"اختناق عاملات الشونة": إدارة المصنع تشكل لجنة لإدارة الأزمة و"العمل" تتعهد بالمحاسبة

رانيا الصرايرة وعلا عبداللطيف

عمان - بعد تعرضهن لـ"الاختناق" إثر استنشاق مبيدات حشرية تم رشها في مصنع في الشونة الشمالية، الخميس الماضي، ما تزال معاناة نحو 160 عاملة أردنية وغير أردنية، مستمرة بعدما وجدن أنفسهن حائرات فيمن يتحمل تكاليف علاجهن في المستشفيات التي نقلن إليها، إثر الحادثة.

اضافة اعلان

وبينما تؤكد وزارة العمل إن إدارة المصنع ملزمة بدفع كافة التكاليف، وأنها لن تسمح للمصنع بالتخلي عن أي عاملة، تقول عاملات راجعن المستشفيات، أنهن وقعن "كمبيالات مالية"، قبل مغادرتهن فيما اكتفت إدارة المصنع بإخبارهن (الخميس الماضي) برسالة "واتس آب"، توضح أن العمل في المصنع سيبدأ اليوم الأحد.

وفي ظل تفاعلات القضية وتشعبها، أكدت إدارة المصنع أمس في تصريح لـ"الغد"، التزامها بتحمل نفقات علاج العاملات، كاملة.

عاملات يروين: كيف وقع الحادث؟

روت عاملات في المصنع، زراتهن "الغد" على أسرة المستشفيات، حيث كن يتلقين العلاج، كيف وقع الحادث وكيف تعاملت إدارة المصنع معه. وقلن إنهن تعرضن للاختناق أثناء عملهن بسبب رش إدارة المصانع لمبيدات حشرية، لتطيهر بعض المرافق في المصنع.

وعبرن وذووهن، عن غضب شديد من إجبارهن على الاستمرار في العمل الخميس الماضي، حيث وبعدما إصيبت عشر عاملات بالإغماء وجرى نقلهن إلى المستشفى، بسبب اختناقهن، استمر العمل في المصنع، بإصرار من إدارته، لتتوالى بعد ذلك حالات الاختناق، موضحات أن إدارة المصنع لم تبادر إلى طلب الدفاع المدني لنقل العاملات اللواتي بدأت تظهر عليهن أعراض الاختناق، إلى المستشفيات، بل تم نقلهن بسيارات خاصة أو الاتصال بأهاليهن ليأتوا لنقلهن الى المستشفى.

وبحسب العاملات، ليس هذا فقط ما حدث، بل إنه وبعد إجراء الإسعافات لغالبيتهن في أربعة مستشفيات استقبلتهن، ولم يحتجن إلى إدخال لاستقرار حالتهن الصحية، لم يتم إخراجهن إلا بعد دفع تكاليف العلاج، في حين تم توقيع ذوي بعضهن على كمبيالات لإلزامهن بدفع هذه المبالغ، التي تشمل أجور الفحوصات المخبرية، وحتى أجور نقل من لزمها الأمر من مستشفى إلى آخر.

وتؤكد العاملات أن إدارة المصنع لم تبلغهن بأن أي عمليات تعقيم أو تطهير ستجري في المصنع، لافتات إلى أنهن توجهن لعملهن كالمعتاد، في يوم الحادثة.

4 عاملات ما زلن يتلقين العلاج

وفي السياق، قال مدير الشؤون الصحية لمحافظة إربد الدكتور رياض الشياب، إن العاملات اللواتي تعرضن للتسمم جراء استنشاقهن مواد كيماوية في أحد مصانع لواء الأغوار الشمالية الخميس الماضي، غادرن المستشفيات بعد التأكد من سلامة أوضاعهن الصحية، باستثناء 4 حالات ما زلن يتلقين العلاج في مستشفى معاذ بن جبل.

وبين الشياب لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن الحالات المتبقية تخضع للمراقبة الطبية بسبب معاناتهن سابقا من أمراض تنفسية، متوقعا مغادرتهن المستشفى اليوم بعد استقرار حالتهن الصحية. واشار إلى ان عدد العاملات اللواتي تعرضن لتسمم واختناق بلغ 160 عاملة.

وبحسب متصرف لواء الأغوار الشمالية محمد البدارين، تقرر إغلاق المصنع ثلاثة ايام لفحصه من قبل مديرية الصحة والسلامة المهنية في وزارة العمل.

"العمل": المصنع مغلق لحين توفير شروط السلامة

بدوره، يؤكد الأمين العام لوزارة العمل فاروق الحديدي، في تصريح لـ"الغد"، أن العاملات لن يتكلفن بأي مبلغ يترتب عن علاجهن، وستدفعه إدارة المصنع "وفق اتفاقنا معها، وكذلك لن نسمح بإنهاء خدمات أي عاملة في المصنع، ولن يعدن إلى العمل إلى أن تتحسن صحتهن، وبعد أن نتأكد من أن المصنع وفر شروط الصحة والسلامة المهنية".

