"الاستثناءات" و"المبكر" يتصدران جدل "تعديلات الضمان"

5a3f8df3
5a3f8df3
محمود الطراونة ورانيا الصرايرة عمان - مثل كرة الثلج، يتسع نطاق النقاش المحتدم حول تعديلات قانون الضمان الاجتماعي، التي سيناقشها البرلمان في دورته الاستثنائية، ما بين رأي، تتبناه الحكومة، الجهة التي وضعت التعديلات، ويؤكد ان التعديلات إيجابية وستعزز الحماية الاجتماعية للمنضويين تحت مظلة الضمان الاجتماعي، يقابله موقف آخر يتبناه القطاع المدني سواء النقابي او الحزبي، ويرى انها "غير عادلة وستصيب بنى الحماية الاجتماعية في الأردن بخلل". وكان جدول الدورة الاستثنائية المقررة في الواحد والعشرين من الشهر الحالي، تضمن مناقشة تعديلات الضمان الاجتماعي بعد ارسالها من الحكومة، ليخلف ذلك شبه صدمة في المجتمع في ظل عدم حدوث أي نقاش قبْلي او حتى اعلان سابق من قبل رئاسة الوزراء عن نيتها فتح قانون الضمان الاجتماعي للتعديل. ولم يكن المجتمع المدني وحده من تفاجأ بذلك، بل طال الاستغراب من الفتح المفاجئ لملف قانون الضمان الاجتماعي مؤسسة الضمان الاجتماعي نفسها، التي يؤكد مصدر مطلع فيها أن "كبار قيادات المؤسسة لم يعلموا بنية الحكومة إجراء تعديلات على القانون الا من وسائل الاعلام عندما نشرت خبرا مقتضبا قبل أيام قليلة مفاده ان قانون الضمان الاجتماعي من بين 13 قانونا ستناقشها استثنائية البرلمان". هذه النقطة المح اليها رئيس اتحاد نقابات العمال في الأردن مازن المعايطة، وهو عضو في مجلس إدارة الضمان بحكم منصبه كرئيس لاتحاد النقابات، حيث اعترض على ما وصفه " تجاهل الحكومة التام" لمجلس إدارة مؤسسة الضمان وعدم استشارتهم في ما وضعته من تعديلات، ليطالب بسحب القانون وإخضاعه للمزيد من النقاش قبل إرساله للبرلمان. وبالدخول الى صلب التعديلات التي وضعتها الحكومة، تتصدر قائمة الجدل مادتان من ضمن حوالي 13 مادة أخرى تم تعديلها في القانون، تتحدث احداهما عن "الغاء التقاعد المبكر عن المشتركين الجدد بعد إقرار القانون"، الذي يبدو ان الجهات التي تعارضه حاليا من نقابات وأحزاب ومراكز مختصة بالشأن العمالي، لا تعارضه بالمطلق، بل هي مع جوهر الغاء التقاعد المبكر لما فيه من استنزاف لصندوق الضمان، لكنها ترى انه اجراء يجب ان يسبقه عدة إجراءات منها ضمان حماية حقوق العمال مثل رفع الحد الادني للأجور، ووضع سياسات فعالة لإنفاذ الالتزام بدفع الحد الادنىى للأجور، والاهم وضع استثناءات لإلغاء التقاعد المبكر مثل حالات إصابات العمل. التعديل الذي يتم النظر اليه بعيون اكثر قلقا، هو التوجه نحو استثناء بعض المنشآت من شمول العاملين لديها من بعض التأمينات لمدة تصل إلى خمس سنوات، لتدافع الحكومة عن هذا التعديل بالتأكيد على فكرة ان "الاستثناء سيرافقه ضمان توفير الحماية للعاملين فيها في حالات الوفاة والعجز واصابات العمل، وذلك خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ نفاذ القانون للمنشآت القائمة عند نفاذه أو من تاريخ تأسيسها للمنشآت التي تنشأ بعد نفاذ القانون"، بهدف تخفيف الاعباء عن أصحاب العمل وتحفيزهم ودعم فرص نجاح أعمالهم ومشروعاتهم، بحسب بيان سابق لمؤسسة الضمان الاجتماعي. لكن الرافضين لهذا التعديل يؤكدون ان "نص المادة المعدلة لم يشر الى الآلية التي سيتم فيها تحقيق الحماية لمن سيتم استثناؤهم، وعيه فإن القادمين الجدد لسوق العمل سيواجهون مخاطر جمة ناتجة عن تخلي مؤسسة الضمان عنهم عندما عدلت قانونها بطريقة تبقيهم خارج مظلة الضمان لمدة خمس سنوات قد يتعرضون فيها لإصابة عمل او حتى طرد تعسفي او انهاء خدمات وغيره". وترد مؤسسة الضمان الاجتماعي على ذلك بالتأكيد على انه بعد صدور القانون سيصدر نظام يشرح آلية حماية العمال خلال فترة الخمس سنوات، لكن هذا الرد لم يعجب المعارضين له الذين اكدوا "عدم فعالية بعض