هل تسلم مجالس أمناء الجامعات من انتقادات الاختيار وتراجع الدور؟

تيسير النعيمات عمان- في كل مرة يتم فيها تشكيل مجالس أمناء الجامعات الرسمية، يُثار لغط حول أسباب تراجع دورها وكيفية اختيار أعضائها ومدى كفاءتهم، وهل هي مُمثلة للتنوع المطلوب: الأكاديمي، القانوني، السياسي أو الاقتصادي، فهل ستسلم تشكلية المجالس المرتقبة من هذه الانتقادات؟ علمًا أن هذه التشكيلة حاليا في عهدة مجلس الوزراء، ومن المتوقع أن تصدر خلال الأيام المُقبلة. يُذكر أن المدة القانونية لمجالس أمناء الجامعات الرسمية الـ10، انتهت في الثاني من حزيران (يونيو)، حيث صدرت الإرادة الملكية السامية بتشكيلها اعتبارًا من الثالث من حزيران (يونيو) 2018، ولمدة 4 أعوام. وكان أعلى مستوى من الانتقادات التي وجهت لمجالس الأمناء من نصيب المجالس الأخيرة، منها التي تشكلت قبل أربعة أعوام، ونُعتت بأنها "دون المستوى المأمول"، فضلًا عما تضمنته من أخطاء قانونية، وفق أكثر من خبير في قطاع التعليم العالي. في موازاة ذلك، أكد تقرير حالة البلاد 2021، الذي أصدره المجلس الاقتصادي الاجتماعي، مؤخرًا، "تراجع دور مجالس أمناء الجامعات، فضلًا عما انتابها من خلل في آلية تشكيلها". وتتجه الأنظار الآن إلى مجالس الأمناء المُقبلة، حيث الآمال معقودة عليها بأن تكون قادرة على مُساعدة الجامعة في بناء إستراتيجيات وخطط، من جهة، وجلب التمويل، من جهة ثانية، فضلا عن تفعيل الرقابة الحقيقية ومساءلة إدارة الجامعة، حيث يتوجب أن تضم المجالس شخصيات تمتلك القدرة والخبرة في المجالات الاقتصادية والسياسية والأكاديمية، وأن تكون قادرة على إيصال قضايا وهموم ومشاكل الجامعات إلى صانع القرار، ما يُساعد في حلها. ومطلوب من المجالس المُقبلة القيام بدورها على أكمل وجه، وفق القانون، الذي جعل مدير الرقابة يتبع مجلس الأمناء، لتكون عينه على إدارة الجامعة، غير أن ما يُطبق على أرض الواقع هو العكس تمامًا، إذ إن اختيار مدير الرقابة من أحد موظفي الجامعة، وارتباطه برئيس الجامعة، يجعله حريصًا على إرضاء الأخير، ما يؤثر سلبًا على أدائه والقيام بواجباته. كما أن وجود خطط واضحة المعالم لكل جامعة، تُسهل من المهمة الرئيسة لمجلس الأمناء، والتي تتمحور حول مُتابعة تنفيذها، ومُساءلة ومُحاسبة رئاسة وإدارة الجامعة، وهو الأمر الذي "لم يُمارس بالشكل المطلوب"، حسبما أكد أحد الأكاديميين، الذي أوحى باللوم على الأعضاء بكونهم "لم يُمارسوا أدوارهم وصلاحياتهم التي منحها لهم القانون". ويؤكد ذلك تقرير "البلاد 2021"، الذي جاء فيه أن "مجالس الأمناء أصبحت بلا كفاءة، لا تُمارس صلاحياتها بالشكل المطلوب، ولا دورها في مراقبة أداء رئيس الجامعة ومُتابعته، والتي باتت أقرب ما يكون إلى المُجاملة". وعلى الرغم من أن الاستراتيجيات، ومنها الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، تتحدث عن الحوكمة والإدارة الجامعية، فضلًا عن صدور قرارات حُكومية بشأنها، إلا أن مجالس الأمناء لم تخرج بقرارات ذات انعكاس محسوس على الجامعة. ولعل ما يؤشر على ذلك، هو أن هُنالك شخصيات عديدة أكدت، لـ"الغد"، أنها اعتذرت عن تولي رئاسة مجالس أمناء الجامعات، بعد أن كانت هذه المجالس، قبل أعوام قليلة، يرأسها رؤساء حُكومات سابقون.. فما الذي يجعل وزراء سابقين وشخصيات سياسية وأكاديمية تعتذر عن تولي رئاسة مثل هذه المجالس؟ وفيما يتعلق بعملية تعيين رؤساء الجامعات الحُكومية، فإنه تم تعديل النظام المعني بذلك العام 2018، بحيث يتم السماح لمجلس الأمناء بالمُفاضلة بين المُرشحين لرئاسة الجامعة، وتقديم ثلاثة أسماء إلى مجلس التعليم العالي، لاختيار واحد منهم.. لكن تم إجراء تعديل جديد على ذلك النظام، أعطى مُطلق الصلاحية لمجلس التعليم العالي في "التعيين"، من غير تنسيب مجلس الأمناء، الأمر الذي قلص من صلاحيات ومهام الأخير. وكان مجلس التعليم العالي نسب إلى رئاسة الوزراء في 18 من آذار (مارس) 2021، بنظام تعيين رؤساء الجامعات الرسمية، حيث يُشكل مجلس الأمناء لجنة بحث واستقطاب، تتولى اقتراح عدد من المرشحين، ممن تنطبق عليهم الشروط، إلى لجنة الاختيار والمُفاضلة، والتي بدورها تقوم بدراسة هذه الترشيحات، وإجراء المُقابلات، ثم ترفع كشفًا تفاضليًا إلى مجلس التعليم العالي، الذي يدعو ثلاثة مرشحين حصلوا على أعلى الدرجات، ليُقدم كل منهم رؤيته بمحور يُحدده المجلس، ثم يتم التصويت لاختيار المرشح المُناسب. إلا أن هذا النظام المقترح لم ير النور حتى الآن، وإن كان من المؤمل أن يُشكل خطوة في طريق الإصلاح الإداري للجامعات.اضافة اعلان