"رقمنة المناهج": تحديات تقنية وبشرية تواجه التطبيق

لوح إلكتروني ذكي يستخدمه طالب خلال التعلم-(أرشيفية)
لوح إلكتروني ذكي يستخدمه طالب خلال التعلم-(أرشيفية)

آلاء مظهر

عمان - في وقت كشف فيه مدير المركز الوطني لتطوير المناهج محمود المساد، ان العام الدراسي المقبل، سيشهد بدء تطبيق مشروع رقمنة المناهج لبعض الصفوف، أجمع خبراء تربويون على ان نجاح المشروع، مرهون بمدى قدرته على تجاوز التحديات، التي تتمثل وفق خبراء، بغياب البنى المادية والتقنية والفنية والقدرات البشرية المؤهلة، ليجعله بعيدا عن أن يكون ذا اولوية في التطبيق في هذه المرحلة.

اضافة اعلان


وأكدوا افي احاديثهم لـ"الغد" امس، ان المشروع الرقمي للمناهـج، ضرورة ملحة للنظام التربوي، ولتربية جيل قادر على التفاعل مع متطلبات الحياة، مقترحين أن يحشد له بين أوساط التربويين والمجتمع.


وكان المساد قال في تصريح خاص لـ"الغد" الاثنين الماضي، ان العام الدراسي المقبل سيشهد مناهج وكتبا دراسية رقمية لبعض الصفوف، وسيدرب معلمون على أدلة تحتوي على مهارات رقمية، تساعدهم وتساعد الطلبة في توظيف تطبيقات التعليم والتعلم.


وتابع المساد، ان الرقمنة ستستغرق وفق الخطة الزمنية التي وضعها المركز 5 سنوات، مشيرا الى أن الكتب المدرسية لبعض المباحث كالعلوم والرياضيات والتربية الإسلامية ودليل رياض الأطفال لعدد من الصفوف، طورت العامين الماضيين، ولكن لم تحوسب.


وبين المساد ان المناهج الرقمية، ستخدم العملية التعليمية، لأنها ستسهم بحل اشكالية فوات الحصص المدرسية، نتيجة لتغيب الطلبة، اذ تتيح لهم متابعة الفاقد، بتوفير التوضيحات اللازمة للدروس التي تغيبوا عنها، بالإضافة الى انها تعد مادة توضيحية يمكن للمعلمين الاستعانة بها في الغرفة الصفية لتقريب المعلومة للطلبة.

وكشف أن المركز لديه عينات لبعض الوحدات والدروس المرقمنة، وما تزال في مرحلة التطوير والاقرار قبل بدء مرحلة التجريب، اذ ان المركز عمل في إطار الرقمنة باتجاهين متوازيين، الأول؛ التعامل مع الحاسوب والمهارات الرقمية كمبحث دراسي ومهارات لازمة للمعلم والطالب، بحيث جرى إعداد كتاب حاسوب ومهارات رقمية، ودليل معلم للصفوف من الـ7 الى الـ12.


كما أعد إطار منهاج خاص بمبحث الحاسوب والمهارات الرقمية، يضمن ما يلزم الطلبة مستقبلاً من مهارات ومعارف واتجاهات نحو الحاسوب، استنادا على سياسة الحكومة في الذكاء الاصطناعي، بالإضافة لأدلة معلمين تركز على كل ما يلزمهم هم والطلبة، ويفيدهم بالتطبيقات والحوسبة المدمجة في الكتب المدرسية.

أما الثاني، فيتمثل بالتعامل مع المناهج والكتب المدرسية وأدلة المعلمين ومصادر التعلم بصيغتها المحوسبة، والتي تعمل وفقاً لنموذج التعلم المدمج، بحيث يوظفها المعلم بطرق فعالة أثناء التعلم الوجاهي، وفي الوقت نفسه، يتفاعل معها الطلبة حتى لو كان عن بعد.


وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور فايز السعودي، اعتبر ان الرقمنة التي يعكف المركز المناهج على تنفيذها اعتبارا من العام الدراسي المقبل، تعد خطوة متقدمة كونها ستسهم بإثراء العملية التعليمية.


وقال السعودي لـ"الغد"، ان المناهج والكتب الرقمية ليست بديلا عن الكتاب المدرسي او التعليم الوجاهي، بل هي عملية إثرائية، تجعل البيئة التعلمية شاملة ومتكاملة ومحفزة.


وأشار إلى أن تداعيات العصر، فرضت تحديات كبيرة تدفع لإحداث تغييرات سريعة ومتتالية على النظام التعليمي، ما يفرض إعادة النظر بالمناهج التربوية، بخاصة ما يتعلق برقمنة المناهج.


ولفت الى ان نجاح المشروع وتحقيق الغاية منه، يكمن في تجاوز التحديات التي قد تحد من فعاليته، بتطوير البيئة التعليمية في المدارس، عبر تزويدها بالوسائل التكنولوجية المناسبة، وشبكات الانترنت، وتدريب المعلمين والطلبة على كيفية التعامل مع المناهج والكتب الرقمية.

وأكد السعودي ضرورة الاستفادة من اصحاب الكفاءات والخبرات المؤهلة التي يمكنها تحويل المحتوى الدراسي المكتوب إلى رقمي، يسهل استخدامه عن طريق وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.


