أعلنت الناشطة المناخية، غريتا ثونبيرغ، أنها لن تحضر مؤتمر المناخ للأمم المتحدة، المعروف باسم ( COP27)، والذي سيعقد في مصر في الفترة ما بين 6 وحتى 18 نوفمبر/تشرين الثاني.

اضافة اعلان

وقالت الشابة ذات الـ19 عاما إن أحد الأسباب التي دفعتها لاتخاذ قرارها هذا هو أن الحدث سيكون فرصة "للأشخاص الممسكين بزمام السلطة (لاستخدام) الغسيل الأخضر { Greenwashing - ادعاءات زائفة بحماية البيئة } والكذب والغش".

وأدلت ثونبيرغ بتعليقاتها هذه عند إطلاق كتابها الأخير في لندن، مضيفة أن قمم المناخ السابقة تضمنت "أنواعا مختلفة من الادعاءات الزائفة بحماية البيئة".

ولكن ما معنى هذا المصطلح؟ وقبل كل شيء، كيف يمكننا أن نلاحظه ونكتشفه؟

الكثير من التلفيق

غريتا ثونبيرغ

بشكل مبسط، مصطلح "الغسل الأخضر - وهو ترجمة حرفية للمصطلح الإنكليزي Greenwashing" يعني إعطاء انطباع مضلل أو خاطئ عن الأثر البيئي لأعمال حكومة ما أو شركة ما.

ونظرا لأن المستهلكين أصبحوا أكثر وعيا بمعنى الالتزام الأخلاقي أو "مراعاة البيئة" عند عمليات الشراء، تبذل الشركات جهودا كبيرة لإثبات أنها صديقة للبيئة.

وفي الماضي، اتهمت بعض الشركات بتضمين مزاعم كاذبة بخصوص مراعاتها البيئة في إعلاناتها.

لكن أندريا راش، الأستاذ المحاضر بكلية كوبنهاغن للأعمال، والذي يجري أبحاثا بخصوص الادعاءات الزائفة بحماية البيئة، قال لبي بي سي: "في الوقت الراهن، هناك الكثير من اللوائح التنظيمية التي تجعل من الصعب على الشركات تلفيق موضوع مراعاتها للبيئة".

ويضيف البروفيسور راش أن طبيعة هذا الموضوع قد تغيرت؛ ففي التسعينيات على سبيل المثال، كان بإمكانهم الكذب بشكل صارخ. أما الآن فإنهم يحاولن استكشاف المناطق التي تجعل كذبهم أقل فجاجة".

قضية المناشف

صاغ عالم البيئة الأمريكي، جاي ويسترفيلد، مصطلح " Greenwashing - الغسل الأخضر" لأول مرة عام 1986، عندما كتب مقالا انتقد فيه ممارسة الفنادق التي تطلب من الضيوف إعادة استخدام المناشف كإجراء صديق للبيئة.

وادعى الخبير أن أصحاب الفنادق كانوا مهتمين بخفض تكاليف الغسيل أكثر من اهتمامهم بتخفيف الأثر البيئي لأنشطتهم.

هذا مجرد مثال واحد على كيفية جعل المنتج أو الخدمة أكثر جاذبية للأشخاص الذين يهتمون بحماية البيئة.

وهناك أمثلة أخرى على تقديم ادعاءات غير مثبتة تتعلق بتقليل الانبعاثات الغازية أو وصف طعام ما بأنه "طبيعي" أو "صديق للبيئة" عندما تندرج بعض المكونات فقط ضمن هذه الفئة.

يمكن لمثل هذه الادعاءات أن تنتشر رغم صعوبة التحقق منها.

وقد وجدت الشبكة الدولية لحماية المستهلك، وهي شبكة عالمية تضم السلطات المسؤولة عن حماية المستهلك، بعد مراجعة 500 موقع إلكتروني لشركات عام 2021، أن 40 في المئة منها قدم ادعاءات بيئية مضللة.

ولكن هناك طرق للتحقق من بيانات اعتماد الشركة فيما يتعلق بالبيئة.

أفضل بداية هي النظر في شهادات الشرطة الرسمية المتعلقة بالاستدامة مثل تلك الصادرة عن كربون ترست (Carbon Trust) وفيرتريد فاونديشن (Fairtrade Foundation) وذا بي كاربون موفمنت (B Corp Movement).

وقالت سو ديفيز، رئيسة قسم سياسة حماية المستهلك في مجموعة (ويتش) لبي بي سي إنه يجب على العملاء محاولة العثور على مصدر ثانوي موثوق للمعلومات للتأكد من مزاعم الشركات المصنعة.

"فكر في الصورة الأوسع، على سبيل المثال، هل يمكن التعامل بجدية مع الادعاءات البيئية المتعلقة باستخدام زجاجة مياه بلاستيكية مرة واحدة؟"

خطوة أخرى هي النظر إلى الشركة ككل. فعلى سبيل المثال، قد تروج علامات ملابس تجارية لملابس مصنوعة من أقمشة "مستدامة"، حتى إذا كان باقي خط ملابسها يضر بالبيئة.

تقول ديفيز إن الافتقار إلى الشفافية هو مؤشر مهم على أن الشركة ليس لديها تأثير بيئي إيجابي عموما. "إن تعبت من أجل العثور على معلومات بيئية حول منتج أو علامة تجارية أو خدمة ما، فاعتبر ذلك علامة تحذير.

الشركات التي لديها ما تخفيه، أو التي ليس لديها قصص جيدة ترويها، فغالبا ما تجعل من الصعب على المستهلكين التحقق من وثائق تتعلق بسياساتها البيئية".

مساعدة من قبل التكنولوجيا

تساعد التكنولوجيا في عملية الحصول على مزيد من المعلومات؛ إذ يمكن لمستخدمي الهواتف الذكية الاعتماد على تطبيقات "شفافية العلامة التجارية" للتحقق من التزام الشركة بقضايا متعددة مثل الرفق بالحيوان واستخدام ممارسات عمل أخلاقية.

يقول البروفيسور راش: "تسهل التطبيقات كثيرا على الأشخاص الحصول على معلومات حول استدامة ما يستهلكونه، وهو خبر سيئ للشركات التي تحاول التضليل بخصوص سياساتها حول البيئة.

ازدادت التوقعات المجتمعية، ولم يعد ممكنا للشركات أن تقدم وعودا كبيرة لا يمكن قياسها".

وأضاف أن هذا الارتفاع في وعي الناس سلط الضوء أيضا على الحكومات.

"أتفهم ما تعنيه غريتا ثونبرغ. أشارت إلى أن الحكومات تقدم تعهدات دون أن تنفذها بالضرورة".

ويضيف: "الغسل الأخضر يعني أساسا ألا تنسجم أفعالك مع أقوالك، وهذا أمر لا يحدث فقط في عالم الأعمال".