إيران وجدوى العقوبات الاقتصادية

وقعت إيران وسويسرا مؤخرا اتفاقا طويل الأمد لتزويد سويسرا بالغاز الإيراني. الاتفاقية التي وقعت بين الشركة الوطنية الإيرانية لتصدير الغاز والمجموعة السويسرية للطاقة EGL تتحدث عن اتفاق طويل الأمد يصل إلى 25 عاما بقيمة إجمالية ما بين 10-22 بليون يورو. ويقضي الاتفاق أن تصدر الشركة السويسرية غازا إيرانيا إلى أوروبا بمعدل 5.5 بليون متر مكعب سنويا، ومن المقرر الانتهاء من مد أنبوب لنقل هذا الغاز بانتهاء العام 2010.

اضافة اعلان

الاتفاق يبدو مثيرا للاهتمام، وذلك للأسباب التالية:

أولا؛ الدولة التي وقعت الصفقة مع إيران هي الدولة التي ترعى المصالح الأميركية في إيران وهي سويسرا، وهذا قد يعطي مؤشرا على فشل الإدارة الأميركية في إحكام طوق العزلة السياسية على إيران، كما أنه قد يعطي مؤشرا على عدم التزام الدول التزاما جديا بمشروعات العقوبات التي صدرت بحق إيران وهي 1737، 1803،1747.

ثانياً؛ الصفقة مؤشر مهم على الحاجة الملحة المتزايدة لمصادر الطاقة في القارة الأوروبية، والحرص على تنويع مصادر الحصول عليها. الغاز الذي سيصدر من خلال هذه الصفقة ستكون المستفيدة منه الدول الأوروبية وليس فقط سويسرا، وهو الأمر الذي سيخلق أزمة على مستوى القارة في حال تعرض مصدر التزويد وهو إيران في هذه الحالة إلى وقف تصدير هذا الغاز أو امتنع عن تصديره لأي سبب كان.

إن الحرص الأوروبي بما في ذلك السويسري في تنويع مصادر الحصول على الطاقة يعكس كذلك القلق المتنامي من الارتفاع الجنوني في أسعار النفط، وهو الأمر الذي سيلقي بظلاله السلبية على البنية الصناعية الضخمة في ذلك الجزء من العالم.

ثالثا؛ يبدو أن الصفقة ستعمل على تقليل الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي، وهو الأمر الذي يبدو أنه في صالح إيران، لكنه في ذات الوقت سيفتح باب التنافس على مصراعيه بين روسيا وإيران، هذا التنافس قد يترك بصماته على ملفات أخرى مهمة في دفتر العلاقات الروسية الإيرانية، مثل الملف النووي، والتعاون فيما يتعلق بتقسيم حقوق الدول المطلة على بحر قزوين.

رابعا؛ لا شك إن هذه الصفقة قد أغضبت الإدارة الأميركية، وربما تضطرها إلى التسريع في عملية التصعيد بين إيران والمجتمع الدولي، والانتقال إلى خطوات علنية لإجبار الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على الالتزام بقرارات مجلس الأمن فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على إيران. ليس هذا فحسب بل ربما تعمد الولايات المتحدة إلى إضافة قطاعات اقتصادية أخرى ليشملها الحظر المفروض على إيران، وذلك بهدف التضييق على إيران أكثر، كما يُعتقد أن الإدارة الأميركية الحالية قد تلجأ إلى وضع نصوص أكثر حزما في أي قرارات أممية قادمة تعاقب الدول التي لا تلتزم بقرارات مجلس الأمن الصادرة بحق إيران.

خامسا؛ هذه الصفقة زادت من الأعباء الدبلوماسية على إسرائيل التي ما فتئت تحاول إقناع الدول الأوروبية بخطورة النظام السياسي في إيران على الأمن العالمي والإقليمي، وان على الدول الأوروبية أن تصطف في المعسكر الإسرائيلي إذا ما أرادت وضع حد إلى التهديد الإيراني. هذه الصفقة ستشجع إسرائيل بشكل أكبر للمضي قدما في دعوتها إلى عقد مؤتمر حول إيران في ألمانيا بهدف عزل إيران ووضع صيغ عملية تتفق عليها الدول المشاركة في المؤتمر للضغط عليها.

سادسا؛ هذه الصفقة وغيرها من محاولات الشركات الأوروبية لإقامة علاقات اقتصادية مع إيران،  تعكس حالة الانقسام فيما يسمى بالمجتمع الدولي، وهو الأمر الذي طالما راهنت إيران على وجوده، وانه سيبقى حاضرا فيما يتعلق بملفها النووي.

إن التطورات التي تحيط بمصادر الطاقة بما في ذلك الارتفاع الحاد في الأسعار ربما يجبر الإدارة الأميركية والدول الأوروبية على مراجعة سياساتها، لكن لا يجب أن يفهم هذا تغيرا جوهريا أو تراجعا في الخطاب التصعيدي فيما يتعلق بإيران.

[email protected]