تمكين المرأة والشباب نيابيا.. بالفزعة

د. هايل ودعان الدعجة
د. هايل ودعان الدعجة
ما يلفت النظر في التعاطي مع مسألة تمكين المرأة والشباب نيابيا وسياسيا تحديدا، أنها مرتبطة ومرهونة بالمناسبات لا بعمل مؤسسي. حتى إذا ما حلت مناسبة أو استحقاق وطني كالانتخابات مثلا، هرعت مختلف الجهات والمنظمات والمرجعيات التي تعنى بالمرأة والشباب إلى الدفع بهذا الملف إلى الواجهة عبر عقد الندوات والمؤتمرات واللقاءات والحوارات وسط تغطية إعلامية واسعة، وكأننا لا نتذكر هذه الشرائح الاجتماعية المهمة إلا بالمناسبات وذلك بالرغم من أهميتها في نهضة المجتمع وتقدمه وتطوره. لدرجة أن من يتابع هذا الاهتمام المناسباتي، وما يتخلله من فعاليات اجتماعية ووطنية مختلفة تحت عنوان تمكين المرأة والشباب، يجعلنا نشعر وكأنهما يعانيان من ظلم واضطهاد في البلد، وذلك بالرغم من توفر الأجواء والمساحات الواسعة من الحريات والإمكانات والمقومات على امتداد الجغرافيا الأردنية التي من شأنها تعزيز حضورهما في المشهد الوطني بصورة طبيعية، لا استثنائية، مصحوبة بأدوات ووسائل تعبيرية دستورية وقانونية تجعل من مسألة التمكين حقيقة واقعة وممارسة في الساحة الأردنية بشكل طبيعي. بعيدا عن أسلوب الفزعة الذي يخيم على تفكيرنا في تعاطينا مع الكثير من الملفات والقضايا الوطنية ومنها بطبيعة الحال قضية تمكين المرأة والشباب سياسيا ونيابيا، كما هو حاصل الآن، وكما يعكس ذلك الكم الهائل من الفعاليات والنشاطات التي تقام هنا وهناك تحت هذا العنوان، الذي لا يوجد ما يمنع أصلا من تفعيله وتطبيقه على أرض الواقع بعيدا عن أسلوب الفزعة، الذي يشي بوجود تقصير من الجهات المعنية بهذا الملف من منظمات واتحادات نسائية وشبابية بالقيام بواجباتها. وبنفس الوقت يظهر وكأن الدولة مقصرة ولا تعطي بالا ولا اهتماما بهذه الشرائح الاجتماعية، رغم كل ما توفره من حريات وأدوات تعبيرية لكل من يريد إثبات حضوره وتعزيز فرص نجاحه، وسط أجواء وأبواب وطنية مفتوحة أمام الجميع، دون أن نسيء لبلدنا ونظهره وكأنه مقصر مع هذه الفئة أو تلك.اضافة اعلان
فأين دور مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات والاتحادات النسائية في خلق حالة من الوعي بأهمية دور المرأة في المجتمع وفي مختلف المجالات والقطاعات الوطنية، وتكريس ذلك كثقافة مجتمعية تعزز من حضورها السياسي والنيابي مثلا بعيدا عن الكوتا التي باتت تركن إليها في الوصول إلى قبة البرلمان، لدرجة أن المرأة لا تنتخب المرأة. 
وعليه فلا يمكننا الحديث عن دور فعلي للمرأة الأردنية في هذا الجانب السياسي، بمدلولاته الشعبية معبرا عنها بخوض الانتخابات النيابية (والبلدية ومجالس المحافظات) إلا إذا فازت بالمنافسة، وليس بالكوتا، التي تفرض لها وجودا، بصورة لا تعكس حقيقة حضورها الذي تستحق في المشهد السياسي، حتى أننا لا نلحظ اهتمام المرأة بالشأن السياسي إلا عندما تكون هناك انتخابات بحيث تكون استعداداتها واهتماماتها بهذا الشأن لحظية ومرتبطة بهذا الحدث، دون أن تؤسس لذلك من خلال اهتمامات ونشاطات وتحضيرات مؤسسية مسبقة تصبح جزءا من شخصيتها وواقعها.
وكذلك الحال بالنسبة للمنظمات والاتحادات الشبابية التي لم تحسن التعامل مع قضايا الشباب كما يجب. وحتى وإن قامت بواجبها في هذا المجال، فإن ذلك لا يشمل كافة مناطق المملكة. حتى بتنا نتساءل، عندما يكون الحديث عن الشباب الأردني وما يرافق ذلك من إقامة نشاطات وندوات ومؤتمرات، من هو الشباب الأردني المعني هنا؟ هل هم كل الشباب في المملكة، في مختلف محافظاتها ومناطقها، في الأرياف والبوادي والمخيمات، أم أن الأمر يقتصر، كما هو الحال بالنسبة للمرأة الأردنية، على العاصمة عمان، وعلى شباب بعينهم من مستويات اجتماعية وثقافية وتعليمية معينة،  من مؤسسات وجهات معينة، هل يمكن لشاب في قرى الشمال أو الجنوب والمناطق النائية، أن يكون بصورة هكذا فعاليات شبابية؟ هل يعلم عنها أو يتفاعل معها؟  وبالتالي فما الغاية من هذه الفعاليات التي تقام باسم الشباب في ظل اقتصارها على جغرافيا معينة، وشرائح شبابية بعينها؟ وبالتالي عن أي شباب نتحدث، عن أي تمكين نسائي وشبابي نتحدث؟.