الأغذية النفطية: صدمات النفط تؤثر بشكل كبير على أسعار الغذاء

تراجع سعر برميل النفط في آسيا إلى عتبة 40 دولارا -(أرشيفية)
تراجع سعر برميل النفط في آسيا إلى عتبة 40 دولارا -(أرشيفية)

ترجمة: ينال أبو زينة

تنخفض أسعار المحاصيل الزراعية الرئيسية في الوقت الراهن؛ كمثيلاتها من السلع الغذائية الأخرى؛ بسرعة جنونية.اضافة اعلان
ووصلت في شهر آب (أغسطس) الماضي إلى أخفض مستوى لها في 8 سنوات متراجعة بنسبة تجاوزت 41 % عن أعلى مستوى لها في العام 2011.
ولا يعود الأمر إلى انخفاض استهلاك الأفراد لها أو إلى أن المزارعين أصبحوا أكثر إنتاجية، بينما لا يتمثل السبب أيضاً في تراجع النمو الصيني؛ الذي أثر في العديد من السلع الأخرى.
وسواء ارتفعت أو انخفضت، ترتبط أسعار الغذاء بعوامل، مثل أسعار النفط والسياسات الحكومية، وتتأثر بها.
النفط بدايةً
النفط الرخيص يعني غذاءً رخيصاً؛ ويستخدم الغاز الطبيعي، الذي يرتبط سعره بسعر النفط، لغاية إنتاج الأسمدة؛ وتستخدم المواد الهيدروكربونية الأخرى في الآلات ووسائل النقل.
وتأتي 20 % تقريباً من تكلفة إنتاج الحبوب من النفط، وفقاً للاقتصادية الخبيرة في شؤون المحاصيل الزراعية والسلع، كونا هاك.
ويعني النفط الرخيص أيضاً انخفاض الطلب على الوقود الحيوي، ما يعني بدوره غذاءً أرخص ثمناً يعود إلى تراجع شهية شراء الحبوب المستخدمة في الوقود الحيوي، لاسيما الذرة.
بواقع الحال؛ أصبح للطلب على الوقود الحيوي تأثير كبير في الوقت الراهن؛ فقد انتقلت أميركا، من العام 2000 حتى العام 2011، من استخدام 6 % من محصول الذرة الذي تملكه (والمعروف بكونه الأكبر في العالم) إلى صناعة الإيثانول.
وعلى صعيد متصل؛ يُقدر ديريك هيدي وشينغن فان، من المعهد الدولي لبحوث سياسيات الغذاء الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، أن ارتفاع تكلفة النفط رفع أسعار محاصيل الذرة والقمح وفول الصويا الأميركية بحوالي 30 -40 %، خلال الفترة الممتدة من العام 2001 و2007، والسبب ببساطة هو ارتفاع تكاليف المدخلات.
وبالإضافة إلى تأثير أسعار النفط المرتفعة على حجم الطلب على الوقود الحيوي، فقد كان لها تأثير حتى أشد بأساً على أسعار الغذاء، وفقاً لورقة بحث قدمها تشن تونغ وهاسيو آي كو وتشي شانغ، وهم 3 خبراء اقتصاديين يعملون في تايوان.
وفي ضوء اقتران أسعار الغذاء بأسعار النفط، يعود انخفاض أسعار الغذاء مؤخراً إلى انخفاض أسعار النفط أكثر من كونه مجرد تصحيح ذاتي في سوق الغذاء، وفقاً لجوزيف شميدهوبر من منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة.
ومن الناحية النظرية، فعندما ترتفع الأسعار، ينبغي على المنتجين أن يستجيبوا لها بتوسيع قاعدة العرض.
ولكن الاستثمار في الزراعة لم يرتفع كاستجابة لارتفاعات الأسعار بواقع الحال. بل على عكس ذلك تماماً، فقد انخفضت قيمته الحقيقية بنسبة 4.5 % خلال أحداث العام 2008، وبقيت ثابتةً على الرغم من ارتفاع الأسعار في العامين 2011 و2012.
والأمر في جزء منه، عبارة عن مسألة توقيت ببساطة؛ فغالباً ما يتخلف الاستثمار الزراعي عن تحركات الأسعار، لاسيما وأن تحصيل المزيد من الأراضي وزراعتها بمحاصيل جديدة يتطلب وقتاً طويلاً.
وحتى إن لم تكن هذه هي القضية، فقد بدا وأن العالم الثري وقف ضريراً أمام إشارات الأسعار في العامين 2008 و2011، ربما بسبب أزمة الائتمان وقلة الأراضي الصالحة للزراعة في ذلك الحين.
ووجد معهد بريطانيا للتنمية فيما وراء البحار أن 23 % فقط من التوسعات، التي جرت بعد العام 2008، في إمدادات الحبوب قد أتت من مزارع العالم الثري التجارية.
وبدلاً من ذلك، ارتفع الإنتاج أكثر في الدول النامية خاصة تلك في آسيا وأفريقيا، بحيث استأثرت الهند بنسبة 29 % من إنتاج القمح في العالم في الفترة ما بين العامين 2005 و2013.
وشكلت الصين والهند وفيتنام مجتمعة ما نسبته 61 % من الارتفاع العالمي في إنتاج الأرز.
ومع ذلك، ليست السوق من تسببت بهذا الارتفاع، وإنما الحكومات.
وأمسى صناع القرار يريدون دعم الزراعة المحلية بعد أن شاهدوا بأم أعينهم كيف يمكن لارتفاع الأسعار أن يتهدد أمنهم الغذائي.
وعلى هذا الصعيد، رفعت الهند دعومات الأسمدة والطاقة للمزارعين، كما وألغت ديون صغار المزارعين ووفرت لهم ائتمانات جديدة.
وفي الوقت نفسه الذي تم فيه تخفيف وطأة الأسعار على المستهلكين عبر ضخ مخزونات الحبوب في الأسواق، رفعت الحكومة أسعار "الدعم"، التي تعمل بموجبها على شراء فوائض الحبوب.
وبشكل إجمالي، زادت الصين والهند إنفاقهما الحكومي السنوي على الزراعة بمقدار 20 % إلى 30 % في العام 2008.
وفيما يخص الكميات الإضافية المنتجة من الحبوب، جعل التدخل الحكومي من ارتفاعات الأسعار أسوأ حالاً في كثير من النواحي. فعندما بدأت أسعار الأرز بالارتفاع في أواخر العام 2007، عمدت الصين والهند وفيتنام والكثير غيرها إلى تقييد تصدير هذه السلعة.
وفي الحقيقة، يمكن لمثل هذه السياسات أن تُبقي الأسعار المحلية منخفضة، إلا أنها تفاقم النقص في الغذاء بشكل عام.