استراتيجية بلا رؤيا

هآرتس

يسرائيل هارئيل  13/10/2017

الأشهر بين المعاهد الإسرائيلية للاستراتيجية هو "معهد بحوث الامن القومي"، كثير المقدرات، وهو يكثر من أن يجند في صفوفه زملاء كانوا يتبوؤون مناصب رفيعة المستوى في الجيش الإسرائيلي، في اذرع الامن وفي السلك الدبلوماسي. ومع أنه يعلن بانه "لا سياسي، غير منحاز ومستقل في الافكار التي تعبر عنها بحوثه"، ولكن المواقف السياسية للزملاء (استنادا إلى الآراء التي يعربون عنها في منشوراتهم، في وسائل الاعلام وفي الندوات) واضحة تماما: وسط – يسار، احيانا يسار – يسار.اضافة اعلان
يكاد المعهد لا يجند، حتى ولا ظاهرا، باحثين ذوي أراء مضادة واضحة. كما أنه يعلن علنا بانه يقيم "علاقات عمل مع المؤسسة السياسية في إسرائيل في إسرائيل" كي يؤثر، وهذا مشروع تماما، على اتخاذ القرارات. "المؤسسة" التي يتوجه اليها المعهد تضم أيضا رفاق – أو مرؤوسي – زملاء المعهد، ممن يواصلون أداء أدوار رفيعة المستوى في جهاز الامن وفي الوزارات الحكومية. كما أن الزملاء يندرجون كمحاضرين في كلية الامن القومي وفي المنتديات الرسمية المؤثرة الاخرى.
احدى منشورات المعهد، "نظرة عليا" تعنى بالأحداث الجارية. في "نظرة" كهذه، نشرت في اعقاب حدث البوابات الالكترونية، يقترح عوديد عيران المبادرة إلى عقد لقاء دولي لحل مشكلة الحرم. عيران (الذي كان سفيرنا في الاردن وفي الاتحاد الاوروبي وترأس الفريق المفاوض مع الفلسطينيين بتكليف من ايهود باراك) يفصل قائمة المدعوين إلى المؤتمر: الاردن ("بفعل مكانته في القدس")، مصر ("اكبر الدول العربية")، السعودية ("كوسيط عن الاماكن المقدسة للاسلام في مكة وفي المدينة")، المغرب ("ملك المغرب هو رئيس لجنة القدس في منظمة الدول الاسلامية")، السلطة الفلسطينية والاوقاف الاسلامية في الحرم. ويشدد عيران، على أن "بين ممثلي إسرائيل، يجب أن يكون مواطنون إسرائيليون مسلمون". الهدف الاعلى: تبني اعلان بشأن قدسية المجال لكل الاديان. في مجال التحصين والحماية، يقترح الدبلوماسي القديم والمجرب اشراك عناصر غير إسرائيلية. هكذا.
حتى لو كانت الحكومة تبنت المبادرة للمؤتمر (تقريبا) العموم عربي، لما كان اي كيان اسلامي استجاب للدعوة إلى البحث في قدسية المجال "لكل الاديان". الاسلام لا يعترف بحق اليهودية، او أي دين آخر بأي مكانة في الحرم. في نظره المجال هو مكان اسلامي مقدس، واسلامي فقط.
ولكن لنفترض ان المدعوين فهموا اي فرصة دعائية توفرها لهم إسرائيل، فاستجابوا وجاءوا. فالمؤتمر كان سيكون منصة للتنديد بإسرائيل. وطبيعة المؤتمرات العلنية، وبالتأكيد في موضوع الحرم، حيث الخطاب الديني المتطرف، التحريضي، المقصود للائمة المتزمتين ("اليهود يدنسون الاقصى")، هو الذي سيبرز في ضوء الكاميرات. وحتى المندوبين "المعتدلين" من عرب إسرائيل سيعرضون مواقف رائد صلاح. أهذا ما يتمناه الدبلوماسي المقدر؟ فضلا عن عدم جدوى الاقتراح في مجال الاحتمالية – أو المنفعة – الدبلوماسية، فإن مجرد طرحه يثير أفكار حول رؤيا الدبلوماسيين الكبار بالنسبة للاهداف القومية لإسرائيل، ومن هم الشركاء في تحقيقها.
يهوشع كوهين، الذي كان مساعد- رفيق- حارس دافيد بن غوريون قال في حينه انه لو كانت عشية اقامة الدولة معاهد بحث في البلاد لكانت كلها اجمعت وكتبت فتوى "مهنية" تناشد بن غريون التخلي عن اعلان الاستقلال. الولايات المتحدة ستفرض حظر سلاح على إسرائيل، وكان سيقال للقوى المدافعة القليلة في الوثيقة الاستراتيجية انه لا يوجد اي خيار في الصمود امام الميليشيات العربية المحلية وامام الجيوش العربية الخمسة التي ستجتاح إسرائيل من كل صوب يوم اقامتها.