتنمية الإدارية والفنية، حيث يأتي انعقاد هذا المؤتمر بعد اقرار مشروع قانون الأمن السيبراني من قبل مجلس النواب، وبموجب هذا القانون سيتم تشكيل مجلس وطني للأمن السيبراني ومركز وطني للأمن السيبراني.
اهتمام متواصل ومنقطع النظير في موضوع الأمن السيبراني من مؤتمرات وندوات ونقاشات كذلك على مستوى الابحاث والدراسات، فما هو الأمن السيبراني؟، "الأمن السيبراني هو عبارة عن مجموع الوسائل التقنية والتنظيمية والإدارية التي يتم استخدامها لمنع الاستخدام غير المصرح به، وسوء الاستغلال واستعادة المعلومات الالكترونية ،ونظم الاتصالات والمعلومات التي تحتويها ،وذلك بهدف ضمان توافر واستمرارية عمل نظم المعلومات وتعزيز حماية وسرية وخصوصية البيانات الشخصية، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية المواطنين والمستهلكين من المخاطر في الفضاء السيبراني" وفي مفهوم آخر هو عبارة عن إجراءات ووسائل حماية الأنظمة والشبكات والبرامج من الهجمات الإلكترونية التي تسعى الى الوصول الى بيانات المؤسسة والتلاعب بها او إتلافها ،إما لاغراض تنافسية او قرصنة الهدف منها الابتزاز المادي أو المعنوي.
فمع التطور الهائل والانتشار الكبير في استخدام انظمة التواصل الإلكتروني والوسائل التكنولوجية الحديثة بحيث أصبح معها اعتماد الاقتصاد العالمي على هذه التكنولوجيا شبه كلي وخاصة في مؤسساته المالية والمصرفية وفي تنفيذ معاملاته المحلية أو مع العالم الخارجي ، ومن الطبيعي ان يكبر التحدي وتزداد الجرائم الإلكترونية وعمليات النصب والاحتيال، وعمليات الاختراق المنظمة لبيانات هذه المؤسسات، إذا نحن أمام تحد كبير في المحافظة على أمن المعلومات لمؤسساتنا في الوقت الذي يزداد فيه حجم وتعقيدات الهجمات السيبرانية في مناطق مختلفة من العالم خاصة منطقتنا العربية والإسلامية كونها مستهلكة للخدمات الإلكترونية وليست منتجة لها، خاصة في قطاع المؤسسات المالية والمصرفية لما تمثله من دور محوري في النشاط الاقتصادي، وعند نجاح هذه الاختراقات أو الهجمات الإلكترونية إن جاز التعبير فانها تلحق اضرارا فادحة بسمعة المؤسسة وتسبب خسائر مالية ومعنوية قد يتضرر بسببها عملاء المؤسسة نفسها ، إذا يتوجب علينا ان نعمل على ضمان سير التعاملات الإلكترونية واستمراريتها في بيئة تكنولوجية آمنة، ورفع كفاءة مؤسساتنا الملية والمصرفية لمواجهة التحديات والأخطار السيبرانية التي يمكن أن تواجهها من خلال اعتماد كافة التقنيات الوقائية، ووسائل الحماية اللازمة ضد هذه الاخطار الإلكترونية حفاظا على الاستقرار الأمني المعلوماتي لهذه المؤسسات.
المتتبع للتحديات والخسائر التي تسببت بها عمليات الاختراق والقرصنة التي تعرضت لها العديد من المصارف خاصة في منطقة الخليج العربي يلاحظ حجم المبلغ والذي يقدر بحدود ال 800 مليون دولار خلال السنوات السابقة ، أما على مستوى العالم فإن مؤسساته المالية والمصرفية وبعض القطاعات الاقتصادية تتجاوز خسائرها السنوية ما يقرب الـ 600 مليار دولار، وكلما تطورت وسائل الاتصال ونكنولوجيا المعلومات ، كلما طور قراصنة المعلومات والفضاء السيبراني من مهاراتهم بشكل كبير ومتسارع حيث يقدر الخسائر التي سيتسبب بها الاقتصاد العالمي مع نهاية العام 2025 بحوالي ال 3 ترليون دولار ، رقم كبير جدا ومؤثر سلبا في نفس الوقت على الاقتصاد العالمي، ويمثل عبئا ماليا ضخما للمؤسسات المالية والمصرفية في العالم والدول المستهدفة.
صندوق النقد الدولي له تقديراته بهذا الخصوص حيث يقدر خسائر قطاع البنوك في 50 دولة حول العالم تعرضت لقرصنة المعلومات بحدود 9 % من صافي دخل مؤسساتهم المصرفية ، لهذا اصبح من المهم جدا أخذ كافة الاحتياطات اللازمة لمواجهة هذه المخاطر وتعزيز قدراتها لمواجهة كافة المخاطر السيبرانية والهجمات الإلكترونية المحتملة.
الوقت ما يزال أمام مصارفنا الإسلامية فهي مستهدفة كما هي بقية المؤسسات المالية والمصرفية في انحاء العالم بهذه الهجمات الإلكترونية ، واخذ جميع الاحتياطات اللازمة لمواجة المخاطر السيبرانية، وهي تمتلك من الخبرات والامكانيات ما يتيح لها ذلك لحماية برامجها وبياناتها وتعزيز قدرتها التنافسية كذلك.

اضافة اعلان

*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي