الانتخابات وثقافة المشاركة في إدارة الشأن العام


المشاركة في الانتخابات بصورة عامة والانتخابية النيابية بصورة خاصة من أبرز المظاهر التي تؤشر على وجود ثقافة متجذرة لدى الأفراد بضرورة وأهمية المشاركة في إدارة الشأن العام. هذه الثقافة التي تؤطر منهجا فكريا وعمليا في تعاطي الأفراد مع القضايا العامة في اطار يعكس صورة من صور الديمقراطية؛ وهو الأمر الذي يجعل من نسب مشاركة الأفراد في عملية الاقتراع مسألة تتصدر المشهد دوما لدلالاتها حول السلوك الجمعي اتجاه الشأن العام وقضاياه ومدى الانخراط فيه.

اضافة اعلان


الدستور الأردني بوصفه الوثيقة الأسمى والأعلى في الهرم التشريعي التي تضع الاطار العام في مجال الحقوق والحريات أكد على الحق في الانتخاب والترشح ضمن محورين أساسيين يتعلقان بالاقتراع العام والسري، حيث أكد الدستور على أن يتألف مجلس النواب من أعضاء منتخبين انتخابا عاما سريا ومباشرا وفقا لقانون انتخاب يكفل حق المرشحين في مراقبة الأعمال الانتخابية وعقاب العابثين بإرادة الناخبين وسلامة العملية الانتخابية في مراحلها كافة. 


ومن جانب آخر أكد الدستور ذاته على أن للأردنيين الحق في مخاطبة السلطات العامة فيما ينوبهم من أمور شخصية أو فيما له صلة بالشؤون العامة بالكيفية والشروط التي يعينها القانون، في رؤية دستورية تضع الأردني والأردني في اشتباك إيجابي مباشر مع السلطات باختلاف اشكالها، وفي دلالات عميقة للنص الدستوري تهدف إلى ترسيخ المبدأ الجوهري بأن الشعب مصدر السلطات وأن للمواطن رقابة ممتدة على أعمال سلطات الدولة وهو نص فريد من نوعه يقتضي التعمق في مضامينه بصورة أكبر للدلالات المعنوية والفكرية والفلسفية التي ينطوي عليها.


دوليا وحيث إن الأردن دولة التزمت طوعا بطائفة من الاتفاقيات في مجال حقوق الإنسان في مؤشر يحرص الأردن دوما على إبرازه وهو ارادته المتجهة إلى تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها والسعي قدما نحوها، كان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واضحا في إفراد نص متخصص يقر بحق الأفراد في إدارة الشأن العام إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارون بحرية وحقهم في الترشح والانتخاب ضمن انتخابات حرة ونزيهة تجري دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالاقتراع السري بشكل يضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين. وكذلك أن تتاح للأفراد وعلى قدم المساواة فرصة تقلد الوظائف العامة في بلدانهم وفق ما جاء في نص المادة الخامسة والعشرين من العهد. وتجدر الإشارة إلى أن المملكة الأردنية الهاشمية صادقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ونشرته في الجريدة الرسمية وأمسى جزءا من المنظومة القانونية الوطنية.


إذا نصوص وطنية على المستوى الدستوري واضحة الدلالة في حق الأفراد في إدارة الشأن العام، وأخرى دولية تكفل هذا الحق وتؤطره للدول الأطراف في الاتفاقيات للعمل على مضامينه وأعماله على أرض الواقع. وحيث وجدت النصوص ما يتبقى هو العمل على ترسيخ ثقافة الحق في المشاركة في إدارة الشأن العام لدى الأفراد لترتفع نسب المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة التي ستشهد تطبيق قانون الانتخاب الجديد الذي يعدّ فرصة ديمقراطية مهمة للأردن عموما ولعملية تحديث المنظومة السياسية التي تعد الاستثمار الأهم الذي شهده الأردن بالتزامن مع مئويته الثانية.

 

للمزيد من مقالات الكاتبة انقر هنا