زراعة النخيل.. فرص عمل متزايدة والعمالة المحلية تتصدر المشهد- فيديو

Untitled-1
شاب يعتني بإحدى أشجار النخيل التي تحتاج إلى أيد عاملة بشكل مستمر في وادي الأردن - (الغد)

 على خلاف بقية الأنماط الزراعية في وادي الأردن، والتي تعزف العمالة المحلية عن العمل بها، لأسباب ترتبط أغلبها بظروفها الصعبة وعدم ديمومتها، يشكل قطاع النخيل، فرصة ثمينة، للشباب والفتيات المتعطلين عن العمل، بعد أن أصبح بالنسبة لهم، أكثر من مجرد محاولة لكسب مؤقت، وإنما ركيزة اساسية للنهوض بالوقع الاقتصادي، وتحسين أوضاع آلاف الأسر في الوادي.      

اضافة اعلان


ومع فرص عمل متزايدة، يوفرها قطاع النخيل بين دائمة وموسمية، يحرص آلاف الشبان والفتيان على اقتناص هذه الفرص، وبذل الجهود لتحصيل أعلى قدر ممكن من الخبرات والمهارات التي يتطلبها العمل في القطاع، حتى أصبحت العمالة المحلية تتصدر المشهد، مع وصول عدد العاملين في مزارع النخيل إلى أكثر من 9 آلاف عامل.    


وقبل طلوع الشمس، يبدأ الثلاثيني شاكر الخنازرة بالتواصل مع افراد مجموعته لينطلقوا الى يوم عمل جديد في مزارع النخيل المنتشرة على امتداد وادي الاردن، مجسدين انموذجا لتحدي الصعاب وكسر حاجز ثقافة العيب.


شاكر الذي تلقى تدريبه في المزارع قبل سنوات، أصبح همزة وصل بين أصحاب المزارع ومجموعة مكونة من حوالي 70 شابا وفتاة، جميعهم يملكون المهارات اللازمة في العمليات التي تحتاجها اشجار النخيل ضمن مواعيد محددة.


يقول شاكر "إن فرص العمل التي يوفرها قطاع النخيل باتت تعد ركيزة أساسية للنهوض بالواقع الاقتصادي للأسر ومواجهة الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها"، مضيفا، "الطلب المتزايد على العمالة الأردنية في قطاع النخيل دفعني لتشكيل مجموعة من الشباب والفتيات معظمهم من الأسر محدودة الدخل للاستفادة من هذه الفرصة التي تعد ذهبية للشباب الأردني".


ويوضح أن "أجرة العامل تتراوح ما بين 9 – 15 دينارا يوميا، وهو مبلغ جيد لشاب أو فتاة في مقتبل العمر، اذ تمكنهم من الانفاق على انفسهم وعوائلهم التي تفتقر بعضها لادنى مقومات العيش"، قائلا "في المقابل فإن وجود عمالة مؤهلة ومدربة وبأجور مناسبة مقارنة بأجرة العامل الوافد يعد غنيمة لأصحاب المزارع".


ولفت، إلى "أن العمل في قطاع النخيل مستمر طوال العام، إذ ينقسم العمل إلى عمليات ما قبل القطاف، وأخرى ما بعده، ولكل منها عمالة متخصصة، إذ تبدأ عملية تلقيح الثمار ما بين شباط (فبراير) وآذار (مارس) ومن ثم عمليات التشويك والتفريد والتربيط والتكييس ما بين نيسان (ابريل) إلى أيار (مايو) وتستمر حتى آب (أغسطس) مع بدء عمليات قطاف الثمار، والفرز والتدريج والتعبئة والتغليف والتي تستمر حتى كانون الأول (ديسمبر)"، لافتا إلى "أن جميع هذه العمليات تعتمد بشكل شبه كلي على العمالة المحلية، جزء منها يختص بالذكور والآخر بالإناث".


ويرى شاكر "أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة والمردود الجيد، وعدم وجود فرص عمل أخرى، عوامل دفعت الشباب والفتيات إلى التوجه للعمل في قطاع النخيل"، قائلا "لم نكن نرى في السابق هذا العدد من الشبان والشابات يعملون في القطاع الزراعي، الاوضاع تغيرت وبات مطلوبا من الشباب بذل المزيد من الجهد على صعيد اكتساب المهارات والالتزام للاستفادة من الفرص الضائعة".


ويؤكد مزارعون أن قطاع النخيل شهد خلال السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا سواء على صعيد المساحات المزروعة أو الإنتاج، الأمر الذي زاد من الطلب على العمالة المدربة والمؤهلة خاصة المحلية.


ويؤكد المزارع المهندس عبدالوالي الفلاحات الى ما حققته زراعة النخيل من نجاحات، وطلب متزايد على المنتجات، أدت إلى اقبال كبير للاستثمار في هذا المجال، ما أبرز الحاجة إلى المزيد من الكوادر العاملة من الشباب والفتيات، لافتا إلى أن الاستثمار في زراعة النخيل آمن وناجح وجدواه الاقتصادية عالية، الأمر الذي انعكس على ديمومة الحاجة إلى العمالة.


