في يومها العالمي.. السعادة حينما نتجاوز ندوب الحياة ويتحقق الرضا

01
01
تغريد السعايدة عمان- السعادة؛ حينما نبحث عن فسحة أمل تجدد فينا الشغف والحب وتحيي فينا الأمل، تأتي عندما يستطيع الانسان أن يقاوم ويحارب بشراسة منغصات الحياة ومتاعبها وهمومها، ويكافح ليدافع عما تبقى من عمره ليعيشه بفرح ورضا وتفاؤل. لطالما مرت أمام الأعين، صورا لبيوت دُمرت في حروب طاحنة، وكان من بين الركام صور لأطفال وألعاب وفرح في الأعياد، وضحكات طفولية تتعالى هنا وهناك؛ وكأن السعادة حاضرة في كل وقت، فكل إنسان قادر على أن يظهرها داخل روحه وفي محيطه ومجتمعه في كل الظروف، علّه يجد ذلك الفرح الذي يضفي البهجة على حياته. اليوم العالمي للسعادة: هل يختلف مفهومها بين الشعوب؟ السعادة، شعور انساني يُمثل أسمى درجات الرضا والبحث عن مكامن الفرح داخل الذات، ونبذ الحزن والكآبة والاستسلام، وهو مطلب أساسي فردي ومجتمعي وعلى مستوى الشعوب، الأمر الذي دفع بمنظمة الأمم المتحدة إلى اعتماد العشرين من آذار (مارس) من كل عام والذي صادف أول من أمس يوماً يحتفي فيه العالم بـ “السعادة” منذ العام 2012. ووفق الأمم المتحدة، فإن الاحتفال بهذه المناسبة يأتي اعترافًا بأهمية السعي لتحقيق السعادة وتحديد أطر السياسة العامة لتحقق التنمية المستدامة، والقضاء على الفقر وتوفير الرفاهية لكافة الشعوب، حيث عرفت الأمم المتحدة مفهوم السعادة بأنه “مدى رضا الشخص عن حياته”، فيما يركز موضوع احتفالات هذا العام على فكرة إعادة البناء بشكل أكثر سعادة في إطار الجهود الرامية إلى تجاوز مرحلة وباء كورونا. تلك الجائحة التي بدأ العالم بطيّ صفحتها، إلا أنها تركت وراءها الكثير من الندوب والأحزان لدى ملايين العائلات في العالم، فهنالك من فقد أحباء جراء الفيروس وعانى من تبعاته، إلا أن الحاجة إلى استمرارية الحياة يعني بحث الإنسان دائماً عن منافذ ايجابية، وهو ماتسعى إليه الجهات المعنية في مختلف دول العالم. تقول إحدى المقولات “لا تجعل من متاعبك وهمومك موضوعًا للحديث لأنك بذلك تخلق حاجزاً بينك وبين السعادة”، وفي ذلك دعوة لمحاولة السعي نحو السعادة، وان كل إنسان في هذه الحياة معرض لأن يواجه أحداثا حزينة، وهموما وصعوبات، ولكن من المهم النظر دائماً إلى الجزء الذي ينير القلب بالفرح والتفاؤل والرضا. وتعددت الآراء حول هذا اليوم، الذي يجد فيه البعض مساحة للبحث فعلياً عن معنى السعادة، فيما آخرون قد يرون أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على مستوى الدول تبعث على الحزن والوجع، عدا عن تأثير جائحة كورونا على الناس، ولكن هذا ما دفع بالأمم المتحدة لبث الدعوة بإيجاد عنصر السعادة. تأثيرات نفسية واجتماعية وأسرية ايجابية تلقي بظلالها على عائلات في حال وجدت عناصر السعادة، بل وفي محاولة البحث عنها، كما يرى الاستشاري النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة، مشيراً إلى أن البحث عن السعادة هو هدف الإنسان في بناء الذات بعيدا عن التعصب والتوتر والإرهاصات المختلفة. ووفق مطارنة، لا بد أن تكون هناك مؤشرات أساسية لهذه السعادة وكيفية تحقيقها، إذ لا يمكن للإنسان أن يكون سعيداً وهو يعيش ضمن دائرة الحروب والآلام وغياب التوازن النفسي أو يختبر مشاعر الحقد والبغضاء. فالسعادة تتحقق بالابتعاد عن الأزمات وفي التصالح مع الذات والإيمان بالحب بأنه اساس الحياة، وتقدير الآخرين واحتوائهم المبني على الصدق والمودة. واحتفال العالم بهذا اليوم، يأتي لأن السعادة اساس الحياة، وإيمان كل إنسان أن من حقه العيش حراً وأن يملك مقومات تصنع بهجته مهما كانت. التآخي والمحبة والشعور بالآخر يعني العطاء وهو جزء من عناصر السعادة وتحقيق التوازن النفسي والطمأنينة، حيث يبقى من المهم الاحتفاء بهذا اليوم لأن السعادة تدخل في كل تفاصيل الحياة بآلامها وفرحها ودروسها. الأمم المتحدة، حددت عدة معايير للحكم على مدى السعادة، سواء على المستوى الفردي او الدولي، وورد في تقريرها أن “نصيب الفرد من الناتج المحلي، وحرية اتخاذ القرارات، وجودة الخدمات الصحية والتعليمية، ومتوسط عمر الفرد، وانتشار العدل، وانعدام الفساد وعدم انتشاره”، كل ذلك من مؤشرات السعادة، حيث حصلت فنلندا على رأس قائمة الدول التي تتمتع بالسعادة عالميًا حسب مؤشر الأمم المتحدة، بينما احتلت المملكة العربية السُّعُودية المرتبة 21 والأولى عربيًا، فيما كانت الأردن في المرتبة الثامنة عربيًا، و93 عالميًا. ولكي تتحقق السعادة، يحتاج الأمر إلى دافع اجتماعي وتربوي ونفسي يساهم الأهل في زراعته بنفوس الأبناء. ويقول الخبير التربوي الدكتور عايش النوايسة بأن الإنسان له جانبان “المظلم والمضيء”، وله أدواته التي يسعى من خلالها تحقيق السعادة. ويضيف النوايسة أن امتلاك الأدوات الاساسية للسعادة في مختلف الجوانب الحياتية، يعني الابتعاد عن الجانب السلبي المتعلق بالحزن، لذلك على الانسان البحث عن مواطن السعادة في الحياة سواء عبر ممارساته اليومية وبين أفراد أسرته وعمله وأصدقائه، ليكون “شخصا إيجابيا سعيدا”. ويشير النوايسة إلى أن المجتمع يقسم الإنسان إلى شخصيتين، الإيجابية المؤثرة، والسلبية غير المقبولة مجتمعياً، وهذا التقسيم يأتي بناءً على كمية السعادة التي ينشرها الإنسان في محيطه، والأثر الظاهر منه، وهو بذلك يكون إنسانا مكتفيا بذاته يتسم بالرضا النفسي وقادرا على حماية روابطه الإنسانية التي يعيشها رغم وجود منغصات في الحياة.اضافة اعلان