أميركا مثل فلسطين تغتصبها الصهيونية وتحتلها إسرائيل

انسحاب أميركا من اليونسكو، ثم انسحابها من مجلس حقوق الإنسان، بحجة تحاملهما على إسرائيل بالقرار، ونقل السفارة إلى القدس، وتوقفها عن دعم الأونروا، وتنصلها من قرارات محكمة العدل الدولية، وتهديد محكمة الجنايات الدولية بالويل والثبور إذا دانت إسرائيلياً، واستعداد أميركا لمجابهة أي مؤسسة أو هيئة دولية أو إنسانية أخرى إذا مست إسرائيل، انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقانون الدولي والقانون الإنساني، ولمبادئ الحرية والديموقراطية والعدالة التي (تعلمها؟؟) أميركا للعالم.اضافة اعلان
ويثبت أن أميركا إسرائيلية أكثر مما هي إسرائيل أميركية، لأن كلمة إسرائيل أو مصلحتها هناك هي العليا. وأن أي رئيس أميركي وأي كونجرس يتباهون بذلك ويتنافسون فيه. وقد اثبت ذلك في كتابي الذي لم أروج له: أميركا الإسرائيلية وإسرائيل الأميركية، بطبعتيه 2000، 2010 مبرهناً أو متحدياً الذين يدعون العكس.
لا تستطيع أميركا، أو – على الأصح – لا يجرؤ أي مسؤول فيها مهما علا مركزه أو كانت سلطته على لي ذراع إسرائيل، أو إسرائيلي ينتهك حقوق الإنسان وإن كل يوم، ولكن إسرائيل تستطيع ذلك أي لي ذراع أميركا وأي أميركي عند اللزوم كما جاء في الكتاب. وعليه فلا فائدة لفلسطين من أي صداقة عربية أو إسلامية أو تحالف مع أميركا، فالديك لا ينتفع من صداقة الثعلب. الحكومة الأميركية رئاسةً وكونجرساً وإعلاماً تتحول عندما يتعلق الأمر بإسرائيل إلى عصابة أو مافيا، فلا تساوم عليه، حتى وإن وضع العرب والمسلمون الشمس في يدهم والقمر في الأخرى.
الصهيونية وإسرائيل بشبكتهما المتجذرة في الغرب - وبخاصة في أميركا- ديناً وفكراً وإعلاماً ومالاً وابتزازاً وإرهاباً تتحكمان في كل مسؤول وكل سياسي وكل إعلامي وكل مفكر... فيه وتستطيعان أن تطيحا به في الحال إذا خرج عن السكة دون أن يجرؤ أحد على ذرف دمعة عليه. والكتاب مليء بالأمثلة التي تثبت ذلك، والضحايا يؤكدون صحته.
وعليه يتحول كل منهم إلى عميل، أو مأجور، أو جبان... ليبقى ويمضي، لا يهمه سوى مزايا المركز، أو اغتنام الفرصة، أو نجاح البزنس الذي يستمر الرئيس المحبوب في ممارسته. وبما أن الوضع كذلك – وهو فعلاً كذلك – فإن حكومة الرئيس وكونجرسه تصديقاً له يتصرفان ويقرران وكأن الفلسطينيين هم الذين يحتلون أرض إسرائيل، ويهددون وجودها واستقرارها. إنها الضحية وهم القتلة والجلادون والإرهابيون. هكذا وصفوا اقتراب مسيرة العودة السلمية من الجدار. إن الفلسطينيين يَنقتلون وينجرحون لأنهم يضعون أنفسهم في مرمى النيران، فإسرائيل لا تضعهم فيه ولا تقتلهم أو تجرحهم. هم يقتلون أنفسهم ويجرحونها، فما أغباهم!!!!
ولما كان الأمر كذلك فإن  فلسطين تقاوم دولتين صهيونيتين إسرائيليتين معاً وفي الوقت نفسه وهما: إسرائيل الصغرى في فلسطين وإسرائيل الكبرى في أميركا، وأنها لذلك تواجه أعتى قوتين في التاريخ، مما يفسر نجاح الباطل، وفشل الحق لأصدق وأعدل قضية والعالم كله يتفرج .
واضح إذن ان تحرير فلسطين من إسرائيل الصغرى يؤدي تلقائياً إلى تحرير إسرائيل الكبرى فيها، ولكن أميركا – كما يبدو - لا تريد أن تتحرر منها، أو لا تستطيع أو لا تجرؤ، ما يجعل قضية فلسطين تمضي من سيء إلى أسوأ.
لعل الحل في النهاية الذي لا تقوى إسرائيل الصغرى والكبرى على مواجهته هو الزحف السلمي البشري الفلسطيني العربي المسلم العالمي الشامل والمتزامن نحو فلسطين من جميع الجهات، وليكن بعد ذلك ما يكون.
أما الحل العاجل فيكون بالتقاء زعماء المنطقة وتسوية الخلافات بينهم، أو تنحيتها أو تركها للتاريخ، بحيث لا يبقى لإسرائيل الصغرى وإسرائيل الكبرى نافذة أو شق أو شرخ أو ثغرة تدخلان منها لتوسيع الشقة وإدامة الصراع بينهم.