تعويض متضرري "الواله".. وخبراء يتساءلون عن خطط مواجهة الجفاف

عبدالله الربيحات

عمان- فيما تساءل خبراء زراعيون عن الخطط الحكومية والبرامج التي كانت تتحدث عنها الحكومة لمواجهة التغير المناخي، والمحافظة على مياه السدود وتقليل هدر مياه الأمطار على مدار سنوات سابقة، اتخذت الحكومة ممثلة بوزارة الزراعة جملة من الاجراءات لانقاذ الموسم الزراعي الحالي المهدد بخسائر فادحة بعد الانحباس المطري وجفاف السدود، وفي مقدمتها تعويض المزارعين المتضررين من جفاف سد الوالة.

اضافة اعلان


وقال وزير الزراعة خالد حنيفات لـ"الغد" ان العمل جار على وضع بدائل وحلول أمام المزارعين بعد الجفاف الذي أصاب السدود نتيجة شح مياه الامطار.


وبين أن مجلس الوزراء اتخذ قرارا بتعديل تعليمات حفر الابار ليتاح للمزارعين في الاغوار الوسطى والجنوبية حفر آبار وري مزروعاتهم، مشيرا الى ان المزارعين الذين يروون مزروعاتهم من سد الموجب، تم السماح لهم بالري من ابار وزارتي المياه والزراعة، اما بالنسبة للمزارعين الذين يروون مزروعاتهم من سد الملك طلال، فأفادت وزارة المياه ان هناك 20 مليون متر مكعب من المياه ما تزال داخل السد، ويمكنهم الاستفادة منها.

وبالنسبة للمزارعين الذين تضرروا بعد جفاف سد الوالة، فأوضح حنيفات انه سيتم تعويضهم، معربا عن أمله بأن تنعم المملكة بأمطار وفيرة.


أما الخبير الزراعي الدكتور عزت العجالين، فاعتبر أن تأخر موعد هطول الأمطار أو الانحباس المطري يعد من الظواهر السلبية للتغير المناخي، وأصبحت هذه الظاهرة من الامور المقلقة والمؤرقة للعاملين في القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، نظرا لكونها آخذة بالتكرار وبشكل شبه سنوي.


واضاف العجالين ان تأخر موعد هطول الأمطار في الأردن لمدة شهر او شهرين وحتى بداية شهر كانون الأول، لا يشكل خطرا مفزعا، ولا يمكن الحكم بموجبه على جودة وأداء الموسم الزراعي، خصوصا وأن فصل الشتاء ومربعانيته لم يبدآ بعد، والانحباس الحراري يؤثر بشكل أساسي في إنتاج المحاصيل الحقلية والأشجار المثمرة التي تعتمد في ريها على مياه الأمطار والري التكميلي، كما يؤثر بالطبع في وفرة المخزون المائي المتاح في السدود وغيرها.

وبين أنه في ظل شح الموارد المائية وجفاف بعض السدود مؤخرا، وظاهرة الانحباس المطري المتكررة في الأردن، أصبح من المهم جدا والأولى للمزارعين أن يعملوا بشكل جاد على التوجه إلى استخدام تقنيات الزراعة الحديثة المقننة والمرشدة لاستخدام مياه الري، وضرورة اختيار أنواع وأصناف المحاصيل الزراعية المقاومة للجفاف، والاصناف ذات القيمة العالية، وضرورة توحيد الجهد والمال من قبل المزارعين لتخفيض تكاليف الإنتاج، وذلك من خلال تشكيل جمعيات تعاونية حقيقية، إضافة إلى أهمية تأمين الإنتاج الزراعي ضد المخاطر الزراعية، ومنها الانحباس المطري والجفاف.

وتساءل رئيس اتحاد مزارعي وادي الاردن عدنان خدام بدوره: "أين كانت الحكومة منذ 6 أشهر وهي تعرف حجم مخزون السدود، ولماذا لم تخبر المزارعين بأن المياه لا تكفي، حتى لا نزرع سوى احتياجاتنا من الخضار، ولماذا لم تخبرنا بزراعة نصف الارض او ربعها؟ نحن نخسر كل يوم بسبب ارتفاع نسبة الملوحة في التربة".


واضاف خدام أن احتياجاتنا من سد الملك طلال الذي هو السد الرئيس الذي يعتمد عليه مزارعو وادي الاردن، تتراوح من 500 الى 550 ألف متر مكعب من المياه كل موسم، وهذا العام تم تخفيض الكمية الى اكثر من النصف، أي حوالي 60 % من حاجتنا".


