الحكومة وكارثة انقطاع الكهرباء

موفق الملكاوي ساعات طويلة قضتها المدن والقرى والمخيمات في الأردن من دون كهرباء يوم الجمعة الماضي. تعطل ضخ المياه المبرمج إلى المناطق، وانهارت شبكات الإنترنت على اختلاف أنواعها، بينما شبكات الاتصالات الخلوية تعطل معظمها. في كل هذه المصائب، لم يبد أبدا أن الحكومة تتعامل مع مواطن ينبغي أن يتم وضعه في صورة ما حدث. حين أعلنت الحكومة عن نيتها تقديم إيجاز صحفي مساء الجمعة حول انقطاع التيار الكهربائي، ظننا لوهلة بأنها سوف تقدم إجابات واضحة عن الأسباب، ومن خلال رواية متماسكة. وزير الدولة لشؤون الإعلام، وزيرة الطاقة والثروة المعدنية، وزير الداخلية، ووزير الصحة، جميعهم قدموا ما لديهم خلال الإيجاز، غير أن أيا منهم لم يقدم إجابة شافية حول الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ما يمكن تسميتها “كارثة” حين تغيب الكهرباء عن كامل المملكة. رواية الحكومة التي تمسكت بها من أن “الانقطاع جاء نتيجة خلل فني على شبكة الربط المصري بفعل إصلاحات على الشبكة لديهم”، تم نسفها عندما صرحت مصادر مصرية بأنه لم تكن هناك أي حوادث من جانبهم، وأنهم سيبحثون في المسألة مع الجانب الأردني. هناك أقوال وردت في هذا الإيجاز تجعلنا نتوقف عندها طويلا، ونخضعها للبحث والنقاش العام، كونها تعبر عن الطريقة التي تنظر فيها الحكومات إلى المواطن، وعلى أي أساس تتعامل معه، مثل قول وزير الداخلية مازن الفراية إن “الأجهزة المعنية تعاملت مع تداعيات انقطاع الكهرباء بكفاءة وحرفيّة وسرعة”، فهل انقطاع التيار لأكثر من خمس ساعات من دون التمكن من إعادته ينم عن أي سرعة أو حرفية أو كفاءة؟! أما وزيرة الطاقة والثروة المعدنية هالة زواتي، فقد أتحفتنا بالعديد من “المعلومات المهمة”، مثل وقت انقطاع التيار، ووقت عودته، وجهود الكوادر في إعادته بـ”وقت قياسي إلى مختلف أنحاء المملكة”. ويحق لنا هنا أن نسأل، هل الانقطاع لخمس ساعات، وارتباك الحكومة والإدارة جميعها، وبقاء الناس تحت رحمة الأقاويل والتبصر في الفشل الحكومي الذريع، يعتبر إنجازا في زمن قياسي يتطلب نشره على الملأ في إيجازات حكومية كان يفترض أن تأتي للإجابة عن سبب هذا الإخفاق؟!! زواتي لم تكتفِ بذلك، بل ذهبت خطوة أبعد حين قدمت “الشكر” للأردنيين والمقيمين لصبرهم على “عجز” وزارتها، وبأنهم كانوا على قدر المسؤولية، فظلوا جالسين في بيوتهم يدعون للحكومة بالتوفيق في مسعاها الخير لإعادة التيار الكهربائي، وينتظرون أي إشارة منها لكي تخبرهم الأسباب الحقيقية لهذه الكارثة الوطنية، خصوصا أن ما حدث يؤثر على سمعة قطاع الطاقة الأردني بأكمله، ونحن الذين نتحدث عن إمكانيات كبيرة لجعل الأردن مركزا إقليميا للطاقة، وإمكانيات تصديرها إلى أكثر من جهة. المطلوب كان اعتذارا صريحا وواضحا من الحكومة للشعب الذي ما يزال السياق الحكومي يتعامل معه باستهانة ودونية، وبوصاية أشبه بوصاية البالغين على القصّر والأطفال. لقد مللنا هذا السلوك المشين الذي يتوجب أن توقفه الحكومة، وأن تبدأ بالتعامل معنا على أننا قادرون على أن نرى خروقاتها العديدة تجاهنا. ما حدث لا يمكن تسميته بغير مفردات “الإخفاق” و”الفشل”، ولا بد من تحقيق سريع للكشف عن سبب هذه الكارثة، خصوصا أننا لا نعلم حتى اللحظة الخسائر التي منيت بها القطاعات المختلفة.

المقال السابق للكاتب:

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا 

اضافة اعلان