العمل في مجال انتاج التمور بحسب الفلاحات يوفر الأمان للعاملين، إذ إن المردود المادي الجيد يسمح للمزارع بدفع المستحقات المالية للعمل في وقتها على العكس من الزراعات التقليدية، التي تشهد عزوفا للعمالة المحلية نتيجة عدم قدرة المزارعين على الوفاء بالتزاماتهم المادية، موضحا أن الآلاف من الشباب والفتيات يعملون في مزارع النخيل في مختلف العمليات الزراعية.


ويؤكد رئيس جمعية التمور الأردنية الدكتور أنور حداد إن قطاع النخيل يوفر ما يزيد على 10 آلاف فرصة عمل ثابتة وليست موسمية، 40 % منها للنساء، لافتا إلى أن القطاع يوفر فرص عمل كبيرة للاردنيين خاصة فيما يتعلق بإنتاج وتسويق التمور، الأمر الذي اسهم بخفض نسب البطالة بشكل كبير.


ورغم ذلك، يشير حداد إلى وجود نقص في الأيدي العاملة التي تمتلك بعض المهارات والخبرات، والتي لا بد من توفرها، وهو ما يتطلب اعادة النظر بالقرارات المتخذة بخصوص العمالة الوافدة، لافتا إلى أن نقص العمالة المتاحة للعمل خلال فترات التلقيح والتفريد والحصاد رفع تكاليف الانتاج لتصل إلى ما نسبته 70 % من اجمالي الكلف.


ويتوقع حداد أن يزداد الطلب على العمالة في هذا القطاع من خلال الزيادة السنوية في المساحات المزروعة والتي تدخل في الانتاج، ووصلت الى أكثر من 45 ألف دونما في جميع مناطق المملكة، بإنتاج وصل الى حوالي 33 ألف طن سنوياً، 80 % منها من تمور المجهول عالية الجودة.


وتؤكد رئيسة جمعية تطوير واعمار وادي الاردن سيرين الشريف أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي طالت الغالبية العظمى من الأسر نتيجة الواقع الاقتصادي الصعب، دفعت بالكثير من الشباب والفتيات إلى القفز فوق حواجز ثقافة العيب والنظرة الاجتماعية النمطية ليصبحوا فاعلين ومؤثرين في مجتمعاتهم.


وتوضح أن مناطق وادي الأردن تعد من أكثر المناطق التي تتفشى فيها ظاهرة  الفقر، ما دفع الجهات المعنية بما فيها مؤسسات المجتمع المدني إلى العمل على تحفيز الشباب للعمل وتوفير البيئة المناسبة لتأمينهم بفرص عمل، بدءا من تدريبهم وتأهيلهم واستثمار قدراتهم لتلبية الحاجة المتزايدة للعمل في قطاع النخيل، قائلة "استطعنا بحمد الله توفير فرص عمل لعدد كبير من الشباب والفتيات وتأمينهم بحافلات لنقلهم من والى اماكن عملهم بالتعاون مع مؤسسة تمكين للمساعدة القانونية."


من جانبه، يؤكد رئيس جمعية التمور التعاونية الزراعية رائد الصعايدة أن عدد العمالة المحلية في قطاع النخيل يزيد على 9 آلاف عامل، بين عمالة دائمة وموسمية، لافتا الى أن الإقبال المتزايد على زراعة النخيل وما يصاحبه من ارتفاع بالإنتاج زاد الطلب على العمالة المدربة والمؤهلة.


ويرى أن قطاع النخيل نجح إلى حد كبير في حل جزء من مشكلة البطالة المتفشية بين الشباب، قائلا "حتى وإن كانت الفرص موسمية إلا أنها أنقذت آلاف الأسر من العوز ما انعكس ايجابا على أوضاعها الاقتصادية خاصة وان العمل يمتد لأكثر من ستة أشهر في العام"، مشيرا إلى أن أي شاب أو فتاة يحصل كل واحد على أجرة تقارب من 15 دينارا يوميا، عدا عن تأمينهم بالمواصلات والطعام والشراب، وهذا أمر جيد للغاية بالنسبة للشباب المتعطلين عن العمل.


ويبين أن الجمعية عملت منذ تأسيسها على تدريب الشباب والفتيات على كافة العمليات الزراعية التي يحتاجها قطاع النخيل كالعمليات المتخصصة بحصاد التمور والآليات المتبعة لذلك، وعمليات ما بعد الحصاد (الفرز والتدريج والتعبئة والتغليف) وفق المعايير المطلوبة، مؤكدا أن ورش التدريب اسهمت بتوفير فرص عمل لعدد كبير من الشباب والفتيات، ما انعكس ايجابا بتعزيز منافسة المنتج الأردني في الأسواق العالمية.