أيعقل.. سياحة داخلية.. فواتير لا تطاق وخدمات متدنية؟!

قبل فترة ذهبت وأخي وعوائلنا لتناول طعام الغداء في أحد المطاعم خارج العاصمة، وعندما جاءت الفاتورة صدمنا من ارتفاعها، وخاصة أنها كانت أكثر بكثير من مرات سابقة، ولكننا بلعنا الأمر واعتبرناه حدثا عارضا وربما يتوجب عدم الرجوع إلى المطعم عينه مرة أخرى لارتفاع أسعاره.اضافة اعلان
لم أتوقف كثيرا عند الأمر الذي حدث معي وأخي ذات عيد، ولكن الموضوع عاد ليطرق ذهني عندما شاهدت ما كتبه الزميل العزيز حكمت المومني على صفحته "الفيسبوكية" مؤخرا، حول ارتفاع فواتير المطاعم بطريقة جنونية لا تطاق، وتدني مستويات الخدمات المقدمة، وقد شرح الزميل المومني في منشوره، طلبه بالتفصيل وأشار إلى سعر الفاتورة النهائية التي كانت مرتفعة بشكل كبير، وهذا يؤشر إلى غياب الرقابة أحيانا على مثل تلك المطاعم.
وما عزز قناعتي بأن السياحة الداخلية يعتريها الكثير من المطبات، فضلا عن ارتفاع جنوني للأسعار لم يكن ما تعرضت له أنا وأخي وزميلي حكمت المومني فقط، إذ قد يبدو الأمر لو توقف الموضوع علينا -رغم أننا نتحدث عن مطعمين مختلفين- عاديا أو صدفة توافقية لا يجوز تعميمها، بيد أن ما سمعته من زميلتي في العمل وما تعرضت له من موقف محرج مع زوجها وضيوف آخرين كان صادما أيضا، فبعد أن اشتكت من ارتفاع فواتير المطاعم وصعوبة التمتع برحلات سياحية داخلية في الأردن لارتفاع الكلفة، قالت انها صدمت وزوجها كثيرا من ارتفاع فاتورة 6 أشخاص لتناهز حاجز الـ300 دينار رغم أن طلباتهم لم تكن كبيرة وإنما عادية بشدة، وتضيف أن الأنكى من كل ذاك أن الخدمة كانت متدنية ودون المستوى المطلوب، وان اللحمة المستخدمة في عملية "الهش والنش" مجمدة وبدت عليها علامات التجمد وهي على الطاولة فضلا عن أن المياه المقدمة لهم لم تكن معدنية.
تسأل زميلتي وقد ترسمت على ملامحها علامات الاستغراب، ترى عندما يقولون لنا إن الأردن احلى، ويطلبون منا تعزيز فكرة السياحة الداخلية هل يراقبون الأسعار بشكل جيد؟ وهل يراجعون فواتير بعض المطاعم ومدى تطابقها مع حد الربح المعقول؟
وتضيف زميلتي، نؤيد فكرة السياحة الداخلية، وضرورة تعزيزها، ونقف مع كل العبارات التي تُستخدم في الشوارع وعلى "عواميد" الكهرباء التي تشجع تلك السياحة ولكننا أيضا نريد أن نشعر أن تلك الشعارات حقيقية وواقعية، وان الأسعار معقولة ويمكن تحملها، وتؤكد أن على أولئك الذين يريدون منا تعزيز فكرة السياحة الداخلية أن يقتنعوا أن كل الأردنيين من أصحاب الملايين، وان المواطن ليس لحمة طرية يتوجب تقطيعها كلما سنحت الفرصة.
ما أشارت اليه زميلتي وما تعرضنا له انا وأخي وزميلي حكمت المومني، يتكرر مع أي شخص آخر يفكر بالذهاب لمطعم لتناول وجبة الغداء مع  عائلته أو يسرح في تفكيره أكثر ليصل لحد التفكير بحجز فندق في العقبة أو البحر الميت، إذ سيصطدم بارتفاع الأسعار الجنونية، ليخرج في نهاية المطاف بأن أسعار فنادق عربية قريبة منا أقل تكلفة بكثير من فنادقنا، وان رحلات خارجية لطابا أو شرم الشيخ أو بيروت أو مرمريس أو انطاليا أو قبرص أو مصر أقل تكلفة، وأن قضاء ليلتين وثلاثة أيام في تلك الأماكن ربما يكون أقل تكلفة من قضاء نفس الفترة في ربوع العقبة.
شخصيا أؤيد فكرة السياحة الداخلية، وأعتقد انه من الممكن تعزيزها بشكل جيد لو تضافرت الجهود بهدف جعلها أقل تكلفة، بحيث يكون باستطاعة المواطن أن يقوم بسياحته الداخلية هو وعائلته وحده من دون الرجوع لبرامج تشجيعية تعلن عنها الجهات المعنية بين فينة وأخرى، وأعتقد أن الحكومة عليها التحرك لضبط ما قد يصل لمرحلة الاستغلال لأن ذاك من شأنه أن يعود بأثر سلبي على فكرة السياحة الداخلية برمتها.