البلقاء: قضاء العارضة بلا حدائق عامة.. والأطفال تحت خطر الشوارع

أولاد في إحدى مناطق العارضة يلعبون في الشارع - (الغد)
أولاد في إحدى مناطق العارضة يلعبون في الشارع - (الغد)

محمد سمور

البلقاء - يفقتر قضاء العارضة بمحافظة البلقاء، الذي يقطنه نحو 25 ألف نسمة، إلى وجود أي حديقة أو متنزه، ما يدفع الأطفال إلى اللعب في الشوارع تحت خطر التعرض لأي شكل من أشكال الأذى، لا سيما حوادث الدهس.

اضافة اعلان


السكان هناك، ووفق ما ذكر عدد منهم لـ"الغد"، طالبوا الجهات المعنية وعلى مدى سنوات طويلة، بإنشاء مرفق ترفيهي باعتباره ضرورة لحماية الأطفال وليس ترفا، إلا أن مطالبهم لم تثمر عن أي نتيجة.


بهذا الخصوص، يقول الصحفي رامي معادات، وهو من أبناء القضاء، إن مشاهد الأطفال وهم ينتشرون في منتصف الشوارع للعب، يعد مشهدا مؤسفا، إذ إنهم عرضة للعديد من المخاطر، وتحديدا التعرض لحوادث الدهس، وربما يكونون عرضة لحوادث خطف.


وأضاف، أن القضاء يفتقر كذلك لوجود ملاعب باستثناء واحد، لكنه لا يخدم جميع سكان القضاء بسبب بعده عن العديد من المناطق داخل القضاء، مشيرا كذلك إلى وجود مكانين ترفيهيين، لكنهما مملوكان للقطاع الخاص، ويحتاج الدخول إليهما دفع مبلغ مالي، الأمر الذي لا تقدر عليه الكثير من الأسر هناك، وغالبيتها محدودة الدخل ويعاني أبناؤها من تفاقم مشكلة البطالة.

وأكد معادات، أن الأهالي طالبوا مرارا وتكرارا خلال السنوات الماضية، بضرورة إنشاء حدائق ومتنزهات تخدم جميع مناطق القضاء، لكن دون جدوى.


من جهتها، قالت الناشطة الاجتماعية في قضاء العارضة، ابتسام المناصير، إن الأطفال أمام خيارين، هما اللعب في الشوارع أو البقاء في المنازل، مشيرة إلى أن وجود أماكن عامة مهيأة وآمنة للعب، هي حق للأطفال وليس ترفا أو منة.

وأكدت المناصير، أن ذلك الأمر هو واجب على الجهات المعنية الرسمية، ومهم لحماية الأطفال من أي أخطار قد يتعرضون لها أثناء اللعب في الشوارع، لافتة إلى أن بقاء الأطفال في المنازل وحرمانهم من اللعب ليس حلا، بل هو أمر يضر بنموهم السليم ويحرمهم من تفريغ طاقاتهم، ومن الاختلاط بأقرانهم وتكوين صداقات تنعكس إيجابا على شخصياتهم.


وأبدت المناصير استغرابها كذلك، من عدم اهتمام الجهات بالأمر والتعامل معه على أنه ليس أولوية وليس ضرورة، رغم أنه حق للأطفال ولأسرهم أيضا.


أحد الأهالي الذي طلب عدم نشر اسمه، أكد أن بلدية العارضة تؤكد كلما طرح الأمر عليها، أنها لا تملك القدرة المالية لإنشاء حديقة أو متنزه، وأن هناك أولويات لديها أهم من هذا الأمر.

وعبر عن رفضه لما وصفها بـ"تلك التبريرات والحجج الواهية"، مضيفا أن سلامة الأطفال وحقهم بأن يعيشون طفولتهم بالشكل السليم والأمن، أولوية يجب أن تتقدم على الكثير من الأولويات التي يتم اعتمادها ضمن عمل البلدية.


وقال أيضا، إن هذا الموضوع يتعدى مسؤولية البلدية وحدها، بل يفترض أن تلفت الحكومة بمختلف مؤسساتها المعنية إلى مثل هذا النوع من القضايا وتعمل على دعم البلدية بكل ما هو مطلوب.

وأقر مصدر مسؤول في بلدية العارضة، بأن المعيقات المالية هي التي تحول بالدرجة الأولى دون قدرة البلدية على إنشاء حديقة أو متنزه في القضاء، رغم أهمية ذلك لجميع السكان.


وأضاف لـ"الغد"، أنه "بالفعل تطغى العديد من الأولويات الخدمية على أولوية إنشاء حديقة، مثل تعبيد الشوارع وتوفير الإنارة لها، وأعمال النظافة وغيرها الكثير من الخدمات التي لا يمكن تجاوزها"، لافتا إلى أن البلدية ستعمل كل ما في وسعها للوصول إلى الظرف الذي يمكنها من تلبية مطلب أبناء القضاء بإنشاء حديقة.


بدورها، أكدت المختصة في علم الاجتماع، يارا أحمد غنيمات لـ"الغد"، أهمية اللعب لكلا الجنسين من الأطفال، لحصولهم على نمو جسدي وحركي سليم، ذلك أن اللعب يساعد في تقوية الجسم وتمرين العضلات وتعليم الطفل الكثير من الحركات اليومية، ومنها الركض والقفز والتسلق وما شابه.

كما ينمي اللعب وفق غنيمات، مفهوم الذات ومبدأ مشاركة الآخر وقبوله، مشيرة إلى أن تشجيع الطفل على اللعب مع الآخرين يُخرجه من دائرة الذات، فضلا عن أنه يساعد في النمو العقلي وتقوية عملية التذكر والتدريب على الانتباه ودقة الملاحظة.


وأضافت، أن اللعب يزيد أيضا الثقة بالنفس لدى الطفل ويوفر جوا من الراحة والمتعة والفرح ويساهم في علاج الكثير من الاضطرابات الانفعالية والنفسية، كفرط الحركة والخوف، كما يتعلّم الطفل من خلال اللعب والاختلاط، عادات المجتمع وقوانينه والقيم الاجتماعية كالعطاء وتقبل الآخر والتعاون الجماعي ومهارات التواصل الاجتماعي وتَقبّل الخسارة، كما يتعلم من خلال اللعب كيف يَعقد علاقات صداقة مع الآخرين.