من يقتل ذكاء الأطفال؟

د. محمود أبو فروة الرجبي

يعتبر ذكاء الأطفال وقدرتهم على التفكير والفاعلية في المشاركة في العمل الاجتماعي والتفاعل مع الآخرين من العوامل الـمهمة لنموهم وتطورهم. ومع ذلك، هناك عدة عوامل يمكن أن تعيق هذه القدرات، مما يؤدي إلى نتائج سلبية على نموهم الاجتماعي، والفكري، والتربوي، ومن هذه العوامل المعاملة السيئة التي قد يتلقاها الطفل في منـزله، أو الجو العام غير المحفز على التطور، والنمو، إضافة لعوامل البيئة الخارجية، والتلوث والتغذية.اضافة اعلان
أحد العوامل المهمة التي يمكن أن تؤثر على ذكاء الأطفال هو سوء التغذية. التغذية السليمة ضرورية لنمو الدماغ، ويمكن أن يؤدي سوء التغذية إلى انخفاض القدرات المعرفية. يمكن أن يؤدي نقص العناصر الغذائية الأساسية مثل الحديد واليود وفيتامين أ إلى إضعاف وظائف المخ، وقد ينتج عن ذلك إبطاء التعلم وقدرات الطفل على إعادة استذكار الـمعلومات، أو الكلمات التي يريد أن يتحدث بها، إضافة إلى أن نقص التغذية السليمة يمكن أن يؤدي أيضا إلى التأثير على نمو الجسم، مما يؤدي إلى توقف النمو وضعف جهاز المناعة وزيادة احتمالية الإصابة بأمراض مزمنة، والتي يمكن أن تؤثر بشكل أكبر على التطور المعرفي.
ولا بد من التأكيد على أن أكل الخضراوات، والفواكه، والتقليل من الأكل الجاهز قدر الإمكان يساعد على نمو أفضل للطفل، كما أن وجود الطفل في بيئة نظيفة، وغير ملوثة، يقلل احتمالية حدوث أضرار كبيرة للدماغ في مرحلة النمو، وهذا يساعد في تحسين قدرات التعلم الأسرع لدى الطفل واكتساب مهارات أكثر في فترة زمنية أقل من أقرانه.
البيئة غير المشجعة على التفكير، والتحفيز، بيئة قاتلة لذكاء الطفل، فالعائلة التي توبخ الطفل على محاولة التفكير، وإذا اجتهد وأخطأ يتعرض للوم، والسخرية، تكون قد دقت أسفينا خطيرا في قدرات الطفل التفكيرية، وجعلته أقل قدرة على التطور ذكائيا.
أظهرت الأبحاث أن الأطفال الذين يتلقون التحفيز المبكر، مثل التعامل مع الكتب والألعاب والألغاز، هم أكثر عرضة لتطوير قدرات معرفية قوية ومهارات لغوية ومهارات التنشئة الاجتماعية. ومع ذلك، قد يعاني الأطفال الذين يفتقرون إلى هذه الفرص من القراءة والكتابة وحل المشكلات، مما يؤدي إلى انخفاض الأداء الأكاديمي والعزلة الاجتماعية.
علاوة على ذلك، يمكن أن تؤثر العوامل الاجتماعية مثل الفقر وسوء المعاملة، والإهمال والصدمات النفسية على النمو المعرفي للأطفال والمشاركة الاجتماعية. قد يفتقر الأطفال الذين يعانون من الفقر إلى الوصول إلى التعليم الجيد، وفي حالة وجود عوائق أمام التعليم – مثل بطء التعلم، أو صعوباته، فإن فقر العائلات لا يمكنها من الوصول إلى مختصين يساعدون الطفل على التعلم الجيد.
العزلة الاجتماعية، وعدم تفاعل الأهل مع الآخرين بإيجابية، وقلة الـمشاركة في النشاطات الاجتماعية، والاختلاط مع أشخاص مثقفين، لديهم وعي يساهم في تقليل فرصة الطفل في النمو التفكيري، وقد أشارت عدد من الدراسات إلى أن وجود الطفل في جو ذكي اجتماعيا وفكريا، يؤثر عليه مباشرة، ويجعله أكثر ذكاء، وقدرة على التعامل في الـمواقف الحياتية الـمختلفة.
عوامل كثيرة تقتل ذكاء الطفل وتقلل من تطوره المعرفي، والوجداني، وتجعله ابطأ في النمو الفكري، ذكرنا بعضها، وكلها يمكن التحكم بها، وجدير بالذكر أن العائلة الثرية فكريا، والتي تحاور الطفل، وتحترمه، وتحترم الآخرين وتتحدث بإيجابية هي الأقدر على الوصول إلى طفل ذكي في الجوانب جميعها.