وتساءل: "اين الخطط الحكومية والبرامج التي كانت تتحدث عنها الحكومة لمواجهة التغير المناخي والمحافظة على مياه السدود؟ أيعقل ان تعتمد الحكومة على مياه الامطار فقط؟ لماذا لم تستغل مياه الامطار في المواسم السابقة وتقلل من نسبة الهدر، حيث تبلغ سعة سد الملك طلال 19 مليون متر مكعب".


وبين أنه "إذا ظل الوضع على ما هو عليه، فستلحق بمزارعي وادي الاردن خسائر كبيرة، بعدما دعتنا وزارة الزراعة إلى زراعة اراضينا من دون إبلاغنا بأنه سيتم تقليل النسبة المخصصة للمزارعين من المياه الى أكثر من النصف".


من جهته، قال مدير عام اتحاد المزارعين محمود العوران: " حذرنا سابقا من الظروف التي نمر فيها حاليا، المتمثلة بنقص المياه، ولأكثر من مرة، وكيفية الاستفاده من التغيرات المناخية على نحو إيجابي، وكنا ننادي بمزيد من الحصاد المائي في كل مناطق المملكة عبر إقامة السدود بالاستعانة بالقوات المسلحة".


وأضاف أنه "توجد مديريات للتغير المناخي في كل من وزارة الزراعة ووزارة البيئة ومركز ادارة الأزمات، وفي دائرة الارصاد الجوية، لكن للأسف كل مديرية تعمل وحدها، فلماذا لا تكون تحت مظلة واحدة، حتى تتوفر لدينا مراقبة مشتركة وتوحيد للجهود في مواجهة التغيرات المناخية، وللبحث العلمي، وأن نوفر مزيدا من الاستعداد وأخذ الاحتياطات؟ لقد ضيعنا علينا فرصة موسمين مطريين كانا اعلى من المعدل بكثير، وللاسف ذهبت كميات كبيرة من المياه هدرا.


وقال: "عندما أقاموا السدود، كانوا يريدونها، للأسف، قريبة من شبكات الكهرباء، مع العلم انه تتوفر طاقة بديلة منذ سنوات، من خلال طاقة الرياح والطاقة الشمسية التي تساعد في إقامة سدود في المناطق التي توجد فيها مصاف مائية، الأمر الذي يدفع سكان تلك المناطق إلى الزراعة في المناطق المجاورة للسدود، وكذلك لضخ المياه لسكان المناطق المجاورة، وتكون التكلفة قليلة جدا".

من جهته، بين مساعد الأمين العام الأسبق في وزارة الزراعة المهندس جمال البطش، أنه "من حيث المبدأ فإن انحباس سقوط الامطار، سيما ونحن في بدايات شهر تشرين الثاني، لا يدعو للقلق الشديد بشكلٍ عام بالنسبة لمزارعي المحاصيل الشتوية، سيما القمح والشعير، خصوصا أن الموسم الشتوي في بدايته، كما أن مربعانية الشتاء والخماسينية لم تبدآ بعد".


وأضاف البطش: "وعليه، ننصح الإخوة المزارعين إلى ضرورة المبادرة بحراثة اراضيهم بعد سقوط أول شتوة قادمة، على ان تكون الحراثة مع خط الكنتور، اي بعكس ميلان الارض، لتشكيل خنادق تساعد التربة على الاستفادة من مياه الأمطار، وتصريف الزائد منها تجاه الخزان الجوفي".


وقال البطش انه اذا ما استمر الانحباس المطري فلا بد من تأخير مواعيد الزراعة وتغيير النمط الزراعي، وهنا لا بد للمزارعين من مراجعة المرشدين الزراعيين في مديريات الزراعة لأخذ النصائح الإرشادية المناسبة بهذا الخصوص، واستمرار ري الأشجار المثمرة بالقدر التي يحافظ على بقائها، وكذلك الاستفاده من تقنيات حصاد مياه الأمطار".

وأضاف: "شهد حصاد الأمطار تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، وهو أمر يجب أن يعتمد عليه الجميع، فمن خلاله يمكن للمنازل تخزين مياه الأمطار واستخدامها في أوقات الجفاف، ففي المناطق الحضرية تمتص التربة 15 % فقط من مياه الأمطار، وفي المناطق الريفية تمتص نحو 50 %، ولذا يوفر حصاد مياه الأمطار خيارًا فعالًا لتخزين المياه ثم إعادة استخدامها في أوقت الجفاف".


كما دعا البطش إلى الاستفاده من نتائج الابحاث العديدة التي اجريت محليا وفي جميع أنحاء العالم حول هندسة المحاصيل حتى تتمكن من مقاومة الجفاف، أي تعديلها وراثيًا لتصبح مقاومة للجفاف، ولمساعدتها على زيادة الإنتاج بشكل أفضل، حيث بهذه الطريقة استخدام المياه بفاعلية أكثر بنسبة 25 %.

إقرأ المزيد :