لماذا يخاف أردنيون من العودة إلى الوطن؟

نأى كثير من الأردنيين العاملين في الخارج بأنفسهم عن العودة إلى المملكة لقضاء العطلة الصيفية في بلدهم، وفضّل كثير من الأثرياء المغتربين البقاء في الخارج خوفا من سحب جنسيتهم.

الأردنيون الخائفون، تغربوا وصنعوا نجاحات في الخارج وكوّنوا ثروات هائلة.

بيد أن كل ذلك لم يشفع لهم ليكونوا مطمئنين على مستقبلهم في "بلدهم" نتيجة "مزاجية" المشرفين على سحب الجنسية، ما دفع كثيرا منهم إلى الإيمان أن البقاء في الخارج أكثر أمانا وسلاما.

وهذا النهج الذي طبّق خلال الفترة الماضية جعل شريحة واسعة من الأردنيين يتقلبون على صفيح ساخن قلقا على مستقبل مجهول لا يعلمون ماذا يخبئ لهم!.

ولو فكرنا بطريقة عملية واقتصادية، لوجدنا أن أموال بعضهم تغنينا عن التطلع لمستثمرين غير أردنيين، ولعرفنا أن طمأنة هؤلاء على مصيرهم ستكفل استقدام مبالغ طائلة تسهم بتحريك العجلة الاقتصادية.

فالأردنيون في الخارج هم ثروة صدرناها منذ سنوات، وآن لها أن تعود لتساهم باستكمال البناء، وتحديدا خلال هذه الفترة الحرجة التي يعاني منها البلد من حالة تباطؤ اقتصادي قاتلة.

بيد أن ما حصل في الداخل، وتكرار حالات سحب الجنسية التي لا تتوفر حولها بيانات رسمية وتحاط بتكتم وسرية شديدين، جعلهم يترددون ألف مرة قبل أن يقرروا المجيء أو العودة، إذ كيف يأمنون على أنفسهم وسط العشوائية والفوضى المتبعة في تنفيذ ومتابعة هذا الملف الحساس، ناهيك عن كون قرار سحب الجنسية من الأردنيين "في بلد يحتكم إلى الدستور والقانون"، لا قانونيا ولا إنسانيا ولا منطقيا.

ولو فكرنا بشكل براغماتي أيضا، لقررنا أن لا نمسّهم، لا بل وقدمنا لهم كل التسهيلات الممكنة ليرتاحوا مثل أي مستثمر أجنبي يفرش له السجاد الأحمر ويستقبل بالورود.

وبعيدا عن الاقتصاد والاستثمار يحكي لي شقيقي قصة صديقه وعائلته التي صحت فجأة لتجد نفسها من دون جنسية.

بل إن معرفة العائلة بسحب جنسيتها كانت محض صدفة، بعد أن نجحت ابنتها بالتوجيهي وحاولت تسجيلها في الجامعة لتكتشف أنها لم تعد أردنية، وبالتالي فاقدة للرقم الوطني.

قرار سحب الجنسية من الفتاة انسحب على عائلتها أيضا، وترتب عليه كثير من النتائج التي أضرت بهم جميعا.

وتبعا لذلك لم يعد من حق الطالبة التقدم للحصول على مقعد جامعي على قائمة التنافس، ما اضطر العائلة إلى تسجيلها وفقا لنظام الموازي حتى لا تخسر الفتاة سنة من عمرها بعد أن خسرت جنسيتها.

إلى اليوم، تستمر معاناة هذه الأسرة نتيجة قرار هزّ كيانها وزعزع أمنها واستقرارها، وجعل مستقبلها في مهب الريح، وأفقدها الثقة بكل ما حولها.

فلنتصور معا حال هذه الأسرة المكونة من خمسة أفراد والتي اكتشفت بين ليلة وضحاها أنها بلا جنسية، وأن مصيرها بات معلقا بمجهول لا تدريه.

اضافة اعلان

فكيف يكون حال المغتربين وهم يسمعون مثل هذه الأنباء المرعبة عن بعد ومن الخارج، هل تتوقعون أن يعودوا إلينا؟ لا أظن ذلك.

[email protected]