بناء ثقافة القراءة في الأردن.. من المسؤول؟

د. محمود أبو فروة الرجبي- القراءة هي ركن أساسي من جوانب التعلم والتعليم، وتنمية الشخصية. لديها القدرة على توسيع معرفة الإنسان، وإثراء الخيال، وتوسيع وجهات النظر. للأسف، القراءة ليست جزءا مهمًا من ثقافة المجتمع الأردني والعربي. لبناء ثقافة القراءة في هذه المجتمعات، لا بد من اعتماد منهج متعدد الأوجه يشمل مختلف القادرين على إحداث تغيير إيجابي في هذا الـمجال، بما في ذلك الحكومة والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام والأفراد. تتمثل إحدى الخطوات الأولى نحو بناء ثقافة القراءة في تقليل التركيز على الحفظ في نظام التعليم. في حين أن الحفظ جزء أساسي من التعلم، فلا ينبغي ألا يكون الطريقة الوحيدة. بدلاً من ذلك، يجب أن يتضمن نظام التعليم وقتا مخصصا للقراءة يسمح للطلاب بالتفاعل مع أنواع مختلفة من الكتب، بما في ذلك الروايات والقصص القصيرة والسير الذاتية، والكتب العلمية المبسطة، وغيرها. يجب أن يكون وقت القراءة هذا تفاعليا، وبعيدا عن الطريقة التقليدية في التعليم، حيث يمكن للطلاب مناقشة الكتب التي قرأوها ومشاركة أفكارهم وآرائهم مع المعلم الذي يأخذ في هذه الحالة دور الميسر، ومثير التفكير، ومع الطلبة أيضا. علاوة على ذلك، يجب أن تركز الأسئلة والواجبات المعطاة للطلاب على فهمهم وتحليلهم للنص، بدلاً من مجرد استدعاء المعلومات من الذاكرة، وذلك له تأثير غير مباشر على زرع حب الاستطلاع والفضول في قلوب وعقول الطلبة، وأفضل طريقة للإجابة على ما يثيره هذا الفضول القراءة. الخطوة الثانية هي الاستفادة من قوة وسائل الإعلام لتشجيع القراءة. يمكن للبرامج الإذاعية والتلفزيونية إقامة مسابقات وفعاليات تشجع الناس على قراءة الكتب والتفاعل معها. يمكن تصميم هذه البرامج لتعزيز ثقافة تبادل المعرفة والتفكير النقدي، مع منح جوائز وتقدير للمشاركين الذين يظهرون المعرفة والفهم الأكثر شمولا للكتب التي يقرأونها. يمكن لجامعة الدول العربية أن تلعب دورا حاسما في تنسيق مثل هذه الأحداث في جميع أنحاء المنطقة وتشجيع الدول على المشاركة فيها، وتجارب المسابقات الـمختلفة تدل على أن الإنسان في بلادنا يحتاج مثل هذه المشاريع، ويتفاعل معها مع مرور الوقت، وتشكل وسائل الإعلام رافعة مهمة لتعريف الناس بها، وتشجيعهم على الـمشاركة فيها، وبمجرد أن تبدأ مجموعات من الناس بهذا التفاعل، تلحق بهم أعداد كبيرة من الناس الآخرين، وهكذا يسير قطارنا على سكة القراءة الواعية القادرة على إحداث التطور الفكري في بلادنا. الخطوة الثالثة هي تنظيم مسابقات قراءة وفعاليات داخل القطاع العام. يمكن تشجيع موظفي الحكومة، بما في ذلك المعلمين، على القراءة والمشاركة في أحداث القراءة، مع تقديم المكافآت والتقدير لأولئك الذين يظهرون التزامًا بالقراءة ومشاركة المعرفة. يمكن القيام بذلك من خلال مبادرات مكان العمل، حيث يمكن للموظفين مشاركة توصيات الكتب وتنظيم نوادي الكتب ومناقشة الكتب التي يقرؤونها. من خلال تشجيع موظفي القطاع العام على قراءة ثقافة القراءة والترويج لها، يمكن أن يكون لذلك تأثير إيجابي غير مباشر على المجتمع الأوسع. أخيرًا، يمكن للجامعات أن تلعب دورا حاسما في تعزيز ثقافة القراءة من خلال تقديم دورات وبرامج تركز على القراءة ومراجعة الكتب. يمكن تصميم هذه الدورات لتشجيع التفكير النقدي والتحليل وتفسير الأدب، مما يساعد الطلاب على تطوير مهارات قيمة يمكن نقلها إلى مجالات أخرى من حياتهم. علاوة على ذلك، يمكن للجامعات إنشاء نوادي كتاب ودوائر قراءة، حيث يمكن للطلاب التفاعل مع بعضهم البعض ومشاركة أفكارهم وأفكارهم حول الكتب التي يقرؤونها. بالإضافة إلى هذه الخطوات، يمكن للأفراد أيضًا أن يلعبوا دورًا حيويًا في تعزيز ثقافة القراءة. يمكن للوالدين، على سبيل المثال، تشجيع أطفالهم على القراءة منذ الصغر، وتزويدهم بإمكانية الوصول إلى الكتب، وجعل القراءة جزءًا من روتينهم اليومي. علاوة على ذلك، يمكن للأفراد إنشاء دوائر قراءة داخل مجتمعاتهم، وتنظيم تبادل الكتب، ومشاركة توصيات الكتب مع الأصدقاء والعائلة. من خلال الترويج للقراءة داخل دوائرهم الاجتماعية، يمكن للأفراد خلق تأثير مضاعف يمكن أن يؤدي إلى ثقافة قراءة أوسع. في الختام، يعتبر بناء ثقافة القراءة في المجتمع الأردني والعربي عملية معقدة ومتعددة الأوجه تتطلب التعاون والتنسيق بين مختلف الجهات المعنية. إنه يتطلب تحولا في نظام التعليم، والاستفادة من قوة وسائل الإعلام، وتشجيع موظفي القطاع العام على قراءة ثقافة القراءة والترويج لها. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للجامعات أن تلعب دورا حاسما في تعزيز القراءة من خلال تقديم دورات وبرامج تركز على التفكير النقدي وتحليل الأدب. أخيرًا، يمكن للأفراد المساهمة في بناء ثقافة القراءة من خلال تشجيع أطفالهم على القراءة ومشاركة توصيات الكتب وتنظيم حلقات القراءة داخل مجتمعاتهم. من خلال اتخاذ هذه الخطوات، يمكننا تعزيز ثقافة القراءة التي تثري حياتنا، وتوسع وجهات نظرنا، وتوسع معرفتنا.اضافة اعلان