الأنظمة الصادرة وعدم تفعيلها أصلا هذا اذا صدرت أصلا، واعطوا مثلا على ذلك بنظام العاملين في الزراعة الذي كان من المفروض ان يصدر منذ عام 2008 استنادا لتعديل قانون العمل وقتها، وحتى هذه اللحظة لم يصدر". وفيما يخص الغاء التقاعد المبكر يؤكد مدير مركز بيت العمال حمادة أبو نجمة انه إجراء "قد يكون مفيداً لحماية مدخرات صندوق الضمان من الاستنزاف، لأنه سيقلل من حجم الرواتب التقاعدية التي سيدفعها، ويزيد من إيرادات المشتركين" لكنه يسجل اعتراضا توافقه عليه اغلب المنظمات والنقابات والأحزاب يتعلق بعدم اخذ التعديل بعين الاعتبار الفئات الضعيفة من العاملين، وبشكل خاص ممن يعانون من انخفاض أجورهم، حيث تبلغ نسبة المشتركين الأردنيين الذين يتقاضون أجوراً تقل عن معدل الفقر للأسرة ما يقرب من 25 % من مجموع المشتركين، وهم يجدون في التقاعد المبكر فرصة لتحسين دخلهم من خلال الجمع بين الراتب التقاعدي وراتب العمل. ويؤكد أبو نجمة ضرورة ان يسبق الغاء التقاعد المبكر تطبيق سياسات فعالة لرفع مستويات الأجور، وبشكل خاص الحد الأدنى للأجور بما يضمن تغطية احتياجات العامل واسرته في حياة كريمة، وإيجاد بدائل عادلة في قانون الضمان نفسه من خلال استثناء فئات وحالات خاصة من هذا الإلغاء، ومنهم ذوو الأجور المنخفضة، وذوو المسؤوليات العائلية، والعاملون في أعمال خطرة ومرهقة.. وتطبيق رفع سن التقاعد المبكر تدريجياً بدلاً من الإلغاء، وإصلاح شروط تأمين التعطل عن العمل بحيث يصبح تأميناً فعالاً ضد البطالة. وتعتبر نسبة الحاصلين على التقاعد المبكر عالية حيث تمثل 48 % من المتقاعدين، وهم في الغالب من ذوي الرواتب المتدنية أو المتوسطة والقريبة من حدود الفقر، واختاروا التقاعد المبكر لتحسين دخلهم، ومنهم من توجه للعمل في القطاع غير المنظم الذي في الغالب لا تتوفر فيه شروط العمل اللائق، وهو يمثل ما يقرب من 30- 45 % من العاملين في المملكة حسب بعض التقديرات. وكان من المفترض أن يراعي القانون هذا الواقع، خاصة في ظل ضعف المشاركة الاقتصادية بين الأردنيين والتي تبلغ حوالي 36 % من السكان في سن العمل و 24 % من مجموع السكان؛ ما يعني أن فئة العاملين المعيلين لا يتجاوز ربع السكان يعيلون باقي السكان، ويشكل ارتفاع نسب الإعالة بهذا الشكل سببا رئيسيا للتوجه نحو التقاعد المبكر، إضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر التي تشمل فئات لا بأس بها من العاملين وأسرهم. الحديث عن هذين التعديلين طغى على مواد أخرى توافقت غالبية الآراء على ايجابيتها مثل تعديل آلية منح زيادة التضخم السنوية على الرواتب التقاعدية بحيث يتم توزيع قيمة الزيادة بالتساوي على كافة المتقاعدين المستحقين لها وذلك بهدف تقليص الفجوة بين أصحاب الرواتب المتدنية والمرتفعة بما يعزز من حماية أصحاب الرواتب المتدنية والمتوسطة. ومن التعديلات التوافقية أيضا، إعفاء أصحاب العمل من دفع الاشتراكات المترتبة عن تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة عن المؤمن عليها المستحقة لبدل اجازة الأمومة خلال فترة تمتعها بهذه الإجازة، وذلك بهدف التخفيف على أصحاب العمل، وبما ينعكس ايجاباً على تعزيز فرص مشاركة المرأة في سوق العمل. كما تضمنت التعديلات توسعا في حالات استحقاق الورثة لراتب تقاعد الوفاة الطبيعية وذلك من خلال إتاحة الفرصة لورثة المؤمن عليه المتوفى خارج الخدمة والمشترك بالضمان لمدة لا تقل عن عشر سنوات ولم يمضِ على انقطاعه عن الضمان أكثر من ستين شهراً للتقدم بطلب الحصول على راتب تقاعد الوفاة الطبيعية، بهدف تعزيز الحماية الإجتماعية لأسر المؤمن عليهم المتوفين. وتنشر "الغد" على موقعها الإلكتروني مشروع القانون المعدل لقانون الضمان الاجتماعي الذي احالته الحكومة لمجلس النواب. “الغد” تنشر مسودة “معدل الضمان”اضافة اعلان