بدوره، قال مدير ادارة التخطيط والبحث التربوي في وزارة التربية سابقا الدكتور محمد ابو غزلة، ان المتبحر في التربية والتعليم، يرى ان المناهج الحالية تحتاج للتطوير لتصبح رقمية، وان هذه الحالة لم تنبع من ترف فكري، لكن فرضتها الظروف الصحية التي اجبرت الدول على مراجعة انظمتها التعليمية.

وتساءل ابوغزلة "هل الشروط والمعايير للبدء بالرقمنة متوافرة، وتضمن لها النجاح وإحداث التفاعل المطلوب مع المحتوى الرقمي؟".

كما تساءل حول البنية التحتية والتقنية والمعلمين والطلبة والإدارات المدرسية والفنيين، وذوي العلاقة، وجاهزية انجاحه.


واقترح ابو غزلة لضمان نجاح المشروع، الحشد له بين أوساط التربويين والمجتمع، داعيا للبدء بالتوازي في تطوير الأدلة والمناهج والكتب الحالية، مع توفير متطلبات التشغيل الإلكتروني لهذه المناهج. وأشار الى حاجتنا لتطوير مناهجنا لتكون رقمية، ولكن في ظل غياب البنى الأساسية المادية والتقنية والفنية والقدرات البشرية المؤهلة، فإنها لن تكون ذات أولوية في التطبيق لهذه المرحلة، ما يعني ان على المركز الوطني بما لديه من خبرات قادرة على إحداث تغير نوعي في النظام التعليمي، العمل مع الوزارة والجهات الأخرى على تحديد أولويات تطوير النظام وإصلاحها.

وأضاف أن "هذا لا يعني عدم البدء به، بالتوازي مع متطلبات النجاح بما يضمن توفير كل الاحتياجات الضرورية لنجاحه، حتى لا يتعرض إلى فشل، بخاصة أن التحديات الموجودة تعوق أي فكر تطويري، إذا لم توفر له الحاضنة المناسبة لإنجاحه".


ودعا ابو غزلة وزارة التربية، للمضي قدما في استكمال إعداد الخطط الاستراتيجية التي بدأت بها في التعليم عن بعد، وتوفير كل مستلزمات النجاح لتوظيف أشكال التعليم المختلفة (عن بعد، وهجين، ومتمازج، ووجاهي).


كما دعا للتنسيق مع المركز الوطني، لتوفير متطلبات النجاح، مع الاخذ بالاعتبار بعض التحديات والبدء بالعمل بشكل متواز على تحويل المناهج، حسب المادة والصف، وتوفير الأدوات المساندة، لتكون رديفا للكتاب الورقي، والانشطة التي سيعدها المعلم، والانتقال التدريجي في المواد والصفوف.

واشار الى ان على الوزارة والمركز، وضع خطط كفيلة بإنجاح المشروع، بالتعاون مع المؤسسات الوطنية والدولية، والتأكد من توافر مستلزمات النجاح، موضحا أن المركز، قادر بخبراته، على إغناء المشروع وإنجاحه.


وأوضح ان الفرصة كبيرة الآن للتشبيك والتعاون للبدء بالمشروع، ولا ينقصنا إلا الإرادة والعزيمة لإعلان انطلاقه، ما سيكشل علامة فارقة في تطور نظامنا التعليمي، وفي شكل المخرج والإنسان الذي نريدة للمستقبل.


وشاركهم الرأي، الخبير التربوي الدكتور عايش النوايسة قائلا إن الوزارة قبل الازمة المرتبطة بانتشار فيروس كورونا، كان تفكيرها جديا بضرورة التحول من التعلم التقليدي إلى الرقمي، وجاءت هذه الأزمة عاصفة لجميع القطاعات، ومنها قطاع التعليم الذي وجد نفسه مجبراً على تحول أدواته، وفي شكله وإجراءاته عبر توظيف التقنيات الإلكترونية والرقمية في تعلم الطلبة عن بعد.


واضاف ان هذا الإجراء، فتح باباً كبيراً أمام الوزارة والقطاعات المعنية بالتعليم، لصياغة تحول بالتعلم من شكله التقليدي إلى التعلم عن بعد، المستند على الادوات الرقمية، وبمساندة وتقبل من الجميع، لذا جرى تهيئة بيئة إلكترونية للمناهج الرقمية، وتجربة عملية التعلم عن بعد، لذا يمكن القول إن الخطوة الأولى في رقمنة المناهج تمت.


واشار الى ان ابرز التحديات التي يمكن ان يواجهها هذا التحول، تتثمل بضعف بيئات التعلم الإلكترونية في المدارس الحكومية، واكتظاظها بالطلبة، ونقص خبرات المعلمين نتيجة قصور برامج التدريب وبرامج إعداد المعلمين، بالإضافة إلى مقاومة التغيير لدى فئة كبيرة منهم.

بالإضافة الى قصور عمليات التجريب للمناهج الرقمية بصورة واقعية في جميع بيئات التعلم في الأردن، فالتجريب؛ العنصر الأساسي الذي يكشف عن نقاط القوة ونقاط الضعف.


واكد أن المشروع الرقمي للمناهج، بات ضرورة ملحة للنظام التربوي، ولتربية جيل قادر على التفاعل مع متطلبات الحياة، فتعلم المستقبل يستند على عناصر الثورة الصناعية الرابعة التي تمثل اندماجاً للعوامل الفيزيائية والرقمية والبيولوجية، واعتمادها على تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.