هل تحقق زيارة بايدن تسوية عادلة للقضية الفلسطينية؟

زايد الدخيل قبل أكثر من 18 عاما وفي كلمة لجلالة الملك عبدالله الثاني أمام نادي شيكاغو الاقتصادي وتحديدا في الحادي عشر من حزيران عام 2004، دعا جلالته إلى عدم التفكير فقط بالبرامج الفردية، بل يجب أن يكون هنالك إطار قوي - خطة للتعافي يمكنها أن تمنح الناس، وخاصة الشباب، إحساساً بأنهم سيشاركون في تحقيق وعد المستقبل، قائلا : أنا أتحدث عن مشروع مارشال جديد لإنعاش الشرق الأوسط. وأضاف جلالته " قبل أشهر من مأساة الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، ناشدت الأصدقاء الأميركيين أن يفكروا في مشروع مارشال جديد، مشروع يمكن أن يعطي للشرق الأوسط الأدوات التي يحتاجها لمقاومة أعداء التسامح والسلام في العالم. ذلك المشروع مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى، لإعطاء الناس الأمل ومنحهم بديلا عن الكراهية والانقسام". اليوم وبعد أكثر من 18 عاما تطرح دعوة الملك على طاولة النقاش في منطقة تحتاج إلى السلام وبسرعة، وهذا يعني بحسب مراقبون تسوية عادلة ودائمة وشاملة للصراع العربي الإسرائيلي، والتفاصيل معروفة وواضحة: حل يضمن قيام دولتين، ويستند إلى قرارات الأمم المتحدة 242، 338، 425، ودولة فلسطينية حرة ذات سيادة، قابلة للحياة، ديمقراطية ومترابطة غير مجزأة، ويحقق الأمن لإسرائيل لتعيش بسلام مع جيرانها. وهو ما يمكن أن يسمح بظهور تسوية شاملة. ويرى هولاء، أن الرئيس الأميركي جو بايدن يسعى من خلال زيارته للمنطقة الى استبدال الإطار الدولي للقضية الفلسطينية بالإطار الاقليمي ليتجاوز القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة، مشيرين إلى ان هذا الاستبدال لا يصلح إلا بإدراج القضية الفلسطينية على جدول الأعمال، والإدارة الأميركية تريد أن تدمج فكرة المؤتمر الدولي الذي دعا إليه الفلسطينيون في أكثر من موقف بفكرة المؤتمر الاقليمي وبمشاركة دولية، ولكن بمرجعية غير واضحة لكي تتمكن الإدارة الأميركية من تسويق الحل الإسرائيلي الذي يروج له تحت مسمى "الحل المتفاوض عليه ثنائيا دون تدخل أحد". ويرى السفير السابق احمد مبيضين أن هدف أميركا من تشكيل ناتو عربي لمواجهة إيران هو على حساب القضية الفلسطينية وتصفيتها، وسيكون الدور المستقبلي فقط تنفيذ خطة مارشال جديدة تستند إلى السلام الاقتصادي والاحتواء والوصاية السياسية لسنوات طويلة. ويرصد مبيضين عدة أهداف أساسية لزيارة بايدن، أولها القضية الفلسطينية، وإعلان استئناف الدعم المالي للفلسطينيين لمنع انهيار السلطة الفلسطينية، وثانيها العلاقات الثنائية بين واشنطن وتل أبيب، وتقديم مساعدات عسكرية نوعية، وثالثها أزمة الطاقة ومستقبل العلاقة مع السعودية، وسط توقعات منخفضة في هذه الملفات مجتمعة، بسبب التعقيدات الكامنة في كل واحد منها على انفراد، ورابعها إقامة تحالف دفاع جوي ضد خطر الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار الإيرانية، وسيشمل مجموعة من التعاون الاستخباراتي، وإنذارا مبكرا لتحديد واعتراض صواريخ البحر الإيرانية. وتابع : في ظل كل هذه الظروف، أصبح الشرق الأوسط مرة أخرى ساحة مهمة في تنافس القوى وخريطة مصالح الولايات المتحدة، بعد أن سعت إدارات أوباما وترامب وبايدن لتقليص مشاركتها في المنطقة عبر انسحابها التدريجي منها تفرغا لتحديات أكثر خطورة من وجهة النظر الأميركية، وتتعلق أساسا بمواجهة الصين. من جهته، يرى السفير السابق سمير مصاروة أن كثيرا من الشكوك تحيط بنجاح زيارة بايدن بتحقيق أهدافها، فالفلسطينيون ربما لن يكتفوا باستئناف الدعم المالي فقط، على أهميته، في ظل إخفاق بايدن في إجبار إسرائيل على الدخول في مسار سياسي، أو على الأقل يوقف جنون الاستيطان الذي تشهده الضفة الغربية، حتى عشية الزيارة، ودون توقف، في حين أن الإسرائيليين أنفسهم لديهم من المشاكل الداخلية المتفاقمة التي تجعلهم لا يتفرغون لإدارة أي ملف باستثناء الانتخابات القادمة. واضاف " تأتي زيارة بايدن عشية استقالة رئيس الحكومة الإسرائيلية، مما يخفض من سقف التوقعات بإبرام أي اتفاقيات مع حكومة تسيير أعمال، باستثناء القضايا المتفق عليها بين المستويات الأمنية والعسكرية، بغض النظر عمن يحكم إسرائيل"، مشيرا في الوقت ذاته، الى امكانيه اسرائيل الشروع في تجديد الحوار مع السلطة الوطنية الفلسطينية، ليس بالضرورة كمفاوضات سياسية، ولكن كخطوة شاملة لتعزيز حكمها، وتحسين نسيج الحياة على غرار "خطة مارشال" لإنعاشها، مع أن التنمية الاقتصادية المتسارعة في الضفة الغربية ستفيد إسرائيل أيضاً، لأنها ستسمح بمشاركة دول الخليج في تطوير بناها التحتية ومشاريعها الكبيرة، بزعم أنها ستساعد على استقرار الوضع الأمني. بدوره، يقول المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاحجة، ان الرئيس الامريكي جو بايدن أكد في مقاله الذي نشر في صحيفة واشنطن بوست، أن هذه المنطقة تتحد من خلال الدبلوماسية والتعاون بدلا من التفكك من خلال الصراعات. واضاف " استعرض بايدن في المقال الجهود الأميركية لإنهاء العدوان الاسرائيلي على غزة، والتي كان يمكن أن تستمر عدة شهور، إذ بذلت ادارته الجهود بالتعاون مع الأردن ومصر وقطر واسرائيل للحفاظ على السلام، إضافة إلى إعادة بناء العلاقات الأميركية مع الفلسطينيين. ولكن، وفق الحجاحجة، لم ينجح بايدن في الضغط على إسرائيل بشأن مستوطنات الضفة الغربية، ولم يعرض مبادرات جديدة لاستئناف محادثات السلام المتوقفة منذ فترة طويلة، كما ترك قرار الرئيس السابق دونالد ترامب لعام 2019 بالاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان. ويقول الحجاحجة إن بايدن يحاول إيجاد توازن أكبر في سياسته الخاصة بالشرق الأوسط، مع التركيز على ما هو ممكن في جزء معقد من العالم في وقت تظهر فيه إسرائيل وبعض الدول العربية استعدادا أكبر للعمل معا لعزل إيران، عدوهم المشترك، والنظر في التعاون الاقتصادي.

اقرأ المزيد : 

اضافة اعلان