الأزمة العالمية والأمن الوظيفي

الازمة المالية العالمية التي اصابت دول العالم ستترك آثارا علينا في الاردن. ولهذا فكل الجهود والتفكير مركزة على كيفية تخفيف هذه الآثار والخروج من هذا العام بأقل الخسائر، سواء على صعيد الاستثمارات او حوالات الاردنيين في الخارج او السيولة او غيرها من التفاصيل.

اضافة اعلان

وبعيدا عن التفاصيل الاقتصادية، فإن هناك جانبا اقتصاديا اجتماعيا نتمنى ان لا ندفع ثمنا له وهو الامن الوظيفي للاردنيين وتحديدا في القطاع الخاص. ولعل ما يدفعنا لإثارة القضية ما بدأنا نسمعه عن شركات كبرى ذات رأس مال كبير وأرباح ضخمة بدأت في استغلال ما يسمى الأزمة العالمية لتخفيف أعداد العمالة لديها، إما عبر تسويات ومنح امتيازات لمن يتم افقادهم وظائفهم او غيرها من الامور او اخرى تتحدث او اخذت خطوات للهيكلة تحت مبرر الازمة العالمية.

وحتى نكون أكثر دقة فإن ما نسمعه سنفترض انه غير موجود لندعو القطاع الخاص الى عدم استغلال الحالة الاقتصادية العالمية لتخفيف العمالة وإفقاد الأردنيين وظائفهم. فالشركات الكبرى وذات الثقل عليها أن تدرك أن عليها واجبا وطنيا تجاه بلدها وتجاه الموظفين، وانها مثلما حققت ارباحا ونموا في رأسمالها وقدراتها المالية في حالة الرخاء مستفيدة من كل التشريعات والعوامل الاقتصادية والسياسية فإن عليها واجبا في مثل هذه الازمات ان تتحمل انخفاض ارباحها اذا حدث هذا وان توفر امنا وظيفيا لابنائها، لان الخشية ان يكون هناك استغلال للحالة الاقتصادية وتمرير عمليات تقليص الكادر الوظيفي حتى قبل أن تحدث الخسائر وقبل أن تتأثر هذه الشركات بأي تداعيات للأزمة العالمية، وبالتالي ندفع ثمنا كبيرا ومبكرا لأزمة قد يكون التأثر فيها اقل بكثير من غيرنا.

وإذا كان مطلوبا من الشركات القوية أن تحمل مع الحكومة جزءا من اثار اي ازمة تحقيقا لواجبها الوطني ودورها الاجتماعي فإن أي شركة يثبت أنها تأثرت بشكل حقيقي ومن دون أن تستطيع تحمل هذه الاثار وحدها فإن من واجب الحكومة ان تقف الى جانب هذه الشركات بما تستطيع، وان يكون هناك تنسيق ومسارات لتجاوز اثار الأزمة، وان يكون الأمن الوظيفي للأردنيين في القطاع الخاص أولوية كبرى لأن فتح الباب امام الاستغناء عن اي عمالة داخلية يعني مشكلات وتداعيات على المجتمع تتجاوز حدود زيادة نسبة البطالة.

من الضروري أن يكون لدى الحكومة تفصيلات كاملة عن الشركات التي تأثرت حتى لا نفتح الباب امام من يريد استغلال الامر من دون ان يتأثر. ومن الضروري أن يتم تحديد حجم الخسارة إن حدثت لأي شركة وهل هي خسارة ناتجة عن الازمة ام لا، وان نحدد امكانية أن تساعد الحكومة، بما تستطيع، الشركات التي تتضرر ولا تستطيع تحمل الخسارة، وان يكون هنالك تعاون تحت بند المسؤولية الوطنية باتجاه ان لا يغادر اي اردني عمله الى اطفاله فاقدا لوظيفته، فالامر ليس حالة تجارية، بل مرحلة يجب التكاتف في حلها وتجاوزها من دون أن يكون الهمّ الذاتي لاصحاب الأموال هو المحدد الوحيد.

[email protected]