وبعد أن قالت إن "إجراءات سيتم اتخاذها بحق المصنع حسب قانون وغير ذلك من تشريعات ذات علاقة"، أوضحت وزارة العمل في بيان، أن الإغلاق سيتواصل إلى حين إجراء فحوصات لبيئة العمل والتأكد من خلوها من آثار المبيدات التي تؤثر على صحة العاملين من خلال جهة معتمدة من وزارة البيئة او الجمعية العلمية الملكية.

وأضافت الوزارة أنه تم تحرير مخالفات بحق المصنع لمخالفته المادة 78 من قانون العمل، والتي تتعلق بوضع التدابير اللازمة لحماية العاملين من أمراض المهنة، لافتة إلى أن التحقيقات القضائية ما تزال جارية مع إدارة المصنع والشركة المكلفة من قبله لرش المبيدات داخل المصنع لمعرفة ملابسات الحادثة.

وأشارت الوزارة إلى أن إدارة المصنع بعثت برسالة نصية لجميع العاملين فيه ونصها "المصنع مغلق حاليا بقرار من وزارة العمل وسيتم إبلاغكم الالتحاق بالعمل فور فتح أبوابه بعد أخذ موافقة الوزارة".

وطمأنت الوزارة العاملات أن إدارة المصنع لن تقوم بتسريح أي منهن بناء على الشكاوى التي تقدمن بها إلى الجهات المختصة.

وبينت الوزارة أن قانون العمل يلزم صاحب المنشأة إجراء فحوصات طبية دورية للعاملين، لذلك قام مفتشو الوزارة بتدقيق كشوفات الفحوصات الطبية للعاملات ومقارنتها بحالة العاملات اللواتي مازلن قيد العلاج بالمستشفيات.

إدارة المصنع: لجنة لتنسيق إدارة الحادثة

مدير المصنع احمد نصيرات أكد أن إدارة المصنع "ستتكفل بكافة مصاريف العلاج للعاملات"، لكنه قال لـ"الغد": نحن مستعدون لدفع كافة المبالغ المترتبة عن علاج العاملات.

وأضاف "جرى أمس تشكيل فريق من المصنع للعمل على تنسيق وإدارة الحادثة"، مشيرا إلى أن الغاية من تشكيل الفريق "متابعة أوضاع العاملات بالمستشفيات ومتابعة الأمور المالية".

وأرجع سبب التأخر في تشكيل اللجنة إلى أن "ضيق الوقت حد من قدرة إدارة المصنع على التواصل مع العاملات"، منوها إلى أن "الحادثة وقعت يوم الخميس مساء، والجمعة كانت عطلة رسمية لا تناسب العمل".

ولفت إلى أنه "سيتم الاستعانة بفريق آخر من مدينة الحسن الصناعية لتعزير الفريق المتواجد بالمصنع ولتسريع عمل بعض الإجراءت المطلوبة".

"تمكين": الحادثة نقطة اختبار حقيقية لإجراءات الحكومة

بدوره، اعتبر بيان صدر عن مركز تمكين للدعم والمساندة أن حادثة المصنع تشكل نقطة اختبار حقيقية لإجراءات الحكومة في متابعة تنفيذ تعليمات الصحة والسلامة المهنية المقرة في تعليماتها، التي شدد قانون الدفاع لسنة 1992 وتعديلاته عليها منذ انطلاقه في آذار (مارس) 2010 بسبب جائحة كورونا، عبر أوامر دفاعية انبثقت عنه، وتحديدًا في الجانب المتعلق بالصحة.

وقال بيان تمكين "تظهر عملية الرش التي تنفذها شركة خاصة، أن هناك إجراء خاطئا جرى ارتكابه خلال الرش، فلم ترفض شركة الرش القيام بعملها برغم استمرار العاملات في العمل، وهي بذلك لم تتبع التعليمات المرافقة لأي عملية رش للمبيدات في العالم، وتخالف بذلك إجراءات الصحة المهنية"..

ويؤكد "تفصح هذه الحادثة عن غياب فعلي لمفتشي وزارة العمل عن الوصول إلى هذه المنشآت، وتفقد إجراءاتها المتعلقة بالصحة المهنية والسلامة العمالية، ومخالفتها لنصوص القانون، بتنبيه العاملات للخروج من المصنع، حتى تجري عملية الرش، بالرغم من عدم سلامة هذا الإجراء، لأنه وبحسب المعطيات التي تقتضيها عمليات رش مبيدات الحشرات في الأماكن المغلقة، والتعليمات المرافقة لها، والمكتوبة غالبا على علبها أو حافظاتها، يمنع الرش في الأماكن المغلقة بوجود أشخاص فيها".